موسم أصيلة الثقافي الدولي 39 …الاحتفاء بالذكرى العشرين لصدور مجلة الأدب العربي الحديث “بانيبال”

0 675

تم أمس الخميس بأصيلة ، في إطار جامعة المعتمد بن عباد الصيفية (الدورة 32)، الاحتفاء بالذكرى العشرين لصدور مجلة الأدب العربي الحديث “بانيبال” التي يصدرها من لندن كل من الكاتب الصحفي العراقي صموئيل شمعون والمستعربة البريطانية مارغريت أوبانك، بحضورهما إلى جانب عدد من المستشرقين والمتخصصين في الترجمة والأدباء من أصدقاء المجلة. وفي كلمة بالمناسبة، قال السيد محمد بن عيسى أمين عام منتدى مؤسسة أصيلة ، التي نظمت هذا الاحتفاء ضمن فقرات الدورة ال39 لمنتدى أصيلة الثقافي الدولي التاسع والثلاثين (7-25 يوليوز)، إن مجلة “بانيبال” تعد “منتوحا ثقافيا رائدا ومتفردا، يثمنه كل غيور ومتفائل بمستقبل الثقافة العربية، وقدرتها على الانفتاح على فكر الآخر والتحاور مع ثقافته، فتغتني منه ضمن عملية إخصاب متبادل دون أن تذوب فيه “. وأضاف السيد بن عيسى أن “ما تضطلع به أسرة تحرير بانيبال تتمة لمشاريع الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية، رسخت القناعة عند ناشري ومؤسسي بانيبال أن الأدب العربي ، وخاصة السردي والشعري، بلغ مرحلة النضج، وأصبح قابلا وجديرا بالترجمة إلى اللغة الإنجليزية الأكثر انتشارا وتأثيرا وتداولا في عالمنا المعاصر “.

واعتبر أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة هذا الاحتفال “دعما رمزيا من مؤسسة فكرية، راهنت منذ انطلاقها قبل حوالي أربعة عقود على أهداف متقاربة في الانفتاح على الآخر، والتواصل بل والاشتباك معه، عبر كل الوسائل الثقافية الممكنة” ، مضيفا انه ” لا غنى لنا وللثقافة العربية عن نوافذ كبيرة مشرعة على العالم الآخر، شرقه وغربه، نستنشق فيها نسماته ونتبادل معهما الأخذ والعطاء “. من جهته، لخص الشاعر والروائي محمد الأشعري ، في كلمة تليت بالنيابة عنه، إنجازات مجلة بانيبال في تقديمها نصوصا وتجارب مرتبطة بسياقاتها التاريخية “فرصدت التحولات، وواكبت ميلاد أصوات واتجاهات وحساسيات، والتقطت الأصوات االمغردة خارج السرب، ونبشت في أدب الهامش والظل، وانتبهت لبزوغ الأجيال الجديدة”، وقال “لذلك من الممكن اعتبار بانيبال سجلا حيا لتاريخنا الثقافي والاجتماعي في العشرين سنة الماضية “.

وأضاف الأشعري أن الإنجاز الثاني يتمثل في محاولة المجلة تقديم وجه العالم العربي ” المتواري خلف النمطية السائدة وخلف خراب المرحلة ، وجه الأدب المحتفي بالجمال والحياة والحرية”، فيما يتمثل الإنجاز الثالث في أن السجل الثقافي للمجلة “ساهم بالفعل في إدراك عدد من القراء الأجانب لخصوصيات الأدب العربي ، وأيضا لارتباطه الوثيق بالأفق الكوني، على المستويين الجمالي والأخلاقي، ولكنه كان في نفس الوقت موجها للداخل في نوع من الدعوة إلى تأمل إبداعنا في مرآة الآخرين، وإلى الاقتناع الدائم بأننا لا ننتج لأنفسنا إلا ما نعبر عنه نحو الآخر “.

وجاء في مداخلة للروائي أحمد المديني، معنونة ب” شهادة عن صمويل بن بانيبال شمعون أوبانك”، أن مشروع بانيبال، الذي انطلق منذ سنة 1998، هو “الثمرة الطيبة” من لقاء مارغريت أوبانك وصمويل شمعون و”فاكهة لقاء بين لغتين وثقافتين في الحديقة الغناء للمثاقفة، وهل أفضل من الترجمة، من تلاقح اللغات والأصوات الإبداعية لغة لها”.

وأضاف المديني قائلا “الحق أن شمعون أتى بالمدهش والمثير في عمله البكر واليتيم” (عراقي في باريس)، مشيرا إلى أن ” لشمعون تربة غنية وحياة موتورة، وافرة المصادر ومشتبكة التفاصيل، وعديدة الجهات والوجهات والوجوه، وفي كل مرة يزيح صاحبها الستار عن وجه جديد “.

وخلص المديني إلى القول “بصرف النظر أخيرا عن قيمة النصوص وموقعها في سياقاتها الأصلية، وعن جدارة هذا الإسم أو ذاك، أو أدب هذه البلاد أو تلك، ولا بأي مقياس نقدي مثلا، فإن ما ينبغي أن يمكث في المحصلة هو ما يشبه إعجاز أن ينجز فردان ما لا تفعله دول قاطبة أو باعوجاج وركاكة ومعاملات فاسدة”.

وفي مداخلة بعنوان “أحلام صام”، قال الروائي والإعلامي التونسي حسونة المصباحي، من جانبه، إن صامويل شمعون “حول موقعه الإلكتروني كيكا إلى مجلة ورقية ناجحة ، عرف من خلالها بكتاب كبار من الغرب والشرق وعنهم أعد ملفات مهمة ومرجعية، وهذا ما فعله مع الكاتب الألماني زيبالد، ومع سلمان رشدي ومع كوتزي، الحائز على جائزة نوبل للآداب، ومع آخرين”، مضيفا أن “صام أثبث قدرته الفائقة على أن يحول تلك الأحلام الجميلة التي راودته في سنوات التشرد، والعيش المرير في اصطبلات اللجوء، إلى واقع ملموس”.

وأضاف المصباحي ، في الجلسة التي أدارها الكاتب والشاعر العراقي فاضل العزاوي عضو هيئة تحرير مجلة بانيبال، أن صامويل شمعون أنجز من خلال مجلة بانيبال “ما لم تتمكن من إنجازه كل المراكز الثقافية العربية في أوروبا، وسعى لإعادة الإشراقة للثقافة العربية في زمن الأصوليات الظلامية، والتزمت الأعمى، والجهل المعمم”.

وفي مداخلة معنونة ب”صمويل شمعون الولد الذي اغتسل بكل مياه العالم.. بورتريه بالمياه الدافئة” ذكر الشاعر التونسي خالد النجار ،مؤسس دار النشر التوباد بهولندا، أن شمعون ” أسس في باريس دار نشر صغيرة أصدرت بعض العناوين المهمة هي دار بانيبال ، وكانت الهاجس والإرهاص والمقدمة لما سينجزه فيما بعد في لندن من موقع إلكتروني أدبي بالعربي والإنجليزي ودار نشر ومجلة كانت رائدة في نقل الأدب العربي المعاصر إلى الإنجليزية”. يشار إلى أن المجلة حملت إسمها تيمنا ببانيبال ملك آشور، الذي أنشأ أكبر مكتبة في عهده، وتصدر ثلاث مرات في السنة، وتعنى بترجمة الأدب العربي إلى اللغة الإنجليزية إذ تنشر ترجمات لقصائد وقصص وفصول من روايات من الأدب العربي ، فضلا عن مراجعات للكتب العربية المترجمة إلى اللغات الأجنبية، وملفات للآداب غير العربية بعنوان “الأدب الضيف”.

وقدم كل من المستشرقين جوناثان رايت وروبرت إروين (بريطانيا) وشتيفان فايندر (ألمانيا) وكاورو ياماموتو (اليابان) وهارتموت فيندرش (سويسرا) شهادات حول العلاقة التي تجمعهم بالأدب العربي وتطور ترجمته في الغرب في نصف القرن الأخير، وبمجلة بانيبال والأهمية التي تمثلها في هذا التطور، والصعوبات التي صادفتها وتصادفها.

كما قدم كل من الروائي إسماعيل غزالي والقاصة لطيفة باقا وسعيد الباز (بالنيابة عنه) شهادات عن ظروف تعرفهم على مجلة بانيبال وصاحبيها شمعون وأوبانك، ونشر بعضهم أعماله على صفحاتها (قصة “الحديقة اليابانية” لإسماعيل غزالي). وترجمت مجلة بانيبال لمعظم الأدباء العرب ، وقدمت ملفات خاصة ببعض البلدان مثل المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان والعراق والأردن واليمن والإمارات ، وقدمت ملفات خاصة عن الشاعرين محمود درويش وأدونيس والقاص زكريا تامر والروائيين غائب طعمة فرمان وغالب هلسا.

وحاء في افتتاحية العدد الأول من مجلة بانيبال، الصادر في فبراير 1998، التي كتبتها مارغريت أوبانك ، المؤسسة المشاركة المسؤولة عن النشر، أن المجلة تقوم على ثلاثة ركائز أساسية وهي أن “الأدب العربي جزء أساس من الثقافة العالمية والحضارة الإنسانية، ولتعميق الحوار بين الثقافات المختلفة، ولمجرد الابتهاج والانفعال بقراءة شعر جميل وكتابة خلاقة”.

قد يعجبك ايضا

اترك رد