عقدت اللجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي دورتها السابعة، بمراكش، يوم 30 شتنبر 2018، تحت شعار “جبهة للنضال من أجل التحول الديمقراطي”، وذلك تزامنا مع الذكرى العشرين لرحيل المناضل الكبير الفقيد عبد الغني بوستة السرايري،استحضاراً لمواقفه المتميزة من مختلف القضايا الدولية والوطنية والتي قدم من أجلها تضحيات جسام، هذه الذكرى التي عرفت نجاحا كبيرا من ناحية الحضور النوعي والكثيف وكذا مضامين محاور النقاش.. فشعار ” الجبهة الوطنية الواسعة من أجل الديمقراطية” والذي كنا سباقين في الإعلان عنه في الساحة السياسية وفي أدبياتنا الحزبية، ووفق المساهمات الفكرية والنظرية القيمة للمناضل الكبير عبد الغني بوستة السرايري، يحافظ على راهنيتة، بتقوية أداء فيدرالية اليسار الديمقراطي تنظيمياً ونضالياً، في أفق خلق تكتل واسعٍ يضم كل الإطارات السياسية والنقابية والجمعوية والحقوقية والمثقفين ووِفْقَ برنامجِ حد أدنى للتغيير الديمقراطي واضح المعالم، في سبيل تغيير موازين القوى لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وبعد المصادقة على جدول أعمال اللجنة المركزية والاستماع لتقرير الكتابة الوطنية الذي ألقاه الكاتب العام للحزب الرفيق علي بوطوالة، حيث تطرق فيه بالتحليل لمتغيرات الوضع بالمنطقة العربية والمغاربية، وانعكاساته الخطيرة على السلم العالمي من خلال الهجوم الامبريالي الصهيوني بدعم وتمويل من الدول الرجعية في الخليج العربي وفي مقدمتها السعودية وحلفاءها، إضافة إلى الوضع المتأزم والخطير الذي يهدد مصير الشعب المغربي بسبب الاختيارات البائدة اللا شعبية واللا ديمقراطية التي ينتهجها النظام المخزني على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خلصت اللجنة المركزية إلى ما يلي:
على المستوى الدولي:
– تعلن اللجنة المركزية إدانتها لاستمرار الحرب القذرة ضد وحدة الشعوب العربية في كل من سوريا واليمن وليبيا والعراق وفلسطين، هذه الحرب التي تقودها الامبريالية الغربية والصهيونية وحلفاءها الرجعيين في المنطقة العربية وفي مقدمتها العربية السعودية ودول الخليج التي تمول هذه الحرب الهمجية والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عن طريق ما يسمى بصفقة القرن الفاشلة، سعيا لضمان أمن الدولة الصهيونية العنصرية في المنطقة والإبقاء عليها كقوة ردع في المنطقة ضد كل حركات التحرر العربية. وتؤكد دعمِ حزبنا لصمود الشعب الفلسطيني ولكل حركاته المناضلة في كفاحه اليومي عبر المسيرات اليومية للعودة إلى أراضيه، ومحاربةَ وثيرة الاستيطان وهدم المساكن، والتقتيل اليومي للأطفال والشباب الفلسطيني البطل والمبدع لمسيرة العودة، من أجل تحرير أرضه وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
– تطالب بوقف الحرب الهمجية ضد الشعب اليمني وسحب الجيش المغربي من اليمن، وتؤكد على أحقية الشعب اليمني في تقرير مصيره.
– وأخيرا تجدد مواقف الحزب المناصرة لكل قضايا التحرر في العالم باعتباره امتدادا لحركة التحرير الشعبية.
على المستوى الوطني:
– أن مصدر الموجات البشرية للهجرة القسرية للشباب المغربي هو الاختيارات النيوليبرالية للدولة المخزنية والتي أجهزت على القطاعات الاجتماعية الحيوية، من تعليم وصحة وتشغيل وسكن مما وسَّعَ من خريطة التفقير والتهميش والفوارق الاجتماعية والمجالية، وقضت على الأمل بمستقبل يحفظ كرامة الشباب المغاربة، سواء المتعلم منهم أو غير المتعلم، وقد أصبح الخيار الأبرز لديهم هو الهجرة وبأية وسيلة، وفي ذات السياق فإن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي يدين بشدة جريمة القتل التي ذهبت ضحيتها الشابة حياة بلقاسمويتشبث بفتح تحقيق قضائي في ملابسات إطلاق الرصاص من طرف البحرية الملكية على مواطنين عزل دفعتهم البطالة والفقر والقهر والظلم إلى ركوب أمواج البحر بحثا عن النجاة، ويندد بدور الدركي الذي ارتضته أجهزة الدولة كنهج لوقف الهجرة القسرية بدل التنمية الشاملة والعادلة. نفس المقاربة القمعية المخزنية والتي أودت بحياة فضيلة عكاوي ضحية أخرى من ضحايا الاحتجاجات الشعبية العارمة ضد التهميش ومواطنين آخرين ضحايا الفيضانات والسيول الجارفة وكل هذه القضايا والملفات الاجتماعية الحارقة بقيت معلقة لحدود اللحظة.
– أما قضية الصحراء المغربية، ففي مقابلِ عدم رغبة الدولة في حل هذا الملف والاستفراد به وتدبيره بطريقة فيها الكثير من الانتقائية والأخطاء الدبلوماسية التي تضر بقضيتنا الوطنية، بخياراتها المعتمدة على الريع والزبونية القبلية وشراء الولاءات وخلق لوبي واسع من ذوي المصالح والامتيازات والانتفاعيين، وما نتج عن ذلك من احتقان اجتماعي تستند عليه النزعة الانفصالية في دعايتها وحملاتها المغرضة، خصوصا مع تهميش الحركة الديمقراطية… فإن اللجنة المركزية تؤكد من جديد بأن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي كاستمرار لحركة التحرير الشعبية والحركة الاتحادية الأصيلة، بمواقفه وتحاليله التي يثبت الواقع صحتها: يعتبر الديمقراطية مدخلا أساسيا لوحدة أراضينا، ويربط تحرير الأرض بتحرير الإنسان، وعياً منه بما يُحَاكُ دولياً من مؤامرات القوى الرأسمالية لتفتيت وحدة الشعوب وعيشها المشترك وسيادتها على أوطانها، وإيمانا بأن الامبريالية ستصطدم بجدار وحدة المغاربة تحصيناً لسيادتهم على كامل أراضيهم، بما فيها التي لا زالت ترزح تحت نير الاستعمار: سبتة، مليلية، والجزر الجعفرية.
– تؤكد اللجنة المركزية بأن التعليم العمومي يعتبر قنطرة أساسية للترقي الاجتماعي لأوسع شرائح الشعب المغربي، والصيغة التي يُرَاد بها إنزال القانون الإطار لإصلاح المنظومة التعليمية لا يمكن إلاّ أن تكرس التخلي النهائي للدولة عن المدرسة العمومية، بإفراغها من مقومات التقدم والتنوير والجودة، وتصفية الولوج المجاني لبنات وأبناء المغاربة إليها، وتكريس الطبقية في مجال التعليم، وفي هذا الصدد تدعو اللجنة المركزية للحزب إلى تحويل الدفاع عن التعليم العمومي لمعركة مجتمعية تُعيدُ للمدرسة مكانتها في بناء مجتمع الحرية والمواطنة والتقدم والرُّقِي العلمي والتكنولوجي.
ترى اللجنة المركزية بأن إطلاق سراح نشطاء الحراك السلمي العادل على امتداد خريطة الوطن ووقف المتابعات القضائية ضدهم، هو المدخل الأساسي لمعالجة الأزمة العامة التي تمس عيش المغاربة ومطالبهم الملحة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ومن ضمنهم مناضلو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذين تتم متابعتهم ومحاكمتهم في هذه الأثناء بكل من بركان وبني ملال،.. وإذ تعبر اللجنة المركزية عن إدانتها الشديدة لكل أشكال التضييق على النشاط التنظيمي والإشعاعي للحزب، بحرمانه من وصولات الإيداع لتأسيس الفروع الجديدة : الداخلة وتازة كنموذج، مُعْلِناً عزمه اتخاذ كل الأشكال النضالية اللازمة من أجل انتزاع حقه في التنظيم، فإنها تجدد مطالبتها بوقف هذه الممارسات القمعية والتعسفية التي تذكرنا بالانتهاكات الجسيمة لسنوات الرصاص، والتي تفضح زيف شعارات دستور2011، ومواصلة الحكم المخزني التراجع على جميع المكتسبات التي حققتها الحركة الديمقراطية وحركة 20 فبراير المجيدة .
–تندد اللجنة المركزية بالحملة المغرضة التي تعرض لها الحزب واليسار عموماً بهدف الإساءة إليه ومحاولة التشكيك في مواقفه المبدئية ورصيده النضالي، كما تندد بالافتراءات والأكاذيب التي استهدفت الكاتب العام للحزب وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي ظل يناضل ضد كل أشكال الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي.. ومن أجل مجتمع الحرية والديمقراطية والاشتراكية وتحرير الإنسان من مختلف أشكال القهر والاستلاب، وسيظل مُدَافِعاً عن البعد الروحي للشعب المغربي وحرية المعتقد وفصل الدين عن الدولة والمساواة بين الجنسين في كافة المجالات، وفي نفس الوقت التصدي بحزم لكل أشكال استغلال الدين لمآرب اقتصادية وسياسية وفئوية من طرف عدد من الحركات والأنظمة الرجعية، وفي مقدمتها النظام السعودي الذي تحول إلى أداة سياسية وعسكرية ومالية وثقافية في يد المشروع الإمبريالي والصهيوني في المنطقة.
– تحيي اللجنة المركزية بحرارة الحيوية النضالية لمناضلات ومناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي في إنجاح محطات المؤتمرات الإقليمية والأنشطة الحزبية المتميزة محليا، جهويا، شبابيا، نسائيا، نقابيا، جمعوياً، وكذلك في توسيع دائرة التنسيق والتواصل الخارجي مع حلفائنا في التنظيمات اليسارية العالمية، في مواجهة نماذج التبعية المخزنية التي تروج لنهاية السياسة بإشاعة اليأس والإحباط، بدل الأمل بالمستقبل.
– إن اللجنة المركزية وتماشيا مع توجهات الحزب ومواقفه لا يَسَعُها إلا أن تثمن الخطوات النضالية التي سطرها الائتلاف المغربي للدفاع عن التعليم العمومي وكذا اللجنة الوطنية لدعم الحراك الشعبي، كما تؤكد دعمها للجمعية المغربية لحماية المال العام في مبادرتها الهادفة إلى خلق تَكَتُّلٍ لمناهضة استمرار الفساد ونهب المال العام، وتدعو جميع المغاربة إلى المشاركة المكثفة في المسيرة التي دعت إليها يوم 14 أكتوبر 2018 بالدار البيضاء، وتؤكد على تشبث حزبنا بكشف كل ملابسات تهريب العملة والمعادن النفيسة وخيرات البلاد، وبضرورة إقرار التوزيع العادل للثروة ومحاسبة كل المتورطين في ملفات الفساد واختلاس وتبذير المال العام والتهرب الضريبي.
اللجنة المركزية،
مراكش، في 30 شتنبر 2018.