مقترحا القانونين المتعلقين بتحديد الحد الأقصى للأجور والتعويضات ومنع تعددها في الهيئات الترابية والمهنية والمؤسسات الدستورية والإدارية مدخل رئيسي لتخليق الحياة العامة

0 693

يشكل تقديم مقترحي قانونيين، مطلع الأسبوع الجاري، بمجلس النواب حول تحديد الحد الأقصى لمجموع الأجور والتعويضات، والمنافع المالية والعينية الممكن منحها للمسؤولين في مبلغ مليون ومائتي ألف درهم سنويا، ومنع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية، مبادرة من نواب الأغلبية لإنتاج قوانين من شأنها المساهمة في تخليق الحياة العامة والحد من ظاهرة تراكم التعويضات والمهام والمسؤوليات.

ويعكس مقترحا القانونيين اللذين قدمتهما فرق الأغلبية والفريق الاشتراكي بالمجلس أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالمجلس، استجابة لمطلب ملح أصبح يعبر عنه متتبعو الشأن العام والمواطن العادي على حد سواء، بضرورة إعادة النظر في عدد من المقتضيات أو الممارسات التي تطبع تدبير الشأن العام.

ويركز مقترح القانون، الذي قدمته فرق الأغلبية، على تحديد الحد الأقصى لمجموع الأجور والتعويضات بمختلف أنواعها، والمنافع المالية والعينية الممكن منحها للمسؤولين في مبلغ مليون ومائتي ألف درهم سنويا بعد خصم الضريبة على الدخل.

كما يركز على تحديد سقف أقصى للأجور والتعويضات بمختلف أنواعها بما فيها الجزافية، وتحديد سقف اقصى للمنافع العينية والمالية الممنوحة للمسؤولين بالوظائف المدنية في الإدارات العمومية والوظائف السامية التي يتداول فيها المجلس الحكومي والمحددة في الفصل 92 من الدستور.

ويأتي تقديم هذا المقترح من قبل فرق ومجموعة الأغلبية بهدف التخفيف من ثقل كتلة الأجور على ميزانية الدولة والمساهمة في ترشيد النفقات العمومية.

وحسب نص المقترح، فمن شأن اعتماد هذه الإجراءات المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن داخل الإدارة العمومية، وذلك بالقطع ” مع التمييز غير الموضوعي بين مختلف الوظائف والمناصب السامية داخل الإدارات والمؤسسات العمومية مما سيوفر موارد مالية مهمة للخزينة العامة للمملكة”.

أما مقترح القانون القاضي بمنع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية، الذي قدمه الفريق الاشتراكي فيروم المساهمة في محاربة كل المظاهر السلبية والمتناقضة، وتحقيقا لمبادئ الحكامة الجيدة وحسن التدبير، وترشيد النفقات العمومية.

ويهدف هذا المقترح، حسب الفريق الاشتراكي، القضاء على ظاهرة تعدد الأجور أو التعويضات، تحت أي اسم كانت، وذلك بالنسبة لكل أعضاء الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة، ومجلسي البرلمان، وكل الهيئات المشار إليها في الباب الثامن من الدستور.

وفي هذا الصدد، أبرز أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، عبد الحفيظ ادمينو، أن مقترح القانون المتعلق بمنع تعدد الأجور والتعويضات في الهيئات الترابية والمهنية المنتخبة والمؤسسات الدستورية والإدارية يأتي في سياق النقاش العمومي الذي يتوخى تخليق الحياة العامة من خلال الحد من الجمع بين المسؤوليات الانتخابية والمسؤوليات العمومية الأخرى.

وقال الأستاذ ادمينو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء تعليقا على تقديم هذا المقترح، أن هذا النقاش العمومي تمت ترجمته سابقا من خلال القوانين التنظيمية التي تهم الجماعات الترابية والتي نصت مقتضياتها على تقليص عملية الجمع بين المهام والمسؤوليات من خلال مثلا عدم الجمع بين مسؤوليات رئاسة أكثر من جماعة ترابية أو بين رئاسة جماعة ترابية وغرفة مهنية وغيرها.

وأشار إلى أنه على الرغم، أيضا، من التوفر على قوانين تنظيمية أخرى تهم أشغال الحكومة ومجلسي النواب والمستشارين والجماعات الترابية، والتي تحدد حالات التنافي، فقد ظلت هناك مظاهر في هذا المجال، تتمثل، أساسا، في إمكانية الجمع ما بين عضوية مكاتب مختلف الجماعات الترابية وعضوية مجلس النواب، باستثناء رئاسة الجهة، وهو ما يطرح تعدد التعويضات التي يمكن أن يتلقاها شخص واحد في هذا الشأن.

واعتبر الأستاذ الجامعي أن مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الاشتراكي بمجلس النواب يسعى إلى الحد من التعويضات التي يمكن أن يجمع بينها شخص ما في مسؤولية عمومية وأخرى انتدابية أو ما بين المسؤوليات الانتخابية التي تتم عن طريق الاقتراع العام المباشر لتشمل الجمع بين الجماعات الترابية والغرف المهنية والعضوية في البرلمان.

وبخصوص مقترح القانون المتعلق بتحديد سقف أقصى للأجور والتعويضات بالإدارات العمومية والمؤسسات والمقاولات العمومية الذي تقدمت به فرق ومجموعة الأغلبية بمجلس النواب، فقد اعتبره الأستاذ ادمينو آلية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن داخل الإدارة العمومية، مسجلا بالمقابل أن تحديد سقف الأجور هو عادة من اختصاص السلطة التنظيمية.

ويحاول المقترح، يلاحظ الباحث، وضع ضمانات أساسية لإرساء نوع من العدالة الاجرية وبالتالي التخفيف أو عدم التأثير على الميزانية العامة.

وخلص إلى أن النقاش العمومي الدائر داخل المؤسسة التشريعية يعتبر بمثابة “وعي مهم” بأهمية إعادة النظر في عدد من المقتضيات أو الممارسات التي تطبع تدبير الشأن العام والتي “طالما كانت محط انتقاد من قبل مجموعة من التقارير الدولية أو الوطنية والمتعلقة أساسا بعدم المساواة في الأجور وتضخم بعضها، وكذا بعمليات الجمع ما بين التعويضات والأجور في الإدارات العمومية”.

قد يعجبك ايضا

اترك رد