” الصمت في زمن الثرثرة “.

0 381

بقلم : هشام الدكاني

الثرثرة لها تأثير سلبي للغاية على جميع الأطراف ، أحيانا تكون بالكلام المضغوط ، وأخرى بالكلام السريع الذي من الصعب وقفه!
سرعة فائقة لا يستطيع التحكم فيها ، أو التفكير في كلماتها قبل التكلم وٱإنتقال الثرثار من فكرة إلى أخرى… والسبب هو الكم الهائل من الأفكار المضغوطة في رأسه الكبير وعقله الصغير.
أما عن الإفراط في الكلام فحدث ولا حرج ، سرعة مدهشة وبشكل متزايد ، مما يجعل المستمع يجد صعوبة في قول ما يريد أو لا يجد دورا له في الحديث ، بالإضافة إلى أنه إذا حاول الحديث أو القيام بالرد يقاطع بكل جرأة وقلة أدب!!!
يقال: «خير الكلام ماقل ودل» ، مقولة لن يستوعبها البعض ممن يسعون فقط إلى كسب درجات الإستحسان والإعجاب ، يتمسكون دائما بما يقولون ويؤكدون على كلامهم وتصرفاتهم رغم كونها خاطئة أو حتى لاتمث للأخلاق بصلة!
متوهمون بالمعرفة ويعتقدون أن الناس بصبرهم عليهم مقتنعون بهم وموافقون على ما يقولون من ترهات..
فيزدادون ثرثرة من أجل لفت الأنظار ولو على حساب لحم الغير!!!
تعد هذه الظاهرة مرضا نفسيا ، سببه عقدة أو عدة عقد نفسية يعاني منها هذا الثرثار مفرط الكلام دون أن يعي ذلك أو يستشعره ، لتصبح الثرثرة وسيلته الإجتماعية-الدفاعية التي يخفي بها شخصيته الغير متزنة.
حقا ، أشفق شخصيا على هذا النوع من البشر ، الذي ٱتخذ من فرط الكلام والثرثرة ٱستثمارا لوقته وأصبح يجد لذة وملاذا للهروب من واقعه المعاش بالطعن في أعراض الناس والنيل من سمعتهم وكرامتهم…
فالأصل أن يراقب الإنسان كلامه ويزنه قبل التفوه به ، لأن ذلك سيؤدي به في آخر المطاف إلى الهلاك الدنيوي قبل الأخروي.
فٱعلموا رحمكم الله أن كثرة الكلام في غير فائدة ، وٱستثقاله فيما فيه فائدة أمارة على مرض القلب.
فالألسن مغارف القلوب ، وحركة اللسان تدل على ما في القلب ، والقلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها ، والمرء حين يتكلم، فإن لسانه يغترف مما في قلبه حلوا ومرا ، وغير ذلك…
وما أقبح حال المرء وهو يثرثر بما لا خير فيه ، وفي الحديث الذي رواه الترمذي: «وإِن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون».
ليبقى الصمت فضيلة غائبة في زمن الثرثرة.

قد يعجبك ايضا

اترك رد