مدريد تقرر أمام إصرار الحكومة المحلية لكتالونيا على انحرافها ” استعادة النظام الدستوري ” بالإقليم

0 671

أخذ الوضع السياسى فى كتالونيا اليوم الجمعة منعطفا غير مسبوق بعد تصويت البرلمان الجهوي للإقليم على الاستقلال أحادي الجانب لهذه المنطقة في خطوة لم تزد الحكومة المركزية الإسبانية إلا تصميما وإصرارا على المضي قدما في إجراءات ” استعادة النظام الدستوري ” الذي انتهكه دعاة الانفصال الكتالانيين .

ورغم النداءات المتكررة التي وجهتها الحكومة المركزية الإسبانية للسلطات الكتالونية من أجل التخلي عن مشروعها الانفصالي فإنها لم تول أي اهتمام لهذه النداءات واستمرت في انتهاك النظام الدستوري والقوانين التشريعية التي تؤطر الحكم الذاتي الذي تتمتع به المنطقة وذلك بهدف تكريس ما يدعى ب ” المسلسل السيادي ” على أرض الواقع .

والأسوأ من ذلك أن هذه الدعوة المنحرفة للانفصال وما رافقها من قرارات ومواقف غير مشروعة قد ألحقت كلها أضرارا بليغة بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمنطقة كتالونيا كما تسببت في تدهور عميق لمبادئ العيش المشترك والرفاه الاجتماعي وكذا النمو الاقتصادي مع خلق حالة من الارتباك والبلبلة والخوف وعدم الثقة بهذه الجهة .

ولتصحيح هذا الوضع اعتمدت الحكومة الاسبانية خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الوزراء يوم السبت الماضي قرارا لتفعيل الفصل 155 من الدستور بهدف ” استعادة النظام الدستوري” في كتالونيا كما قامت في نفس اليوم برفع حزمة الإجراءات والتدابير التي تعتزم تطبيقها في هذا الإطار إلى مجلس الشيوخ ( الغرفة العليا للبرلمان ) من أجل الموافقة عليها وهو ما تم اليوم الجمعة حين صادق المجلس خلال جلسة عمومية على هذه الإجراءات التي سيتم تنفيذها في إطار احترام الالتزامات الدستورية ومن أجل حماية الصالح العام .

ويعتبر فقهاء القانون الدستوري أن الفصل 155 من الدستور الذي تم تفعيل بنوده ودخل حيز التطبيق اليوم الجمعة يشكل ضمانة للدولة من أجل ممارسة رقابة استثنائية على المناطق والجهات التي تتمتع بالحكم الذاتي خاصة في مجال الدفاع عن المصلحة العليا للبلاد .

ويتطلب هذا الفصل الدستوري شرطين لتطبيقه يتمثل الأول في عدم وفاء الجهة أو الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي بالتزاماته الدستورية والقانونية بينما يتحدد الشرط الثاني في تهديد القرارات والمواقف التي يتخذها هذا الإقليم أو الجهة بشكل خطير المصلحة العليا لإسبانيا .

. وفي حالة إقليم كتالونيا فقد تحقق الشرطان معا فمن جهة أولى لم تحترم السلطات المحلية بهذا الإقليم الشرعية التي ترتكز عليها أسس الديموقراطية كما لم تولي الاهتمام الواجب للمصلحة العامة للبلاد وهو ما فرض على الحكومة المركزية الإسبانية مواجهة هذا التحدي الانفصالي بإقليم كتالونيا عبر اعتماد حزمة من الإجراءات والتدابير .

ولهذه الغاية أعطى مجلس الشيوخ موافقته للحكومة الإسبانية من أجل إقالة رئيس الحكومة المحلية لإقليم كتالونيا كارليس بيغدومنت ونائبه أوريول جونكيراس بالإضافة إلى إقالة مجموع المستشارين ( الوزراء ) كما سمح لمدريد بالحد من مهام البرلمان المحلي الكتالاني والإشراف المباشر على مراقبة الشرطة الكتالانية ( موسوس ديسكوادرا ) مع الدعوة إلى انتخابات مبكرة تقرر إجراؤها على صعيد المنطقة في مدة أقصاها ستة أشهر .

وسيتم تعويض هؤلاء المسؤولين في تدبير المهام والوظائف التي كانوا يتحملونها بهيئات وسلطات سيتم تعيينها أو إحداثها من طرف الحكومة المركزية الإسبانية .

كما سيمارس رئيس الحكومة المركزية سلطاته وصلاحياته في حل البرلمان الجهوي والدعوة إلى انتخابات مبكرة في حين ستعمل إدارة ( الجينيراليتات ) وفقا للمبادئ التوجيهية التي ستضعها الهيئات والسلطات التي ستعينها أو تحدثها الحكومة الإسبانية لهذا الغرض .

وفي سياق مثل هذا ونظرا للطابع الحساس والخاص جدا لهذا الوضع الذي وجدت الحكومة المركزية الإسبانية نفسها تواجهه سيتم اعتماد تدابير خاصة في بعض القطاعات كالأمن وتكريس النظام العام والتدبير الاقتصادي والمالي والضريبي وكذا في ميدان إدارة الميزانية والاتصالات السلكية واللاسلكية .

وستكون هذه الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة ” المسلسل الانفصالي ” مؤقتة وتدريجية كما ستتم ملاءمتها أولا بأول مع سيناريو تطور الأحداث .

وتروم هذه الإجراءات في مجملها ضمان عمل حكومة تتمتع بالاستقلال الذاتي في إقليم كتالونيا في احترام تام للمبادئ والأسس والقوانين وكذا للقواعد التشريعية التي تخضع لها وهي الدستور الإسباني ونظام الحكم الذاتي في المنطقة .

وعلى كل فإن هذه الإجراءات لا يقصد منها الحد من الحريات ولكن ضمان الحقوق عبر الاستجابة لأربعة أهداف رئيسية هي استعادة الشرعية الدستورية والقانونية وضمان حياد المؤسسات مع الحفاظ على الخدمات العامة والنمو إلى جانب حماية حقوق وحريات جميع السكان بمنطقة كتالونيا .

وستظل هذه الإجراءات والتدابير سارية المفعول إلى حين تولي الحكومة المحلية الجديدة للإقليم التي ستنبثق عن الانتخابات التي سيتم تنظيمها لهذه الغاية .

قد يعجبك ايضا

اترك رد