المالُ والمآل .

0 273

من تاملات محمد خلوقي .

لماذا يطول حساب أهل المال والجاه والسلطة حين يغادرون الحياة ويُعرضون أمام خالقهم ؟؟
لانهم إن عدلوا في ما رزقهم الله ، أسهموا في تطوير البلاد وإسعاد العباد، سعادة باقية ًومستمرةً ، ونالوا على ذلك رتبا رفيعة في الاخرة، لايصلها الا الاتقياء والانقياء والصالحون ، فالحاكم العادل ، والغني المتصدق من ماله اناس يُظلُّهما الله يوم لا ظلَّ الاظله.فإن أفسدوا وظلموا ، فلا شك انهم يضرون بالعباد والبلاد ، بل تستمر انعكاسات محنة هذا الافساد والظلم أعمارا ودهورا .
وهكذا فكل خير وعطاء ، وع كل عدل وإنماء سيظل شاهدا على صاحبه ، بل سينفعه في مثل هذه المواقف ، وفي نفس الوقت فان كل محنة أو ضرر مادي ومعنوي ، تسبب فيه صاحب المال او السلطة ،فان جرحه سيبقى نازفا ، لا يندمل ولا يبرأ بسهولة ، ويَطالُ ألمُه وضرُرُه الفردَ و المجتمعَ معا ،
ولهذا تخبرنا النصوص الدينية المقدسة بهذا المآل السعيد او الحزين ، بحيث يقف الناس قبل الحساب في ساحة الحشر حيث الحر الشديد الذي يفوق الوصف؛ ويمكث العباد فيه مـدة طويلة الله اعلم بمقدارها ، والشمس دانية من رؤوسهم ؛ فمنهم من يكون العرق إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حِقوَيْه ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً، وهناك آخرون من ذوي الأعمال الجليلة والرتب الرفيعة لا يعانون من شيء من ذلك، ومن هؤلاء المتصدقون والعادلون الذين أفادت النصوص بأنهم يكونون في المحشر في ظل صدقاتهم تحميهم من شدة الحر، وتدفع عنهم وهج الشمس ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : “كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس”ولا يتوقف الأمر على ذلك، بل إن العبد متى فرَّج عن غريمه أو عفا عنه، ومتى أسرَّ بصدقته وأخفاها كان ذلك مؤهلاً له للاستظلال في ذلك الموقف العظيم تحت العرش، لقوله صلى الله عليه وسلم : “من نفَّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة”، وقوله صلى الله عليه وسلم : “سبعة يظلهم الله ـ تعالى ـ في ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ وذكر منهم ـ: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”
هذا حال العادلين والمتصدقين واهل الخير ، اما كل مفسد وجائر وظالم سيجد نفسه امام الحساب قد خسر كل ما كسب ، بتحمله اخطاء َوذنوبَ الاخرين .
وهذا لعمري هو الخسران المبين، فمثل هذا البشر الغافل تجده يُراكم ثروة ، ومكانة ، وسلطة بطرق غير مشروعة ، وفي اخر المطاف يترك كل امواله ووجاهته وسلطته محبوسة في الدنيا ، ثم يتحمل مسؤولياتها في الاخرة ، بل يُسعد بها كل من ظلمهم او نهبهم في الحياة الدنيا، وقد لا يلوى منها الا على العذاب المبين .
نعم انه سوء التقدير والعاقبة لمآل الجاه والمال ، بسبب التكبر والانانية والذاتية المريضة التي تقتل عند هذه الفئة وازع الدين والاخلاق والاحساس بالقيم الانسانية النبيلة ،
نسال الله ان ينبهنا جميعا الى أخطائنا قبل فوات الاوان .
محمد خلوقي

قد يعجبك ايضا

اترك رد