” صانع الشر ” .

0 164

بقلم : هشام الدكاني

أصبحنا اليوم نعيش عصر الإنسان الشرير.. حيث تتحكم المادية والنزعة..
إلى الهيمنة والنفوذ والعدائية وتدمير الآخر والرغبة في ٱمتلاك مصادر القوة…
ولكن ماذا عن الإنسان نفسه؟
هذا الإنسان الوحش المتفرد ، المنزوع الرحمة ، الباحث عن المكاسب والساعي إلى إقصاء الآخر بكل الوسائل الممكنة ، ونشر مفاهيم لا أخلاقية تتنافى والطبيعة التي وجد عليها الإنسان السوي ، وتكريس مفاهيم التباعد الإنساني ، والقطيعة مع الآخر ، والتطرف في الفكر والسلوك…
مع الأسف ، اليوم يقع في عداد الأشرار المحسوبين على البشر ، المنافقون الذين حذر منهم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، وخشي منهم على المسلمين ، وقد ورد ذكر المنافقين في آيات كثيرة منها ، التي تصفهم وتحذر من خطرهم كقوله تعالى:
«إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فٱحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون».
وفي حقيقة الأمر ، المنافقون الأشرار يظهرون ما لا يبطنون ، وهم لايخدعون سوى أنفسهم.. وفيهم قال تعالى:
«مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا».
يتوجه الشرير دائما للتأثير في الناس بما لا يليق من خلال تشويه الفكر والبلبلة الفكرية وقلب حقائق الأمور وتزييفها بمختلف الألوان والأشكال والمتاجرة في العقول وإظهار الباطل حقا ، وما يخالف القيم والمعتقد الديني ويسيء للأخلاق والمروءة والحياء.. وفي هذا إفساد للمجتمعات وخدمة لما يريده الأعداء ويحقق أهدافهم ، فالتحكم بالواقع هو ما يمنح الشخص الشرير السلطة الأقوى ، فمن خلال القيام بذلك بٱستطاعته أن يجعلك تنصاع لأبسط رغباته.. ولهذا السبب يخدعك الشخص «الشرير» بجعلك تفكر كما يريد بطريقة أو بأخرى..!
ويمكن أن يتخذ هذا الخداع أشكالا مختلفة ، مثل الكذب وتزوير الحقيقة وتشويه الوقائع…إلخ
وتكون النتيجة النهائية عبارة عن عالم من صنعه ، عالم يصعب عليك فهمه أو حتى تصديقه ، منبعه « مصنع شر على يد شرير» وتبقى هذه الوسيلة للتعرف على الشخص الشرير_الخبيث ، الدائم البحث عن طرق لتضليل الآخرين.
والغريب العجيب ، أنه لا يشعر بالندم ، لأن لديه مشكلة السيطرة والكذب المباح ، تراه يستمتع بمصائب وٱبتلاءات الآخرين.. مما قد يجعلك تشعر بغرابة في داخلك!
لكن ، هل تعلم ما هو الأسوأ من ذلك؟
هو أنه لايشعر بالأسف أبدا عما فعله ويفعله.. وكيف يشعر الأشرار بأي ندم ، لقناعتهم بتصرفاتهم الخبيثة مع موت الضمير أو ٱنعدامه!!!
بل منهم من سيجعلك تعتقد أن الحقيقة التي تظنها صحيحة هي ليست كذلك ، بل عكسها أو مايريدك أن تصدقه بالأحرى هو الحقيقة!
في الواقع ، كل ما يريده «الشرير» هو المحافظة على نوعية حياته الحالية من خلال التحكم بالعقول أو العواطف للوصول إلى مبتغاه السيىء المنشود.
مما سبق ، يتضح لنا أن شياطين البشر أخطر من شياطين الجن! ولسلامة ونجاة الناس في مجتمعاتهم يلزم التعرف على الأشرار منهم والتعرف على أساليبهم وطرقهم وحيلهم في التأثير على الآخرين وإغوائهم ومن ثم الحذر منهم.
إنه زمن الإنسان الشرير المتطلع للرغائب غير السوية.. والذي لا يكتفي بما لديه ، بل يضع عينه على مالغيره ويريد الاستحواذ على كل شيء، ويلغي حق الآخر في الحياة الكريمة ، ولا يعترف بكرامته ، بل وحتى حقه في الحياة!
وأخشى ما أخشاه أن نواجه ذات المصير الذي آلت إليه الديناصورات على هذا الكوكب ، حينها لن ينفع الندم.

قد يعجبك ايضا

اترك رد