أفردت الصحف الصادرة، اليوم الثلاثاء من منطقة شرق أوروبا، اهتماما خاصا بموقف بولونيا الرسمي من مستقبل معاهدة الغاز بين روسيا وأوكرانيا، ووجهة نظر روسيا من معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، وأوجه الشبه والاختلاف في السياسات التركية الروسية اتجاه الملف السوري، والعلاقات اليونانية التركية، وقضايا أخرى محلية وإقليمية ودولية راهنة. ففي بولونيا، تطرقت الصحف الى موقف بولونيا من إمكانية مواصلة نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا بعد انتهاء العقد سنة 2019.
فقد كتبت صحيفة “بانكيير” أن “بولونيا من دول الاتحاد الأوروبي التي ترى أن توفير إمكانية مواصلة نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا لا يجب أن يتم بأي شكل من الأشكال ووفق الشروط التي تفرضها روسيا، لأن ذلك لن يكون في صالح أوكرانيا خاصة في ظل الخلافات السياسية المبدئية، التي تقوض العلاقات بين البلدين”.
ورأت الصحيفة أن تصريح سابق لنائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر بانكين الذي يشير الى أن موسكو “مستعدة لمواصلة نقل الغاز عبر أوكرانيا الى أوروبا ولكن بشروط موسكو”، يعني أن روسيا “تفكر جديا في تنحية أوكرانيا من خريطتها لنقل الغاز على صعيد أوروبا وجعلها على هامش اهتمامها الاقتصادي، وهو ما سيكون له الأثر البالغ على منطقة شرق أوروبا وأسباب استقرارها السياسي والاقتصادي”.
وأبرزت صحيفة “بولس بيزنيسو” أن “تعبير موسكو عن استعدادها لمواصلة عبور غازها من أوكرانيا الى أوربا في ظل الظروف التي تناسبها، هي مسألة تندرج في إطار قرارها السيادي، إلا أن هذا القرار يهمش أوكرانيا بالتمام ويحد من مسعاها للاندماج أكثر في المحيط الأوروبي ويحبط تطلعها للانضمام الى الاتحاد الأوروبي، وما يثير الاستغراب هو أن بعض الدول من الاتحاد الأوروبي سارعت الى الدفاع عن مصالحها الطاقية ولم تعر الاهتمام لواقع أوكرانيا ومستقبلها في مجال الأمن الطاقي”.
وأضافت أن “تهميش أوكرانيا وتركها على جانب النمو الاقتصادي الذي يسعى إليه الاتحاد الأوروبي له معنى واحد، وهو أن البعض من دول المنطقة تستحضر أولا مصالحها الخاصة رغم أنها توجد تحت سقف الاتحاد الأوروبي وتجمعها الكثير من المشاريع والمخططات والاستراتيجيات، وهي ربما لا تعي أن تهميش أوكرانيا هو تهميش لكل المنطقة”.
ورأت صحيفة “فينانسي” أن “الأمن الطاقي في الاتحاد الأوروبي في مهب الرياح لأن روسيا عمدت الى تنويع مسارات الغاز الموجهة الى دول أوروبا، وحرصت على تهميش أوكرانيا وترفض ضخ الغاز عبرها في المستقبل إلا بشروط مالية وقانونية لن تقبل بها كييف بدون شك”.
ووفق الصحيفة، فإن “ما صرح به وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك سابقا، وربط مواصلة تصدير الغاز عبر أوكرانيا بعد عام 2019 في حال كان ذلك مربحا اقتصاديا لروسيا وإذا تم تسوية الخلافات القضائية القائمة، يلخص موقف روسيا بالتمام، ويعني أن موسكو لن تتعامل مستقبلا مع أوكرانيا تقريبا بشكل قطعي”.
وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة الى أن “المحادثات الثلاثية حول عبور الغاز بين روسيا والمفوضية الأوروبية وأوكرانيا، التي جرت آخرها يوم 17 يوليوز من عام 2018 في برلين، أثبتت أن عودة كييف وموسكو للتعاون في هذا المجال أمر مستبعد إن لم يكن من باب المستحيلات”.وفي روسيا، اهتمت الصحف برفض موسكو تمويل آلية جديدة تدخل في اطار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتعزيز الروبل بعد قرار وكالة التصنيف الائتماني الدولية “موديز” رفع التصنيف السيادي لروسيا.
وفي هذا الصدد، أوردت صحيفة “روسيسكايا غازيتا” تصريح ممثل روسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ألكسندر شولغين، الذي أكد فيه أن موسكو ترفض تمويل الإجراءات التي تهدف إلى إحداث آلية جديدة داخل المنظمة مرتبطة بتوجيه الاتهامات، داعيا في الوقت ذاته إلى إعادة الأموال التي لم يتم انفاقها من الميزانية.
ونقلت اليومية عن شولغين قوله “نحن نعتبر قرار وضع آلية جديدة لتوجيه الاتهامات غير قانوني، وتم اتخاذه من قبل أقل من نصف الدول الأعضاء، المشاركين في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، ولا يتوافق مع بنود المعاهدة، ولذلك وبالتحديد، نحن لا نعتزم الانضمام إلى هذا القرار، ولن نقوم بتمويل وضع آلية توجيه الاتهامات”.
وأوضح “أعلنا أننا سنطلب إعادة الأموال غير المنفقة من ميزانية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لعام 2016، والتي سيتم توجيهها لإحداث الكتابة التقنية للتوزيع الجديدة”، مضيفا أن روسيا ليست الدولة الوحيدة التي تتبنى هذا الموقف في المنظمة.
وذكرت الصحيفة أن المؤتمر الثالث والعشرين للدول الأطراف في معاهدة الأسلحة الكيميائية في لاهاي، اعتمد ميزانية جديدة لعام 2019، تعطي المنظمة حق تحديد المدانين في الهجمات الكيميائية في العالم.
وقد عارضت روسيا بشكل قاطع إنشاء هذه الآلية، مشددة على أن هذا التخصص الجديد سيجعل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هيئة “عقابية”، والتي ينبغي أن تكون ضمن صلاحيات مجلس الأمن الدولي، تكتب الصحيفة.
وعلى صعيد آخر، ذكرت صحيفة “فيدوموستي” أن الروبل عزز مكانته خلال الجلسة الافتتاحية لبورصة موسكو بعد قرار وكالة التصنيف الدولية “موديز” رفع التصنيف السيادي لروسيا.
وأضافت الصحيفة أن الدولار انخفض ب 13 كوبيك، ليصل إلى 65,68 روبل مقارنة بإغلاق يوم الجمعة الماضي، وأن الأورو أيضا فقد 14 كوبيك ليصل إلى 74,35 روبل.
ورفعت وكالة التصنيف الائتماني الدولية “موديز” في نهاية الأسبوع الماضي، تصنيف روسيا السيادي من مضارب “بي أ 1″ إلى استثماري” بي أ أ 3 “، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وبذلك صار تصنيفها “استثماريا” حسب جميع وكالات التصنيف الرائدة، مضيفة أن الوكالة قد أقرت بأن احتمال فرض عقوبات جديدة من الولايات المتحدة على روسيا في الأشهر المقبلة كان مرتفعا.
وذكرت الوكالة، تكتب اليومية، أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الروسية في السنوات الأخيرة قد ساعدت على حماية اقتصاد البلاد.
وفي تركيا، تطرقت الصحف الصادرة اليوم الثلاثاء، لأوجه الشبه والاختلاف في السياسات التركية الروسية اتجاه الملف السوري، مبرزة أنه مع توسع فجوة التباعد بين تركيا والولايات المتحدة، ظهرت بوادر التقارب بين سياسات أنقرة وموسكو.
وفي هذا الصدد، كتب كمال إنات أستاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية في جامعة صقاريا التركية، في مقال نشرته صحيفة “تركيا الآن”، أنه بينما يختلف البلدان حول مستقبل النظام القائم في سوريا ومكافحة الإرهاب فيها وطرق تدخلهما في الحرب الداخلية الجارية هناك، يبدو أنهما يتفقان على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ومسيرة الحل السياسي لإنهاء الأزمة القائمة.
وأضاف أنه “بالنظر إلى أهداف كلا البلدين في سوريا، نجد أن الروس يسعون للحفاظ على وجودهم العسكري في سوريا، وتوسيع نطاق هذا الوجود، بينما تسعى تركيا لعرقلة تحول الأراضي السورية إلى قاعدة للتنظيمات الإرهابية”.
ولاحظ كاتب المقال أن “سياسات روسيا اتجاه “ب ي د / بي كا كا”، مليئة بالتناقضات، فالروس إلى الآن يتهربون من الاعتراف بإرهابية “بي كا كا”، ويحاولون دائما ترك الباب مفتوحا لتنظيم “ب ي د / ي ب ك”، مسجلا أن موسكو لا ترغب في التفريط بعلاقاتها الثنائية مع أنقرة، لا سيما أن هذه العلاقات شهدت تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، لذا فهي تقدم أحيانا على خطوات ترضي أنقرة في ما يخص تنظيم “ب ي د”، وذلك بهدف الحفاظ على التقدم الذي حققته مع تركيا في مساري أستانة وسوتشي.
واعتبر أنه مما لا شك فيه أن روسيا أظهرت بأنها أكثر موثوقية بالنسبة لتركيا من الولايات المتحدة الأمريكية في ما يخص حل الأزمة السورية، خاصة أنها أبدت حساسية أكبر من واشنطن، للمخاوف الأمنية التركية، محذرا، بالمقابل، من أن اعتماد أنقرة على موسكو ودمشق في ما يخص إنهاء وجود “بي كا كا / ب ي د”، في الشمال السوري، فيه مخاطر كثيرة.
من جهتها، أفادت صحيفة “الديلي صباح” أن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أعرب خلال لقاء مع نظيره التركي، خلوصي أكار، أمس بأنقرة، عن أمله في تنسيق إجراءات مشتركة بين بلاده وتركيا في الساحة السورية.
وأضافت أن شويغو قال، في مستهل مباحثاته مع أكار بمشاركة وفدين من وزارتي الدفاع الروسية والتركية، إن الخبراء من البلدين، قاموا في موسكو من 31 يناير إلى 2 فبراير بعمل كبير من أجل “تنسيق القضايا الأكثر أهمية بالنسبة إلى التسوية السورية، والمتعلقة بإرساء الاستقرار في منطقة إدلب لخفض التصعيد، وكذلك كل ما يخص منطقة شرق الفرات”.
وفي اليونان، ركزت الصحف المحلية، الصادرة اليوم الثلاثاء، اهتمامها، بشكل رئيسي، على العلاقات اليونانية التركية، وطلب تركيا تسليمها ثمانية ضباط يشتبه في تورطهم في محاولة الانقلاب الفاشلة لسنة 2016، وظاهرة الترحال السياسي في البلاد.
وكتبت صحيفة “كاثيميريني” أن وزيري دفاع تركيا واليونان، وفي إطار القمة الوزارية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، التي انعقدت الأربعاء الماضي في بروكسل، واصلا المناقشات حيث انتهت بين رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي، لاستكشاف سبل الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة بين أثينا وأنقرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة اليونانية سعت إلى الاستفادة من رمزية زيارة تسيبراس إلى تركيا الأسبوع الماضي، لكن المحللين لاحظوا بسرعة أنه في يوم وصوله إلى أنقرة، وضع الرئيس أردوغان مكافأة مقابل تسليم ثمانية جنود متهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب الفاشلة لسنة 2016 التي ترفض اليونان تسليمهم إلى تركيا.
وذكرت بأن الوجود العسكري التركي في شرق البحر المتوسط لا يزال كبيرا، معتبرة أنه في هذا السياق، ينبغي لوزيري الدفاع التركي واليوناني، على التوالي، إيفييغيلوس أبوستولاكيس وخلوصي أكار، أن يبحثا تدابير بناء الثقة، لتفادي أي تصعيد للتوترات بين البلدين.
من جانبها، خصصت صحيفة “تو فيا” جزءا كبيرا من إصدارها لتصويت البرلمان اليوناني لصالح بروتوكول انضمام جمهورية مقدونيا من الشمال إلى الناتو.
وكتبت الصحيفة أن “صورة البرلمان في الايام الاخيرة غير مشجعة على الاطلاق، وتعكس الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد”، معتبرة أن بعض ممثلي الشعب “يتفاوضون بشكل استفزازي” حول موقفهم وأصواتهم.
وكتبت أن بعض النواب من الذين تعوزهم المبادئ، يرحلون من حزب إلى آخر، ومن مجموعة برلمانية إلى أخرى، مسجلة أن هذه الممارسات تستفز المواطنين، وتمس بالديمقراطية وبمؤسسات البلاد.
وخلصت إلى أن “الاعتقاد السائد هذه الأيام هو أن الأمور تتخذ شكل لعبة من الانطباعات والتأثير على سير الانتخابات المقبلة”، على أساس نوع من التجارة السياسية.