البيان الختامي الصادر عن اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، المجتمعة في دورتها التاسعة بعد المؤتمر الوطني الحادي عشر، دورة “دعم الحركات الاجتماعية” تحت شعار: “أوقفوا محاكمات نشطاء الحركات الاجتماعية، أطلقوا سراح المعتقلين السياسيين”

0 487

التأمت اللجنة الإدارية، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في دورتها التاسعة بعد المؤتمر الوطني الحادي عشر، يوم السبت 7 أبريل 2018 بالرباط؛ بعد يومين من حلول الذكرى الثامنة لرحيل أحد مؤسسي الجمعية وبناة مبادئها وخطها الكفاحي، المناضل الفقيد محمد بوكرين. وهو اللقاء الذي انعقد تحت اسم “دورة دعم الحركات الاجتماعية”، واختير له كشعار: “أوقفوا محاكمات نشطاء الحركات الاجتماعية، أطلقوا سراح المعتقلين السياسيين”؛ تأكيدا منه على تصميم الجمعية على أداء رسالتها في الدفاع عن حقوق الإنسان والنهوض بها والتربية عليها ونشر ثقافتها وقيمها الكونية والشمولية، والتواجد الميداني النضالي إلى جانب كل القوى المدافعة عن حق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي، والحركات الاجتماعية المنتفضة من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنات والمواطنين، وضد التهميش والتفقير والحكرة والقمع والاعتقال السياسي والتعذيب والمحاكمات الجائرة.

وتوقف الاجتماع عند مميزات وأحداث الفترة الفاصلة بين الدورتين الثامنة والتاسعة للجنة الإدارية، وبالخصوص تخليد ذكرى مرور سبع سنوات على انطلاق حركة 20 فبراير، وما زرعته شعاراتها ومطالبها النبيلة من آمال وتطلعات نحو القطع مع الاستبداد والفساد، وإرساء أسس مجتمع الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية. كما سجّل توسّع النضالات والحركات الاحتجاجية في العديد من المناطق، كالريف وزاكورة وطانطان واوطاط الحاج وسوق السبت واولماس وبويزكارن ودوار الكرعة بالرباط…وجرادة، واجهتها الدولة بالتجاهل والالتفاف على مطالبها، وبقمعها والاعتداء عليها واختلاق أحداث للانقضاض عليها، واعتقال نشطائها؛ والبحث عن مشجب لتعليق فشلها في إيجاد الحلول لمشاكل المواطنين، كاتهام بعض الهيئات والمناضلين والمناضلات، واجترار أسطوانة خدمة الأجندات الخارجية وإشعال الفتن، وهي في الحقيقة صورة مغلّفة لتجريم النضال ونقد السياسات الحكومية.

وتميزت الفترة باستمرار المحاكمات بالحسيمة والرباط والدار البيضاء وسلا لنشطاء حراك الريف، وبوجدة لنشطاء حراك جرادة، نطقت فيها محكمة الحسيمة بأحكام قاسية وخيالية في حق العديد ممن كانوا متابعين أمامها، وعرفت جلسات المحكمة الجنائية بالدار البيضاء تصريحات خطيرة حول الفظاعات التي تعرض لها المعتقلون أثناء توقيفهم وحين ترحيلهم ولدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وهي التصريحات التي تزيد من تأكيد تقرير خبراء المجلس الوطني عند بداية المحاكمات، وتفضح الممارسة الممنهجة للتعذيب كأسلوب للانتقام من المناضلين، ووسيلة لانتزاع الاعترافات والتوقيع على المحاضر، الذي طالما حاولت الدولة التقليل من حدّته… وكيل الاتهام للجمعيات والمنظمات الوطنية والدولية التي عملت على فضحه…

وبعد استعراضها لواقع حقوق الإنسان والسمات المميزة له دوليا وجهويا ووطنيا، واطلاعها على الوثائق المعروضة عليها ومناقشتها، خلصت اللجنة الإدارية إلى ما يلي:

بخصوص الظروف التي انعقد فيها اجتماع اللجنة الإدارية فقد تميزت ب:

على المستوى الاقليمي والدولي:

تصعيد الكيان الصهيوني، بدعم من الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، ومباركة من الأنظمة الاستبدادية والرجعية الخائنة بالمنطقة، من عمليات تقتيل الشعب الفلسطيني وتشريده والاستيلاء على أرضه وخيراته، وتدمير مآثره وتاريخه؛

تهديد الإمبريالية العالمية للأمن والسلم العالميين، وتحرشها بالدول والحركات الخارجة عن سيطرتها بالمنطقة العربية والمغاربية، وتدخلها السافر ضد حق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي، بدعم الأنظمة الاستبدادية وتشتيت النضالات الشعبية، وتفتيت وحدة الشعوب والبلدان، حماية لمصالحها وإدامة لسيطرتها على خيرات المنطقة وثرواتها؛

توسع مجالات التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفسح الدولة المغربية المجال لتغلغل العملاء الصهاينة وسط النشيج المجتمعي المغربي تحت غطاءات متعددة كالأنشطة الفلاحية والثقافية والرياضية واللعب على مفهوم ملغوم للمكون العبري اليهودي بالمغرب … لتمرير خطاب صهيوني يعمل على فك الارتباط الشعبي بالقضية الفلسطينية وقضايا شعوب المنطقة.

على المستوى الوطني:

– فشل سياسات وخيارات الدولة الاقتصادية والاجتماعية المملاة من الدوائر المالية الإمبريالية، وتفشي اقتصاد الريع، ونهب المال العام، والسطو على الأراضي الجماعية، وتحايل قانون المالية لسنة 2018 لتمكين إحدى كبريات المجموعات الاقتصادية بالمغرب من الإفلات من الضرائب على عملية ضخمة لبيع أسهم إحدى شركاتها؛ كل ذلك في ظل الإفلات من العقاب؛ وفي مقابل الاحتجاجات الشعبية والاحتقان الاجتماعي المتزايد، الذي تواجهه الدولة باعتماد المقاربة الأمنية وقمع المظاهرات؛ مخلفة المئات من المعتقلين السياسيين وعدد غير مسبوق من المتابعين أمام القضاء من نشطاء حقوقيين ومحامين وإعلاميين ومدوّنين ضمنهم العديد من الأطفال …..، وإصدار أحكام جائرة وقاسية في حقهم، عقابا لهم على ممارسة حقهم في الاحتجاج السلمي؛

– تمادي الدولة في هجومها العدواني على الحركة الحقوقية، وعلى الحريات والحقوق ببلادنا؛ واحتقارها للقوانين والأحكام القضائية، الصادرة ضد قراراتها التعسفية والسلطوية، برفض تسلم ملفات، أو تسليم وصولات الإيداع لمكاتب العديد من فروع الجمعية وجمعيات وهيئات نقابية وسياسية أخرى؛

– استمرار الدولة في الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، بالتخلي عن دعم المواد الاستهلاكية الأساسية، والرفع من الضريبة على الاستهلاك والدخل والممتلكات، مقابل المزيد من الإعفاءات الجبائية والامتيازات الضريبية للشركات، وتلكؤ السلطات في صون الحقوق الشغلية للعمال، وحمايتهم من الطرد التعسفي، وتواطؤها العلني مع أرباب العمل؛

– التدهور المتزايد للأوضاع في المستشفيات العمومية والمراكز الصحية، وما تعرفه الساحة من احتجاجات للأطباء والممرضين والتقنيين ومختلف العاملين بالمستشفيات العمومية؛

– الإصرار على المصادقة وإصدار القانون 103-13 “لمناهضة العنف ضد النساء”، ضدا على مطالب واقتراحات الحركة الحقوقية والنسائية في الموضوع، استمرارا لتسييد التمييز القائم على أساس الجنس، بدل الإسراع بالانتقال نحو مجتمع المساواة التامة في الحقوق؛ وهو ما تؤكده الممارسات والجرائم المنتهكة للحقوق الإنسانية للنساء، وتفشي كل أشكال العنف ضدهن. وما الحوادث المؤلمة والوفيات المتكررة للنساء الحوامل واللواتي يمارسن التهريب المعيشي أو المشتغلان في الحقول والمعامل إلا مظهر مؤلم من مظاهر السياسات الحكومية في المجال.

– تفشي حوادث الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على الأطفال، حيث أضحى الاغتصاب موضوعا لكل الجرائد والمجلات والمواقع الإخبارية بشكل يومي، وبمظاهر بشعة؛ وهو ما يستوجب الانكباب الجدي لوضع حد له وإيجاد السبل الكفيلة بحماية الضحايا من الاستهتار بهم وبأعراضهم وأجسادهم، في ظل عجز الدولة عن بلورة وتطبيق خطة ناجعة لحماية الطفولة؛

– تكرار حوادث الشغل وحوادث نقل المستخدمين والعمال، وتسببها في العديد من الموتى والجرحى كما حدث في كل من طنجة فجر يوم السبت 17 فبراير 2018 وبيوكرى يوم الثلاثاء 27 فبراير وغيرها من المناطق…

– إقدام الدولة على اعتقال للاجئ السياسي بفرنسا، عضو فرع الجمعية بباريس، الرفيق زين العابدين الراضي، الذي يقع تحت الحماية القانونية بمنظور الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب….

واستنادا عليه، فإن اللجنة الإدارية تعلن ما يلي:

– تثمينها لعمل الجمعية في الفروع المحلية والجهوية وعلى المستوى المركزي، في مجال الدفاع على حقوق الإنسان وحمايتها والنهوض بها ونشر ثقافتها وقيمها الكونية، رغم تصاعد التضييق والحصار؛ واعتزازها بعمل الفروع في مجال التضامن والمؤازرة للمواطنات والمواطنين ولمطالبهم المشروعة، وللمعتقلين السياسيين وعائلاتهم؛

– تأكيدها على المزيد من التعبئة للتصدي للانتهاكات، ومواجهة أعداء حقوق الإنسان وفضح ممارساتهم العدوانية، والاستمرار في العمل على تقوية الذات الداخلية للجمعية من أجل تحسين أدائها النضالي وفعلها الحقوقي، والاستعداد لعقد المؤتمر الوطني الثاني عشر في موعده المحدد، وإنجاح أشغاله، وفرز القيادة المقبلة القادرة على مواجهة التحديات والإكراهات؛ وهو ما يتطلب التعبئة لجعل سنة 2018 سنة للتكوين الداخلي وتمكين المناضلات والمناضلين للقيام بمهامهم الحقوقية في مجالي النهوض والحماية لنشر وإشاعة ثقافة وقيم حقوق الإنسان وسط مختلف الشرائح المجتمعية خاصة الشباب منهم والتلاميذ والطلبة، وللدفاع عن ضحايا الخروقات والانتهاكات ومؤازرة المعتقلين السياسيين ومتابعة المحاكمات وإصدار التقارير بخصوصها وبخصوص الوضعية الحقوقية بشكل عام من أجل تحسين محتوى تقارير الجمعية؛

– تنديدها بالتعذيب الذي تعرض له المعتقلون على خلفية الحراكات الشعبية، وبالخصوص ما بسطه قادة حراك الريف أمام هيئة المحكمة بالدار البيضاء من فظاعات مورست عليهم أثناء التوقيف أو الترحيل أو التحقيق بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، شملت شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، كالاغتصاب والاعتداء بالضرب والشتم والسب والتهديد باغتصاب الأقارب…..، واستغرابها لتهرّب الوزراء المعنيين من مسؤولياتهم في وضع حد لهذه الجرائم والتحقيق فيها وتقديم مرتكبيها للمساءلة والمحاكمة…؛

– تأكيدها على مشروعية الاحتجاجات المتنامية في العديد من المناطق كالريف وجرادة وزاكورة وإميضر وأولماس وأغبال وتاكزيرت وطانطان ويويزكارن، ودوار الكرعة بالرباط … وغيرها، وهي نتيجة موضوعية للسياسات العمومية المتجاهلة لحاجيات المواطنات والمواطنين؛ وأن معالجتها يمر حتما عبر فتح حوار جدي مع المحتجين، والاستجابة لمطالبهم المشروعة، بمراجعة سياسات الدولة والكف عن الإذعان لتوصيات وإملاءات الدوائر المالية الإمبريالية، وتسطير برامج وسياسات تستجيب لحاجيات المواطن الملحة، وإطلاق سراح معتقلي الحركات الاحتجاجية وإسقاط التهم والمتابعات عنهم، واحترام الحق في التنظيم والتظاهر السلمي؛

– تأكيد الجمعية على راهنية التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وعلى ضرورة النضال الوحدوي والعمل المشترك، لكل القوى الديمقراطية والمناضلة على قاعدةالميثاق الوطني لحقوق الإنسان في صيغته المحينة التي حصل إجماع الحركة الحقوقية الوطنية على مضمونها وتوجهاتها، كأرضية لمواجهة التراجعات في مجال الحقوق والحريات، وصد الهجوم العدواني على الحركة الحقوقية والديمقراطية وحقها في التنظيم والتجمع، والنضال من أجل تطلعات وآمال وحاجيات المواطنات والمواطنين، ومجتمع ديمقراطي، يضمن كافة حقوق الإنسان للجميع؛

– استنكارها لحملة التضييق على النشطاء الحقوقيين والسياسيين والنقابيين والصحفيين والمحامين؛ حيث تجري اعتقالات ومحاكمات واستدعاءات عديدة لمناضلين ومناضلات ونشطاء في الحركات والمواقع الاجتماعية، بسبب دعمهم لنضالات المواطنين، والتعبير عن آرائهم ومواقفهم من النضالات الشعبية والسياسات الحكومية وممارسات السلطات الأمنية والقضائية: استدعاء ومتابعة الرفيق محمد نايت اورجدال رئيس فرع الجمعية بالجديدة، والرفيق مصطفى منصور رئيس فرع الجمعية بزايو، والرفيق عبد الكريم المسلم رئيس فرع الجمعية بخنيفرة، والرفيق مصطفى خطار رئيس فرع الجمعية بتاهلة وحميد البوزياني عضو مكتب نفس الفرع، والرفيق محمد حلحول الرئيس السابق لفرع الجمعية بالمضيق واحمد البياري عضو نفس الفرع بملفات ملفقة ومفبركة وشكايات كيدية، فيما تم الحكم بالسجن على محامي معتقلي حراك الريف الأستاذ عبد الصادق البوشتاوي…

اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان

الرباط في 07 أبريل 2018

قد يعجبك ايضا

اترك رد