من الأرشيف ……………….. ( الجسد ـ الزمن ـ الجمال ) قراءة في ديوان ” لن يستلنا العدم ” للشاعرة المغربية فتيحة النوحو.

0 341

على سبيل التقديم
بعد ديوانها البكر ” إليك أيها الظمأ كل هذا الارتواء ” الصادر عام 2009 ، يصدر للشاعرة المغربية فتيحة النوحو ديوانها الجديد بعنوان ” لن يستلنا العدم ” في طبعته الأولى 2012 ، عن دار الوطن ، بالرباط .. وقد طرزت غلاف الديوان ونصوصه الفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي بلوحات تشكيلية خاصة لافتة .. ويتضمن الديوان الترجمة الكاملة للنصوص الشعرية بتوقيع المبدعة صوفيا شهاب باللغة الفرنسية ، وتمت مراجعتها من لدن الفنانة كوليت مارتيني كلييك ..
تجيء هذه القراءة عاشقة .. بعيدا عن المفاهيم كالكتابة النسائية أو النسوية أو الفحولة وما شابهها من المصطلحات المتداولة في مقاربة النصوص من زاوية جنسية / نوعية .. أو غيرها مما يميز أو يمايز بين الكتابة الشعرية على أساس رؤية ذكورية أو أنثوية .. هذه القراءة المقترحة تحاول أن تتجاوز هذه النظرة لتحاور النصوص الشعرية وتتفاعل معها على اعتبار أن النصوص تقول منطوقها وقصديتها من خلال مكوناتها الخارجية والداخلية معا .. الواقع بكل مجالاته وتعقيداته من جهة والنصوص من خلال مكوناتها اللسانية صوتا وتركيبا ومعجما ودلالة وسياقا .. تقول رؤيتها للكون والذات والأشياء وفق برامج مخطط لها بوعي ، أو صادرة عن لا وعي فردي أو جمعي ، تتغيا بلاغتي الإمتاع والإقناع ، وفق سياقات خاصة .. وإن تحاول أن تغلب الإمتاع في اللغة الشعرية واللوحات التشكيلية المحايثة للنصوص والتي تشتغل شعريتها معتمدة اللون والشكل والفضاء ، بدل العلامات اللغوية ..
وبعيدا عن الإسقاطات الذاتية ، تحاول هذي القراءة توصيف المنجز الشعري وتأويل ما هو قابل للتأول من الصور الشعرية ـ العبارات المجازية ـ الموحية المتجاوزة لما هو مباشر وتقريري .. فمثل هذه العبارات لا تستوقف القراءة المقترحة التي لا تتبرأ من ذاتيتها فيما يشبه الانتقائية .. فليس كل ما يحمله الديوان تراه الذات الواصفة والناقدة بعين واحدة وبنفس القيمة الجمالية وقوتها .. فثمة تفاوت طبعا بين النصوص الشعرية جملة أو جزءا .. فالذاتية شرط القراءة المتذوقة .. الذاتية غير الممجدة وغير المتحاملة في نفس الآن .. القراءة المقترحة تبحث عن مكامن الجمال في النصوص الشعرية باعتباره فعلا منجزا وخيالا خلاقا …
هذه القراءة المقترحة تؤسس فرضيات قراءتها انطلاقا من عتبات الديوان ولعل العنوان ” لن يستلنا العدم ” يعتبر إحداها وأهمها . فمكوناته المعجمية والتركيبية والدلالية تتيح لنا الانطلاق لصياغة أسئلة تتغيا الكشف عن مواضع ومواقع شعرية الديوان وجماليته ..
البنية والدلالة
يتشكل الديوان من 104 صفحة، يشكل منها الديوان بالعربية حيزا تتوزع قصائده تحت عنوان ” لا ريب .. فالموت موارب ” على الشكل التالي :
1 ـ هل من رحيل محتمل ؟ . ص 5 / ص 17 . 2 ـ إلى أجل غير آبه. ص 32 / ص 35 ـ 3 ـ في أي دير يبعث النخب ص 41 / ص 46 ـ 4 ـ ندب الهزيع. ص 54 / ص 57 ـ 5 ـ ناسكة القوس .. ص 63 / ص 67 ـ 6 ـ فراش الجنوب .. ص 74 / ص 77 ـ 7 ـ ـ دعيني لفتنتي ص 84 / ص 88 . 8 ـ لا .. غيب ص 95 / ص 97
ديوان ” لن يستلنا العدم ” في جوهره انتفاضة شعرية ، تخترق المألوف الشعري السائد .. تتغنى بالحياة في بعدها الكوني .. وتقبل عليها في انطلاق وانسياب دونما قيد .. وذلك في رؤيته الوجودية المصرة على مقاومة العدم والغيب و الانفتاح على جمالية الجسد الهارب من التحنيط والمطارد من الفناء .. إنه ديوان مفتوح على الاستقبال والاحتمال والأفق الأرحب في الرؤية التي تجعل ” الحبر سيد الكون ” .. يعلو و لا يعلو عليه .. وفي الآن ذاته تجعل الجسد حصان طروادة تقول الشاعرة فتيحة النوحو من خلاله : الرغبة الجامحة إلى الانعتاق والحرية باعتبارها حركة مستمرة تحقق الوجود وإنسانية الإنسان من خلال وجود الذات في انسجام مع الوعي والإدراك والذي يتحقق عبر الجسد ذاته ..
مفردات الوجود
فكتابة الحرية كما في ديوان ” لن يستلنا العدم ” .. تتجلى في العبارة و في الإشارة وكذا في اللوحات التشكيلية المعبرة والدالة للفنانة نعيمة الملكاوي التي تقيم توليفا دلاليا بين النصوص الشعرية و الأشكال والألوان الجامحة والموحية بشحناتها ، بحركيتها و اشتعالها و تموجات جسد أنثوي فيها ، يفتح ذراعيه للسماء الزرقاء المعطرة بلون الأزهار القزحية تفاؤلا بالآتي .. لم تعد الأنثى قصيرة اليد ، بل استطالت يداها مخترقة الحدود الوهمية المقيدة لطاقاتها وإرادتها ورغباتها ..إن الجسد الأنثوي موضوعة مركزية في لوحات الديوان ، التي تتصادى و تتماهى مع النصوص الشعرية لذلك تبدو جزءا هاما فاعلا في تشكيله المشترك ” لن يستلنا العدم “.وفي تشخيص بعض تيماته المحورية …
هكذا تبدو اللوحات التشكيلية في سخونة ألوانها وإيحاءاتها الحركية و تساؤلاتها المفترضة مسائلة لمفردات الوجود الصاخبة : الموت ، الجسد ، الرقص ، العري ، الليل ، السماء ، الأوراق ، الرغبة ، اللذة ، الصلاة ، الأسطورة .. ونافذة مشرعة على الوجود البصري والعاطفي والجمالي والإنساني …
من مكونات عتبة العنوان : ” لن يستلنا العدم ”
عنوان الديوان ” لن يستلنا العدم ” عبارة عن جملة فعلية تفيد النفي ” لن ” في الحاضر وما يستقبل من الزمن .. وتتكون هذه الجملة من أداة النصب والاستقبال ” لن ” + الفعل المضارع المنصوب بلن ” يستل ” + المفعول به في صيغة الضمير المتصل الدال على الجماعة ” نا ” + الفاعل تركيبيا ” العدم ” .. هكذا يتقدم المفعول به على فاعله العدم .. ولا شك أن هذا التقديم والتأخير هو مؤشر دال على فاعلية نفي الفاعل .. الفاعل تركيبيا فحسب لأنه لم يقم بالفعل ولم يتصف به . فهو بذلك غير منفد لفعل استل .. فتقديم “نا ” التي تحيل على الذات الجماعية المتقدمة على العدم في مواجهته ضمنيا ..
بإيجاز هذه العبارة خبرية إخبارية ابتدائية بالمفهوم البلاغي أي أنها تحتمل الصدق أو الكذب .. وهي هي مؤكدة ، ترمي مجازا إلى الإعلان والإصرار على رفض قهر العدم والعدمية للذات الجماعية المتكلمة النحن الواردة في صيغة الضمير المتصل ” نا ” .. فالعنوان يسجل موقف الذات الوجودي المثبت للحضور والبقاء ” لن يستلنا ” ..
والسؤال المطروح هو من هي هذه الذات أو الأنوات الجماعية المشار إليها في العنوان ـ والتي ستلاحقها القراءة في المتن الشعري أيضا ـ . ؟ .. وماذا تمثل من قيم تسعى للحفاظ عليها إن كانت موجودة ، أو تطالب بتحققها إن كانت غائبة أو مغيبة ؟ هل هي الذات الشاعرة المفردة في صيغة الجمع كما في العنوان ؟ .. أم الذات الجماعية في صيغة المفرد داخل المتن الشعري ؟ .. لماذا لفظ ” العدم ” معرفا ب ” ال ” وليس ” عدم ” نكرة مجردا منها ؟ .. هذه ” ال ” هل هي ” ال ” العهدية أم الجنسية أم ماذا ؟ .. إن عنوان الديوان ـ كما عناوين النصوص الشعرية ـ يستبطن من الدلالات أكثر مما يفصح .. رغم ذلك فهو يقدم لنا مفردات مساعدة على تبين اتجاه الكتابة الشعرية ويؤشر على مفاتيح للمقاربة والقراءة من قبيل : رفض الفعل ، تحديد طبيعة الصراع وأطرافه ـ الاستلال بين العدم والنحن . الزمن : التوجه من الحاضر إلى المستقبل .. وهذا مؤشر على حضورأزمنة الذات في مواجهة العدم حاضرا ومستقبلا . المكان : الهنا المرتبط جدليا بالنحن الذات الجماعية المنتفضة الساعية إلى تخلق قيم كينونتها ضد السلب والاستلاب والاستلال ..
فهل نصوص الديوان الشعرية تستطيع تقديم هذه الإشكالية الوجودية في صياغات فنية جمالية ؟ وهل العمل المشترك ، بين الشاعرة فتيحة النوحو والفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي والمترجمة صوفيا شهاب والمراجعة للترجمة الفنانة كوليت مارتيني كلييك ، قادر على تحقيق هذه الغاية الجمالية بهذه اللغات المتعددة المتجاورة والمتحاورة ؟ .. هل اشتراك المؤلفات في ” الجنس الأنثوي ” دال على خصوصية الإشكالية المطروحة ؟ أم أن الأمر على لا يعدو أن يكون صدفة ليس إلا.. و أن الإشكالية الوجودية والفنية الجمالية ـ المطروقة في الديوان ـ أعم و أعمق مما تؤشر عليه العنونة ؟ ..
من حضور مفردات العنوان داخل المتن الشعري
إذا حاولنا تتبع و رصد مفردات العنوان داخل المتن الشعري ، يستوقفنا حضورها في بعض النصوص الشعرية كما في :
النص الأول بعنوان ” هل من رحيل محتمل ؟ جاء في صيغة استفهامية متضمنا لفظة ” رحيل ” المرادفة للموت والعدم .. تقول الشاعرة فيه :
لكن أخشى الآن / وموج البحر / يرزح تحت خدر/ النزوة / أن يستل الزبد / خيط المسافة / فأعود / إلى رهاب / السهر . ص . 10
غياب شكل بعض الكلمات قد يوقع القراءة في اللبس والابتعاد عن قصدية الذات الشاعرة ، خصوصا في حالات الانزياح التركيبي حيث تقديم ما يجب تأخيره ، أو تأخير ما يجب تقديمه . فتغيير بعض العلامات الإعرابية لبعض الكلمات في هذا المقطع الشعري ، ك موج ، الزبد ، خيط .. ، يغير الدلالات المقصودة أو المحتملة .. ( ولا نريد أن نخوض في هذه القضية فقد تجرنا إلى قضايا وإشكالات أخرى لا تقصدها القراءة المقترحة ) .. لكن الذي لا يختلف ـ ربما ـ حوله في هذا المقطع هو ” لن أخشى الآن .. ” و ” فأعود إلى رهاب السهر ” .. عبارتان دالتان على استدراك، خشية الذات الشاعرة المفردة ” أخشى ” أنا الفاعل الضمير المستتر .. والآن : الزمن الحاضر .. من عودة الذات المفردة إلى رهاب السهر .. بفعل وفاعلية عبارة ” يستل الزبد خيط المسافة .. ” فورود الفعل ” يستل ” في عنوان الديوان وفي النص الشعري الأول يؤكد ما ذهبنا إليه من وجود تلك العلاقة بين الذات الشاعرة الفردية والجماعية في حالة الرفض والقلق والخوف والتوتر ..حيث انتكاس الحلم ، واستجداء التلال بدل السماء ، ورضاعة الأرق ، وخيانة الوعد ، والبعث في القدح ، وحجب عربدة الشفق ، وغواية الظلمات .. إنه الرهاب النفسي الذي يلاحق الذات فيبتليها بالسهر والأرق بالمفهوم السلبي وربما المرضي الحاد ..
وفي موضع آخر يعود الفعل ” استل ” في سياق آخر .. تقول الشاعرة :
لن / يستلني / العدم / من حضن / الزمن / فلا / عنوان / للتجاعيد / وإن نخرها / اليراع / فالحبر / سيد الكون .ص. 16 / 17 …
إن عناوين الديوان كشافة للفضاء التخييلي و الموضوعاتي ، حيث تحلق فيه النصوص من خلال علاماتها اللغوية الدالة وحقولها الدلالية الموحية إلى الرؤية الجمالية للشاعرة فتيحة النوحو من قبيل : الرحيل ، الأجل ، النخب ، الهزيع ، الناسكة ، الفتنة ، الغيب …
فرفض العدم في أبهى تجليه هو تأكيد الحضور والحرية في الاختياركعقيدة ، في الرؤية ، وفي الفعل . حيث الإقبال على الفرح ،على الرقص ،على اللذة بكل إصرار وترصد جميلين وشعريين . فالذات الشاعرة تصدح معلنة التحدي لقتامة الوجود المفروضة ، والتصدي لمختلف القيود الوهمية التي سنها حراس الحواس : عنوة / خنت / الذاكرة / فامنحني / أيها الهواء / ذرة / لأتفسخ . ص .15
فخيانة الذاكرة الرامزة للماضي والتراث الثابت ، شكل من أشكال التخطي والتجاوز ، وإعلان فصيح عن اختيار التحرر من قيم التحنيط المفروضة على الذاكرة ، على الجسد و الروح .. فطلب الهواء هو استجداء حلمي لمساحة أوسع من الحرية .. ولو بحجم ذرة ـ نملة ـ تتيح إمكانات الانطلاق ورغبة الخلود في حضن الزمن .. فالتفسخ مظهر من مظاهر الانعتاق يمس الكيان الإنساني : وجدانه ، ذاكرته ، رغباته .. و ” ما أجمل أن نموت على يد وردة ” كما قالت الشاعرة ، وهي تضيف :
دعيني / أداعب / غفوة الاشتهاء / بعيدا / لعل انخطافي / يسبي / ألق الافتتان / ص. 85
فالتأكيد على الفتنة والافتتان والاشتهاء والمداعبة هي دعوة صريحة للذات المسكونة بجعة الليل والاكتحال بشامته وشبقه وسكونه . والداعية إلى الإقبال على الجمال في تراتيل يخضبها برزخ الردفين وتعاويذ الإليتين والاختلاء بالثغر والترنم بالنحر .. هكذا تكون صلاة العشق زهد ماجن ، يصير فيه عطر الخصر سبحة والجسد كتابا و القبل آيات بينات :
دعيني / لآلهة الليل / تنثر بعضا / من رذاذي / ومن فتنتي .ص. 88
هكذا يرتفع الصوت الشعري الغنائي المبحوح في الديوان من بدايته إلى نهايته ، وفق نسق رؤيوي مستشرف لعوالم حالمة جديدة ، ومنفلتة مما هو سائد ومسود في الواقع المعيش ومرسخ فيه .. فكل واقع بقيمه المفروضة مرفوض في هذه الرؤية الشعرية الكليمة التي ترفع عصا اللاءات في وجه و قفا الرؤية الأحادية و التشميلية للكون والذات والأشياء.. و ترافع من أجل رؤية جمالية احتمالية وافتراضية تتغيا تدمير قيم المصادرة والتضييق والمحاصرة حين تبوح :
دعيني أسائل / عنفوان الانفلات / قليلا / لعل زهوي / يهمس لي / بعبق المفردات . ص. 84 .
فلتات شعرية أو اشتعال الانزياح
وإذا كان الشعراء والشاعرات أمراء وأميرات الكلام ، وسدنة معبد اللغة ـ كما قيل ـ فاللغة الشعرية في ديوان ” لن يستلنا العدم ” تحاول أن تكشف عن رؤيا الذات الشاعرة وبصيرتها في تخلق الصور الشعرية بعيدا عن المحاكاة وترديد المستهلك منها وبأقل ما يدل دونما حشو أو إطناب، مادام الهدف و المستهدف واضحين والمقصود بارزا .. من هنا تتحول اللغة بمستوياتها المعجمية والصوتية والتركيبية والدلالية إلى رماح لا تخطئ المعنى القديم تميته أو تصيبه بجروح بليغة وبالغة وهي تستند في ذلك على بلاغتها البيانية معتمدة المجازات الحارقة، المفتوحة على التأول. والتي لا نحيا بها ،ومن قبيل:
اعتنقي أحمر الشفاه / وهمس الأساور ص. 66 ـ فكي وثاق القرط الأصفر ص. 66 ـ ما أجمل أن تموت / على يد وردة ص. 5 ـ تيممت بجعة اليتم ص. 95 ـ لا ريب / فالموت موارب ص. 3 ـ الديدان / وهي تقضم / آخر حرف / نحت بريشتك ص.8 ـ رضعت أرق السنين .. ص.9 ـ لا تضعي الشاهد / فوق الجنة / العائمة / وإن نأت / عن تربتها .. ص. 9 ـ فلا / عنوان / للتجاعيد / وإن نخرها / اليراع / فالحبر / سيد الكون ص. 17 ـ واللحظ / غمد الداء / في صروف الهجر ص. 34 ـ فعطر / خصري سبحة .. ص.44 ـ ولأي دير / ينذرني / نبيذك ص. 45 ـ عمدي / قزحية / الحلمتين / بسمو / المزارات ص. 46 ـ هم / عصرا / في برزخ / الردفين ص. 96
هذه الفلتات الشعرية وحدها تحتاج إلى وقفات متأنية لتعرية مخبوئها والكشف عن آلامها و آمالها في أبعادها الإنسانية والجمالية و هي تستبطن النصوص الشعرية . التي تروي عطش القراءة بالمزيد من الظمإ . ” فإليك أيها الارتواء كل هذا الظمإ “…
على سبيل الختم
بعد قراءتنا المتأنية لترجمة الكاتبة صوفيا شهاب لنصوص الديوان الشعرية ، تبين لنا أن هذه الترجمة وحدها كتابة جديدة للنصوص الشعرية وتحتاج بدورها إلى قراءة فاحصة على اعتبار أن الترجمة في حد ذاتها خيانة مشروعة ، وإعادة كتابة النص السابق ، ولن نقول النص الأصلي . لأنه ـ في رأينا ـ لا وجود لنص أصلي بالفعل .. ثمة فقط نصوص متفاعلة في تخلق مستمر …
والملاحظة ذاتها تنطبق على اللوحات التشكيلية المؤثثة لفضاءات الديوان الشعري للفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي في تجربتها الفنية المعبرة عن أسلوبها الخاص الذي يحتاج إلى ناقد تشكيلي متخصص ليضيء ما غمض علينا من دلالات تؤشر عليها الأيقونات و العلامات و الأشكال والألوان والبياضات في سخونتها وبرودتها .. في علاقاتها باللغة ، بالذات و العالم المحيط بها .. و شرط هذه القراءة العارفة و العالمة غير متوفر لدينا لإمكاناتنا المتواضعة في الموضوع …
الخلاصة : أدركت بعد فوات الأوان أن المقاربة السيكولوجية للديوان ربما ، هي أقدر كشفا لما يعتمل في ثنايا النصوص الوجدانية التي تسهم في تذويت القول الشعري في سياق صراع نفسي بين رؤية ماضوية تمركزالجسد وتختصره في الشهوانية والشيطنة والإغواء والخطيئة وبين رؤية حداثية تؤسس رؤيتها من منظور إنساني جمالي يجعل الجسد معرفة وحلما وأفقا للحرية .. كما أدركت أن جوهر الديوان لحظات متأملة ومتألمة في جسد الوجود . تأمل استشراف أفق حالم أرحب للبوح الشعري وأنسنة الإنسان ذاته .. ـ
نص المداخلة التي شاركت بها في حفل توقيع ديوان ” لن يستلنا العدم ” للشاعرة المغربية فتيحة النوحو . إلى جانب الشاعرة حكيمة الشاوي والفنان أحمد جواد . وذلك في 5 مارس 2013 بمسرح محمد الخامس بالرباط ..
بقلم : عبد العاطي جميل

قد يعجبك ايضا

اترك رد