السيد الكثيري: الاحتفاء بيوم إفريقيا والذكرى الـ 60 لتحرير القارة تكريم لتاريخنا المشترك.

0 208

أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، اليوم الخميس بالرباط، أن الاحتفاء بيوم إفريقيا والذكرى الـ 60 لتحرير القارة تكريم “لتاريخنا المشترك ولصانعيه وللرواد الأوائل الذين أبلوا البلاء الحسن في سبيل العزة والكرامة والوحدة الإفريقية”.

وأبرز السيد الكثيري، في كلمة بمناسبة الاحتفاء بيوم إفريقيا والذكرى الـ 60 لتحرير القارة، أن هذا اليوم يشكل مناسبة سانحة لتسليط الأضواء على التراث النضالي المغربي-الإفريقي المشترك الذي خلفه الرعيل الأول وجيل الكفاح التحرري والنضالي في مواجهة الاحتلال الأجنبي.

وشدد على أن التاريخ يشهد أن المملكة المغربية بادرت، غداة استقلالها، إلى تفعيل البعد الإفريقي عبر المشروع الطلائعي والتحرري الذي دعا إليه جلالة المغفور له محمد الخامس من خلال حرصه في يناير 1961 على استضافة مؤتمر الدار البيضاء وإنشائه لـ “مجموعة الدار البيضاء” ذات التوجه التحرري والثوري من أجل تحديد سياسة إفريقية مشتركة حول القضايا المطروحة آنذاك على الساحة الإفريقية والدولية وإنشاء وحدة سياسية، وإرساء اندماج اقتصادي وسياسي ومجتمعي تحت شعار “الأفريقوية” (Panafricanisme).

وأشار إلى أن هذه الرؤية الاستشرافية لجلالة المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، تستند إلى الرصيد التاريخي والتجاري والروحي والثقافي والسياسي لعلاقات المملكة المغربية مع العديد من الدول الإفريقية حديثة الاستقلال آنذاك.

وترسيخا لهذا الخيار الاستراتيجي للمملكة المغربية، يسجل السيد الكثيري، واصل جلالة المغفور له الحسن الثاني ربط جسور هذا المشروع التحرري من خلال دعم بعض الأقطار الإفريقية والإسهام في طموحاتها وتطلعات شعوبها في التحرر من ربقة الاستعمار.

وأبرز، في هذا الصدد، أن المملكة كانت من الرواد المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية، إيمانا منها بأن نجاح القارة الإفريقية يكمن في وحدة شعوبها وتضامنها وتآزرها واستقرارها، بعيدا عن التجاذبات والتقاطبات المذهبية والإيديولوجية، لافتا إلى أن دعم المغرب لحركات التحرر الإفريقية شكل إحدى الثوابت الوطنية.
وأضاف السيد الكثيري أن المغرب ظل ثابتا في مواقفه ومبادئه وتوجهاته نحو القارة الإفريقية، داعما باستمرار لقضاياها المصيرية ومنتصرا لمصالحها التنموية، “وهو ما تؤكده السياسات الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، والذي منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، لا يدخر وسعا في إبرام الاتفاقيات والتعاقدات والشراكات مع البلدان الإفريقية الشقيقة والصديقة، وكذا في نسج علاقات دبلوماسية واقتصادية وتنموية متينة قوامها التعاون الصادق والهادف إلى ضمان نشر الأمن والاستقرار ومناهضة العنصرية والإرهاب، ونبذ كل أشكال التطرف والكراهية، والعمل على غرس أسس وأركان السلم الاجتماعي”.

من جهة أخرى، ذكر السيد الكثيري بالجهود التي تبذلها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، استحضارا وتثمينا لهذا الرصيد التاريخي والنضالي المشرق، الذي جمع المملكة المغربية بالبلدان الإفريقية الشقيقة، وفي خضم هذا الزخم المتصاعد الذي تعرفه العلاقات المغربية-الإفريقية.

وأشار إلى أنه تم الشروع، في السنوات القليلة الأخيرة، في اعتماد مشروع تدويني وتوثيقي لهذا الموروث التاريخي المشترك من خلال إصدار عدة مؤلفات ومصنفات في الموضوع، وتنظيم مناظرات وندوات فكرية وعلمية دولية ووطنية.

وامتدادا لهذا التوجه التوثيقي، يضيف المسؤول، أصدرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سفرا جامعا لأزيد من 900 صفحة باللغتين العربية والفرنسية بعنون “الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية”، تناول فيه باحثون ومتخصصون، منهم 22 مغربيا و20 جزائريا مختلف أوجه الدعم المادي واللوجستي الذي قدمته المملكة المغربية لجبهة التحرير الجزائرية، وذلك منذ اندلاع الثورة التحريرية الجزائرية في فاتح نونبر 1954 إلى غاية إعلان استقلال الجزائر الشقيقة في 5 يوليوز 1962.

وفي هذا الإطار، أعلن السيد الكثيري أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تعمل، بتعاون وشراكة مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على إحداث رواق خاص بالذاكرة المشتركة المغربية-الإفريقية، سيحتضنه الفضاء الوطني للمقاومة والتحرير بالرباط التابع للمندوبية.

وأوضح أن هذا الرواق سيشكل وعاء حاضنا للمعروضات المتحفية التاريخية والأدبية والفنية ذات الصلة بهذه الفترة المجيدة من الكفاح التحرري المشترك، والناطقة والشاهدة على الأحداث التي عرفتها هذه الفترة، “وهي أداة وسيطة وناجعة لنقل ثقافة وفكر وتاريخ الحركة التحررية بإفريقيا تجسر التواصل مع المؤسسين الماهدين للعمل التحرري الإفريقي وتتيح الاطلاع على مآثرهم وبصماتهم”.

وأضاف أنه، وفي نفس السياق، يندرج إحداث جناح متحفي للذاكرة التاريخية المشتركة المغربية الجزائرية بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بوجدة مع معلمة تذكارية لحركات التحرر الوطني الإفريقية بضيعة بلحاج ببركان.

وتابع بأنه سيتم أيضا الشروع قريبا في أشغال بناء فضاء، تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بالموافقة على إطلاق اسمه عليه، وهو فضاء محمد السادس للذاكرة التاريخية المشتركة المغربية الإفريقية بمدينة أصيلة.

وتميز هذا الحفل، الذي أقيم بحضور أعضاء في الحكومة المغربية، وعدد من سفراء الدول الأجنبية المعتمدين بالمملكة، بعرض شريط وثائقي يستعيد، مع شهادات تاريخية، دعم المغرب لحركات الاستقلال في إفريقيا.

كما حضر المشاركون في هذا الحدث افتتاح معرض “إخوة في السلاح، من الكفاح من أجل استقلال إفريقيا إلى عهد التنمية المشتركة” الذي يتضمن، بالأساس، عدة صور تاريخية للمصور محمد مرادجي.

قد يعجبك ايضا

اترك رد