إكليل الجبل مصدر عيش موسمي ورمز للتوتر في منطقة الريش بإقليم ميدلت…

0 412

بيان مراكش / مولاي المصطفى لحضى

تقرير الكاتب العام الوطني لجمعية حقوق الإنسان بالمغرب، ذ.يوسف أجضاض

يعد إكليل الجبل (le romarin) كنزا ثمينا يكسو معظم الجبال المحيطة بالنفوذ الترابي لدائرة الريش و دائرة “ايت ازدك” بإقليم ميدلت ؛ وقد كان محلّ الاهتمام منذ ما يزيد عن 17 سنة خلت ، لما اتضح أنه يدخل ضمن مركبات بعض الأدوية الصيدلانية ، وفي خلائط الطب البديل ؛ وبدأ التهافت على استغلاله يسيل لعاب المهتمين والعارفين ، مما أدى إلى ظهور فئة من المستثمرين الغابويين كطبقة ستشكل قوة مالية ضاغطة فيما بعد على أصحاب القرار بالقطاع الوصي ؛ لكونها كسبت أرباحا طائلة بأقل تكلفة مالية ، وبالتالي اغتناؤها السريع من مدخول هذه النبتة.

          ومع توالي المشاكل والصراعات بين القبائل ؛ عمد القطاع الوصي على تقنين استغلال المادة  من خلال تأسيس ومنح التراخيص للتعاونيات الغابوية، يكون فيها المتعاونون من ذوي الحقوق  ، وذلك للحد من الاستغلال العشوائي الذي دأب  عليه المتربصون والمهربون ، وتقليص المشاكل التي تثار من حين لأخر بين الأفراد وبين القبائل. وكانت أولى تلك التعاونيات لاستغلال الأعشاب الطبية والعطرية  قد ظهرت بقصر انمل و زاوية سيدي حمزة  بقيادة ايت ازدك سابقا ومنطقة "  المدور  " بكرامة  قبل أن تتفرخ وتتعدد حاليا .

           ورغم تأسيس مجموعة من  التعاونيات  بالمنطقة  وجعلها نواة لتنظيم الاستغلال القانوني لأزير  إلا أن مشاكل التموين وضعت رقبة تلك التعاونيات تحت رحمة المقاولين الممولين  المعروفين في الاتجار في المادة على الصعيد الاقليمي  -  على رأسهم مقاول معروف  يثير القلاقل ويشكل مصدر ازعاج للتعاونيات والمكتتبين بالنفوذ الترابي لدائرة الريش والنفوذ الترابي لدائرة ايت ازدك بميدلت ، (مشاكل اعياض وانمل وابن عكي وزاوية سيدي حمزة وكرامة كنموذج)  -   يتولون ما يشبه كراء الترخيص (amodiation) خارج  بنود العقدة المبرمة ببن التعاونية والمصالح المركزية للمياه والغابات مقابل مبلغ مادي ؛ وأمام تنامي الوعي الجماعي لدى الساكنة حول أهمية النبتة الاقتصادية  ودورها  في خلق سوق شغل موسمي كل سنة ؛ ظهرت مشاكل متنوعة أدت في غالبها إلى التناطح وإذكاء روح العداء  بين المتعاونين أنفسهم أو بين المتعاونين  وغيرهم من الجوار ( نموذج من قصر انمل ووامترت في مواجهة أهل عياض و بوسلام  من إقليم بولمان  حول الحدود الفاصلة بينهم،  و مشاكل بتعاونيات قصر زاوية سيدي حمزة  و ومشاكل  بين تعاونيات قصر تلالون،  ومشاكل ذوي الحقوق  بتعاونيات قصر ايت بنعمرو ....) ،وعرف القطاع فوضى عارمة وانتشر  الاستغلال  العشوائي والنهب والسرقة  بشكل فظيع بتشجيع من بعض المقاولين الذين يسخرون  جيوشا من الفقراء والمحتاجين ؛  يجلبونهم من كل البقاع  ، دون أدنى  خبرة   أو تكوين في  عملية حصد الازير؛   لحصد النبتة من مناطق أخرى و شحنها  ليلا ، عن طريق مقاتلات التهريب آو دراجات ثلاثية العجلات أو الدواب ،  إلى  النفوذ الترابي لتلك التعاونية وإعادة شحنها بالطريقة القانونية إلى وجهة أخرى بإيعاز  وتواطؤ مكشوف من مسؤولي المياه والغابات بالمنطقة  ، بدءا بفريق  الخيالة (  les cavaliers)  الذين لا يبلغون عن العمليات لرؤسائهم  في غالب الأحيان تم الرؤساء الذين لا يقومون بأي مجهوذ في المراقبة ،   لكونهم يحصلون جميعا على  نصيبهم مقابل التزام الصمت .
        واهم المناطق التي تعمها الفوضى والنهب العلني  حاليا هي :  أقـــــا نوزروال وتيزي نتلغامت  و جبل ابنعكي  ؛  وجبل مصروح  ومنطقة سدور ومنطقة تمعدنيت وزاوية سيدي حمزة ...  ،  التي   هي  نماذج حية  وصارخة من التواطؤ والتغاضي والتساهل  من قبل المسؤولين لفائدة المقاولين ، خاصة كبيرهم الذي علمهم السحر ؛ وهي مناطق تزخر بكميات وافرة من النبتة وللأسف فأغلبها خاضع لنفوذ  التعاونيات ؛  مما يجعلها " وزيعـة".

و رغم بعض الخطوات الخجولة للقطاع الوصي من اجل محاربة تداول النبتة في السوق السوداء بتقديم العمال ، الحلقة الضعيفة ؛ إلى دهاليز المحاكم ، ومتابعتهم بالمنسوب اليهم ، والتغاضي عن رؤوس المافيات و الأباطرة الكبار الذين يقفون وراء النهب المستشري ، من خلال التعاون السلبي بين الطرفين فيما يخدم مصالحهما المشتركة ؛ فان ذلك لم يمنع الأهالي ، غير ما مرة ، من التعبير عن شجبهم وسخطهم عن استنزاف الازير عبر عرائض وشكايات – تبقى حبيسة الرفوف – تدعو فيها كل الجهات المتدخلة من اجل تكثيف الجهود للمحافظة على الازير من الانقراض بسبب الاستغلال المفرط والغير المعقلن والمتوحش أحيانا ( تمعدنيت . سدور . اقانوزروال ..) ويطالبون كذلك التعاونيات المستغلة بوضع دفتر التداول ؛ رهن كل متعاون يرغب في الاطلاع على المعلومات ؛ يوقعه الرئيس والمسؤول الغابوي يبين كل عمليات شحن الازير بما في ذلك معلومات عن أرقام الشاحنات وسائقيها ووزن الحمولة و الإذن بالمرور laissez-passer وتاريخ العملية …. الخ ، والكل لتيسير المراقبة و فضح المتسترين والمتواطئين .
وكأداة عملية وفاعلة لتقليص المشاكل فيما بين القبائل ، فقد تعالت الأصوات هنا وهناك تطالب مصالح المياه والغابات ومكتب تنمية التعاون بالتدخل من اجل تحيين مكاتب التعاونيات من خلال عقد جموعاتها العامة وتقديم تقاريرها المالية والادبية في وقتها ، كما تطالب ايضا إلى منح التراخيص لكل قبيلة على حدة لاستغلال مجالها الغابوي مهما كانت مساحته ( نموذج قبائل قيادة كرامة من تلالون واداشر غربا إلى ايت بنعمرو شرقا وقصور زيز الأعلى وزيز الاوسط ومنطقة سدور بقيادة ايت ازدك .ومناطق زاوية سيدي حمزة والنزالة بقيادة سيدي عياد ومناطق عياض وبوسلام …) ولازالت هذه المصالح تتلكأ في تلبية بعض الطلبات في إنشاء التعاونيات مما يذكي الصراع ألاثني في المنطقة ويشجع عملية النهب للمادة ويعجل بعملية التعرية للمناطق التي يكسوها اكليل الجبل.
كما أن المجالس الجماعية تضع ، هي الاخرى ، العصا في العجلة باختلاق مشاكل لمنع التداول في ملف التعاونيات في دوراتها إما لأسباب سياسوية آو لحسابات ضيقة مع المؤسسين مما يعرقل المسطرة وتفويت مداخيل مهمة على ميزانية الجماعة الترابية وحرمان الدولة من المداخيل المفروضة للاستغلال المنصوص عليها في عقدة الشراكة الرسمية بين التعاونية والمصالح المركزية للمياه والغابات .
وخلاصة القول فان مسؤولية استغلال ونهب ازير بالاقليم برمته يبقى على عاتق مسؤولي المياه والغابات وطنيا وإقليميا ومحليا ،حيث ربط المسؤولية بالمحاسبة والمساءلة من واجب السلطات المركزية تطبيقها على المخالفين مهما كانت درجاتهم ومستوى مسؤلياتهم داخل الجهاز أفقيا وعموديا . وعليها الاهتمام أيضا بالكم الهائل من الشكايات التي تتقاطر على مصالحها من السكان المتضررين والفاعلين الجمعويين وإجابة كل مشتك في اجل معقول في إطار الحق في الحصول على المعلومة ، و تحريك مساطر المتابعة ضد المتورطين سواء كانوا مقاولين آو مسؤولين إداريين . وإقليميا ومحليا ، يجب إبداء المرونة للازمة في التعامل مع الملفات المتعلقة بتكوين التعاونيات لتخفيف حدة التوتر العرقي وتبني الحياد واجتناب شبهات التواطؤ والمحسوبية وتكثيف دوريات المراقبة في المناطق المعروفة بالتهريب ، وزجر التعاونيات المخلة بالقانون وببنود العقدة سيما التي تتواطأ في ابرام اتفاقيات مشبوهة او التي تمنح الإذن بالمرور مسبقا للمقاول من اجل تسهيل شحن الازير المهرب ، وإغلاق المستودعات التي لم تكن مقراتها داخل النفوذ الترابي للتعاونية المرخص لها قانونا لاستغلال الازير ؛ والزام كل التعاونيات على اخضاع عملية بيع المنتوج للسمسرة العمومية وفق المعايير القانونة للحفاظ على حقوق المكتتبين ، و الترخيص فقط للتعاونيات لاستغلال المستودعات لتفادي النهب المقنن للأزير.
كما يجب أيضا على السلطات المحلية ومصالح الدرك الملكي ، باعتبارها إدارات ذات مسؤوليات مشتركة في محاربة الجريمة ، القيام بالدور المنوط بهما ومتابعة كل من ثبت تورطه في سرقة الازير وفق القانون.
وحقوقيا، أدواتنا هي الرصد والتتبع والفضح ، و ندين في نفس السياق الصمت المطبق الممارس من كل الجهات بشأن التغاضي والتساهل مع المتورطين في استنزاف غابة الأرز و الازير بكل النفوذ الترابي باقليم ميدلت .

قد يعجبك ايضا

اترك رد