المغرب- غينيا.. نحو التأسيس لشراكة استراتيجية حقيقية بين البلدين الشقيقين

0 428

تشكل زيارة العمل والصداقة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لجمهورية غينيا، تجسيدا جديدا للرؤية الملكية المستنيرة الرامية إلى تعزيز العلاقات الثنائية والتأسيس لشراكة استراتيجية حقيقية بين محور الرباط – كوناكري، وذلك في إطار مبدأ التعاون جنوب- جنوب المربح لكلا الطرفين.

وتكرس هذه الزيارة، الثانية من نوعها لهذا البلد الغرب إفريقي بعد تلك التي قام بها جلالته إلى كوناكري في مارس 2014، مبادئ التنمية المشتركة والتضامن اللامشروط مع بلدان القارة، والتي ما فتئ يحث عليها جلالة الملك منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، بما ينسجم تمام الانسجام مع ميثاق الصداقة والتضامن الفاعل الذي نسجت أواصره بين المملكة المغربية وجمهورية غينيا على يدي كل من المغفور لهما الملكين محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما وكل من الرئيسين الراحلين أحمد سيكو توري ولانسانا كونتي.

وتأتي هذه الزيارة الميمونة لتعزيز الرؤية الملكية للتعاون جنوب- جنوب الثابت ومتعدد الأبعاد، ولقارة إفريقية قادرة على تنمية نفسها بنفسها وتغيير مصيرها بيديها، وبناء مستقبل متضامن وآمن لأبنائها، وذلك بفضل العزم الراسخ لشعوبها وطاقاتها البشرية ومواردها الطبيعية.

كما تندرج زيارة جلالة الملك لجمهورية غينيا في إطار التشاور الدائم بين قائدي البلدين حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وأيضا حول القضايا الإفريقية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وسبق أن تجلى هذا التشاور والتنسيق رفيعي المستوى في المحادثات الثنائية التي أجراها جلالة الملك والرئيس ألفا كوندي في 16 نونبر 2016 بمراكش، وذلك بمناسبة “قمة العمل الإفريقية” التي انعقدت على هامش مؤتمر “كوب 22″، وفي 29 يناير 2017 بأديس أبابا، إلى جانب المحادثات التي جمعت القائدين خلال زيارة جلالة الملك لغينيا في مارس 2014، وهي الزيارة التي كانت ناجحة بجميع المقاييس.

وبالفعل، فقد توجت الزيارة الملكية لكوناكري سنة 2014، بالتوقيع على 21 اتفاقية للتعاون بين البلدين في مختلف الميادين، إلى جانب التوقيع على اتفاقية تعاون بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب وهيئة أرباب العمل في غينيا تروم تبادل الخبرات والمعلومات بين اتحادي رجال الأعمال بهدف تشجيع الاستثمارات في البلدين، فضلا عن إعطاء انطلاقة عدة مشاريع عقارية تهم بناء ثلاث مركبات سكنية من 3000 مسكن بجماعة ماطام بكوناكري، وتدشين “مطاحن إفريقيا” بجماعة ماتوتو التي تبعد بحوالي 20 كلم عن كوناكري.

وخلال الزيارة ذاتها، جمعت جلالة الملك والرئيس ألفا كوندي مباحثات على انفراد شكلت مناسبة سانحة للتعبير عن ارتياحهما لعلاقات الصداقة والتعاون التي جمعت على الدوام بين البلدين، مجددين تأكيدهما على إرادتهما تعزيزها وتعميقها وتوسيعها في مختلف المجالات وتوطيد العلاقات الثنائية وإرساء شراكة بينهما.

وتجدر الإشارة إلى أن الزيارة الملكية لكوناكري تأتي عقب العودة المظفرة للمغرب إلى موقعه الطبيعي ضمن الاتحاد الإفريقي، والتي كانت تتويجا للجهود الحثيثة التي بذلها على مستوى عدد من بلدان القارة، لاسيما في مجالي التنمية البشرية والاقتصادية المستندة على مبدأ تقاسم الخبرات والمنفعة المشتركة.

وبوسع غينيا، البلد ذي الأهمية البالغة على مستوى منطقة غرب إفريقيا، والذي طالما قدم دعمه اللامشروط للمغرب في قضاياه العادلة، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، أن يعول على دعم ومساندة الرباط له في عملية بناء المؤسسات الديمقراطية وخلق الثروات والاستغلال الأمثل لفرص الاستثمار والنمو.

فغينيا، التي باشرت بنجاح مسار إعادة البناء الاقتصادي بعدما ركزت جهودها في السنين الأخيرة على تعزيز المؤسسات الديمقراطية، في حاجة إلى تضامن أصدقائها للدفع باقتصادها قدما نحو الأمام وتحسين الظروف المعيشية لساكنتها وتوطيد دعائم الاستقرار السياسي بها.

وإذا كان المغرب، قد راهن بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على منح الأولوية للقارة الإفريقية في سياسته الخارجية، فإن هناك دولا إفريقية بعينها، ومن بينها جمهورية غينيا، تعكس بجلاء هذا الخيار الاستراتيجي المتبصر، لتصير بذلك نموذجا للشراكة الحقيقية والتعاون الفعال جنوب- جنوب، الذي يجد ترجمته من خلال مبادرات وتدابير ملموسة وعملية.

والأكيد أن الزيارة التي يقوم بها جلالة الملك لجمهورية غينيا، والتي تسطر بماء من ذهب صفحة أخرى في سجل العلاقات القائمة بين البلدين، ستمكن من تعزيز البعد الجديد لالتزام المغرب إلى جانب إفريقيا، الالتزام التي تعد سمته البارزة دعم جهود التنمية وتعزيز الشراكة رابح – رابح التي تستشرف مستقبلا أفضل.

قد يعجبك ايضا

اترك رد