رياضة الأرجنتين خلال 2016 .. فرحة المضرب تلملم جراح الكرة

0 1٬566

تقاسم الحزن والفرحة قلوب الأرجنتينيين خلال السنة التي توشك على الانصرام، بعد نكسة عاشتها كرة القدم الوطنية لم تخفف من وطأتها سوى عودة كرة المضرب للواجهة وتحقيقها لنتائج لم تدر بخلد حتى أصحابها.

فلم يكن هينا على الأرجنتينيين خلال العام الجاري خسارة النهاية الثانية على التوالي لبطولة كوبا أمريكا لكرة القدم التي احتضنتها الولايات المتحدة في شهر يونيو الماضي وأمام نفس الخصم، المنتخب الشيلي، وهم الذين كانوا يمنون النفس بلقب يضع حدا لـ23 سنة عجفاء خسر خلالها منتخب التانغو ست نهايات كروية.

فمنذ تتويجها بلقب كوبا أمريكا لسنة 1993 على حساب المكسيك، خاضت الأرجنتين ستة عشر منافسة رسمية تأهلت لسبع نهايات منها وخسرت جميعها، بدءا بكأس الملك فهد (كأس القارات حاليا) سنة 1995 أمام الدانمارك، بطل أوروبا آنذاك، ومرورا ببطولة كوبا أمريكا مرتين متتاليتين أمام البرازيل (2004 و2007) وكأس القارات أمام السيليساو أيضا (2005) والمونديال الأخير بالبرازيل، ووصولا إلى النسختين الأخيرتين من كوبا أمريكا أمام الشيلي.

فقد استبدت الخيبة الكروية هذه السنة بالأرجنتينيين، لكن ليس أكثر مما استبدت بطموح أبرز لاعبيهم، المهاجم ليونيل ميسي، ورقتهم التي طالما راهنوا عليها في السنوات الأخيرة من أجل طرد النحس وبلوغ منصة التتويج، تماما مثلما اسدل ميسي نفسه لحيته خلال كوبا أمريكا الأخيرة كي يظهر بمظهر جديد، تيمنا لعله يطرد لعنة النهايات التي تلاحق منتخب بلاده .. هكذا قال.

لكن عبثا فعل نجم الكرة الأرجنتينية وبرشلونة الإسباني، فدفعه توالي الخيبات إلى إعلان اعتزاله اللعب للمنتخب كرد فعل عقب خسارة لقب كوبا أمريكا الصيف الماضي، قبل أن يعدل عن قراره لاحقا، بعدما تعالت الأصوات المطالبة بذلك لعل القادم بعد عامين بروسيا يكون أفضل.

ووسط هذه الخيبة، لم يكن الاتحاد الأرجنتيني، في ظل الأزمة الإدارية والمالية التي يعيشها منذ شهور، والتي دفعت الاتحاد الدولي للعبة إلى تعيين لجنة تسوية للإشراف على الهيئة الكروية الأرجنتينية، سوى تلك الشجرة التي تخفي غابة الأزمة الكروية الأرجنتينية خلال سنة 2016، إذ استمر الخلاف بين اتحاد يقول إنه أغدق على أندية بدعم مالي كبير لم يحقق المنتظر ويرغب في تغيير صيغة الدوري المحلي بشكل يعيد تنظيم توزيع عائدات حقوق البث التلفزيوني وتقليص عدد الفرق بالقسم الأول، وبين أندية تشتكي ارتفاع مديونيتها وقلة الموارد وتتبادل اتهامات الإضرار بمستوى الدوري المحلي.

وقد دفعت هذه الأزمة الإدارية والمالية للاتحاد الأرجنتيني مدرب المنتخب، طاطا مارتينو، إلى تقديم استقالته غداة الخسارة أمام الشيلي وعشية انطلاق منافسة كرة القدم في دورة الألعاب الأولمبية التي احتضنتها ريو دي جانيرو البرازيلية الصيف الماضي، منافسة عاد منها الأولمبيون الأرجنتينيون بخفي حنين بعدما ودعوها مبكرا.

لكن، خلال سنة 2016، كان للأرجنتينيين من الفرحة نصيب أيضا، منحتهم إياه كرة المضرب هذه المرة. إذ عاشوا على وقع انتصارات ملحمية حققها العائد من الإصابة، خوان مارتن ديل بوترو، خلال دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة بالبرازيل، والتي قادته إلى المنافسة على الذهب، وخوض المباراة النهائية للعبة أمام البريطاني آندي موراي.

وعلى الرغم من خسارته لهذه المباراة، فإن اللاعب، وهو المصنف حينها في المرتبة 144 عالميا بعدما كان الرابع في وقت سابق، اي قبل غيابه عن الملاعب بسبب عملية جراحية في رسغ اليد، استطاع أن يدخل فرحة غير منتظرة، على عكس فرحة كروية منتظرة لم تتحقق، إلى قلوب الأرجنتينيين، بدأت منذ إقصائه للصربي نوفاك دجوكوفيتش، من الدور الأول من المنافسة الأولمبية.

ولم يأبه حينها الأرجنتينيون لخسارة المباراة النهائية، أي خسارة الميدالية الذهبية، كثيرا، بعد أن اعتبروا أن الوصول إلى آخر مشوار المنافسة الأولمبية إنجازا في حذ ذاته، تحقق على يد لاعب خرج من تحت الرماد.

وحتى يرد على جميل الاعتراف بجميل آخر، واصل ديل بوترو منذئذ على درب الاجتهاد والإصرار إلى أن قاد منتخب بلاده أواخر الشهر الماضي إلى التتويج للمرة الأولى في تاريخها بلقب بكأس ديفيس لكرة المضرب، وجاء على حساب كرواتيا.

ديل بوترو، بطل فلاشينغ ميداوز الأمريكية لسنة 2009، انتقم لنفسه من أندي موراي بعدما أخرجه من نصف نهاية بطولة كأس ديفيس الأخيرة بزغرب وساهم في صنع الحدث بكرة المضرب، إذ يتعلق الأمر باللقب الاول للأرجنتين في تاريخ هذه البطولة بعد ان خسرت أربع نهائيات سابقة سنوات 1981 و2006 و2008 و2011.

هكذا، إذن، انست كرة المضرب الأرجنتينيين خيبة كرة قدم هذه السنة. لكن، لا شيء ولا أحد سيشفع لميسي واصدقائه خلال السنة المقبلة إن لم تسلم جرتهم خلال تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لمونديال روسيا، فراقصو التانغو تهاونوا فيما مضى من المباريات وجعلوا بطاقة التأهل تبدو صعبة المنال.

قد يعجبك ايضا

اترك رد