إسدال ستار الموسيقى والتربية بمراكش.

0 596

 عبد الرزاق  القاروني

أسدل الستار، بعد زوال يوم السبت 29 أبريل 2023 بمراكش، في أجواء احتفالية بهيجة، على فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الوطني للموسيقى والتربية، دورة الفنان والموسيقار مولاي أحمد العلوي، المنظمة من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش- آسفي، تحت شعار: “التربية الموسيقية في خدمة مدرسة ذات جودة للجميع”.

وقد حضر فعاليات هذا المهرجان فؤاد شفيقي، المفتش العام للشؤون التربوية بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وعبد الجبار كريمي، مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، ونفيسة بلبركة، المديرة الجهوية للتواصل بجهة مراكش-آسفي، والمديرون الإقليميون، ورؤساء الأقسام والمصالح بالأكاديمية والمديريات، التابعة لها، وعدد من أعضاء المجلس الإداري للأكاديمية والأطر الإدارية والتربوية، وممثلو السلطات المحلية، وجمعيات المجتمع المدني والفرقاء الاجتماعيين، إضافة إلى وسائل الإعلام الوطنية والجهوية والمحلية بكل أطيافها.

ويأتي تنظيم هذه النسخة من المهرجان، في إطار تنزيل مقتضيات القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، خاصة الهدف الثاني من المشروع 10 المتعلق بالارتقاء بالحياة المدرسية، الذي يروم حفز التفتح واليقظة لدى التلميذات والتلاميذ، وتفعيلا للإطار المرجعي للتشبيك الموضوعاتي في المجالات الثقافية والفنية والإبداعية بين الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، واعتبارا للدور المهم الذي تحظى به التربية الفنية والموسيقية في ضمان نمو وبناء الشخصية المتوازنة والمنفتحة للمتعلمات والمتعلمين، وكذا تنفيذا للمضامين والتدابير الواردة في خارطة الطريق لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2022 -2026، خاصة الالتزام رقم 12 المتعلق بتنظيم أنشطة موازية ورياضية بالمؤسسة التعليمية، تمكن التلميذات والتلاميذ من التفتح وتحقيق ذواتهم.

ويروم تنظيم هذا الحدث التربوي الهام تثمين دور مؤسسات التفتح للتربية والتكوين، والمساهمة في إشعاعها، والارتقاء بالحس الجمالي والذوق الفني للمتعلمات والمتعلمين، والمساهمة في اكتشاف المواهب الصاعدة في مجال الموسيقى والغناء، وتفعيل دور الأندية الموسيقية، وتقوية قدرات المنشطين والمستفيدين منها، إضافة إلى المساهمة في انفتاح المؤسسات التعليمية على محيطها السوسيوثقافي.

 وبهذه المناسبة، ألقى العربي الرامي، مكلف بالأنشطة الثقافية والفنية بمجال الحياة المدرسية بالوزارة، كلمة توجيهية، باسم وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أعرب من خلالها عن سعادته لحضور هذا الحفل البهيج، الذي تم من خلاله معانقة إبداعات تلميذات وتلاميذ الأندية التربوية، التي تمثل مجموعة من المؤسسات التعليمية المنتمية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، على صعيد الوطن، بتأطير وازن للأطر التربوية والإدارية، مهنئا هذه الإبداعات على التتويج الذي حصلت عليه في جميع المراحل السابقة، والذي أهلها لهذه المرحلة النهائية، التي تعتبر، في حد ذاتها، تتويجا وإنجازا يستحق الإشادة والتنويه، ومعتبرا أن الاهتمام بمجال الموسيقي، بما يشتمل عليه من كلمات وإيقاعات وألحان وأصوات وآلات طربية ونغمية، يجد مبرراته في كونه يساعد على تنمية الوجدان وتهذيب الذوق، وتقويم السلوك والعاطفة، والسمو بالمشاعر الإنسانية النبيلة، وموضحا أن الاهتمام بالأنشطة الموسيقية، وجعلها مكونا أساسيا، ضمن الأنشطة الموازية، يأتي تفعيلا لمرجعيات المنظومة التربوية، التي يوجد في مقدمتها القانون الإطار 51.17، وما انبثقت عنه من خطط ومشاريع للارتقاء بأنشطة الحياة المدرسية.

 كما أكد أن تنزيل أهداف ومضامين خارطة الطريق لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2022-2026، التي تشكل الأنشطة الموازية أحد ركائزها الأساسية، سيعطي لهذه الأنشطة زخما كبيرا، من خلال توفير الدعم المادي والموارد البشرية المؤهلة، وتعزيز الشراكات مع القطاعات والجمعيات والهيئات ذات الخبرة، والعمل على إرساء الإطار القانوني والتنظيمي لإعطاء طابع المأسسة والاستدامة لهذه الأنشطة، مبرزا أن الهدف من تنظيم هذه المهرجانات الوطنية هو تمكين المدرسة من الاضطلاع بمهمتها في تحقيق الاندماج الثقافي، عبر جعل الثقافة بعدا عضويا من أبعادها، وكذا تعزيز إشعاع  المؤسسات التعليمية، ضمن محيطها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، والرفع من مستوى التنشيط الثقافي والفني والإبداعي بداخلها، وجعلها فضاء خصبا يساعد على إبراز المواهب والطاقات المختلفة وتطويرها، إضافة إلى المساهمة في التربية على الممارسات النبيلة والقيم الإنسانية الفضلى.  

وبدوره، تناول الكلمة مولاي أحمد الكريمي، مدير الأكاديمية، ليحيي جميع المتدخلين والفاعلين في تنظيم هذه التظاهرة، مؤكدا أن من بين الأهداف الإستراتيجية التي تعمل عليها الأكاديمية هناك التفتح، الذي يعنى ببناء الشخصية المنفتحة، وموضحا أن هذا المهرجان أصبح محطة كبرى، ضمن مسار التربية على القيم، وترسيخ مجموعة من الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل.

ثم ذكر بإرهاصات تشكل فكرة تنظيم مهرجان الموسيقى والتربية، خلال زيارة وفد رفيع المستوى، إلى إحدى الثانويات الإعدادية بمراكش، من أجل التحضير للاحتفال بعودة المغرب لحظيرة الاتحاد الإفريقي، حيث تم الوقوف على أعمال فنية متميزة للتلاميذ والأساتذة، التي ينبغي تثمينها وترصيدها، منوها بـ “ملحمة الأمل”، هذا العمل الفني الكبير، الذي نظم شعره إسماعيل زويريق، ولحنه ووزعه موسيقيا الفنان خالد بدوي، المفتش الجهوي التخصصي للتربية الموسيقية، على صعيد الأكاديمية، وقام بتصميمه وإخراجه الفنان والخطاط محمد بديع البوسني، وموضحا أنه قد شارك في هذه الملحمة الغنائية 156 موسيقيا من مختلف الأكاديميات، على صعيد الوطن، ما جعلها تصنف ثاني أحسن إبداع فني في العالم العربي، خلال فترة كوفيد 19، حيث تم بثها عبر جميع القنوات التلفزية الوطنية، في ذات الوقت، ومضيفا أنه يتم العمل، ضمن منظومة التربية والتكوين، على إرساء المدرسة السعيدة، التي تبعث على الشعور بالفرح، وتشجع أكثر على العمل والانتماء، والتي تعطي صورة إيجابية عنها.

وفي كلمته بالمناسبة، ذكر المحتفى به، الفنان والموسيقار مولاي أحمد العلوي، بمساره الفني والتكويني الغني والحافل، حيث يتوفر على ما يربو عن 347 لحن، من ضمنهم ألحان وأغان لكبار المطربين والزجالين المغاربة، ما أهله للحصول على مجموعة من الجوائز والأوسمة، ومعربا عن سعادته الكبيرة، جراء تمتيعه بشرف التكريم، خلال هذا المهرجان، ومشيدا بالأداء الفني المتميز للفرق المشاركة، وداعيا للتفكير في سبل دعم الفرق الفائزة، وتنظيم جولة فنية لها، في هذا الشأن، ليقوم، بعد ذلك، بإتحاف الجمهور الحاضر بأداء رائعتين غنائيتين من تلحينه، بمصاحبة موسيقية كريمة من مجموعة من موسيقيي لجنة التحكيم والمفتشية الجهوية للتربية الموسيقية. 

وعرف هذا المهرجان، المنظم على مدى يومين، مشاركة 144 تلميذة وتلميذ من جميع الأكاديميات الجهوية بالمملكة، بمعدل 12 تلميذة وتلميذ عن كل أكاديمية، تم اختيارهم، من خلال الإقصائيات الإقليمية في مجال المجموعات الكورالية، وكذا تجسيد لوحتين فنيتين، وتنظيم معرض تشكيلي حول التراث المغربي، وتقديم توليفة صوتية لبعض روائع وخالدات المحتفى به، مع توزيع درع وجوائز المهرجان وشواهد التقدير والمشاركة.

 وتشكلت لجنة تحكيم المهرجان من فعاليات فنية وفكرية، تمثلت في عبد الله عصامي وعبد الله إمهاه ومولاي هشام التلمودي، علاوة على عبد الله الميري، وأسفرت نتائج لجنة التحكيم عن منح ثلاث جوائز، في هذا الإطار، وهي جائزة أحسن نص شعري للمجموعة الكورالية لأكاديمية الشرق، وجائزة أجمل أداء وتوزيع موسيقي للمجموعة الصوتية، التابعة لأكاديمية الرباط-سلا- القنيطرة، إضافة إلى الجائزة الكبرى لأحسن مجموعة كورالية، التي آلت إلى المجموعة الصوتية لأكاديمية مراكش-آسفي.

ويذكر أن هذا المهرجان قد أصبح موعدا فنيا لا محيد عنه، ضمن منظومة التربية والتكوين الوطنية، لتحفيز وتثمين المواهب التلاميذية في مجال الغناء والموسيقى. كما أصبح فرصة كبيرة لتكريس وسيادة ثقافة الاعتراف بهذه المنظومة، تم من خلالها تكريم مجموعة من رموز الأغنية والموسيقى المغربية، أثناء الدورات السابقة، بدءا بالفنان والملحن عبد الله عصامي، سنة 2019، ومرورا بالمايسترو أحمد عواطف، سنة 2021، وانتهاء بالموسيقار وعميد الأغنية المغربية عبد الوهاب الدكالي، سنة 2022.

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد