نجيب لمزيوق: بيان مراكش
لازال المغاربة يتذكرون تفاصيل العرس الأسطوري لنجل ال تشابو لفقيه بنصالح ،يتذكرون الحفل الصاخب الذي حرم أعين ساكنة هذه المدينة من النوم طيلة ليلة من ليالي المدينة الهادئة التي شهدت صورا لأنواع البذخ والترف من غزلان ناذرة مشوية تزين موائد الضيوف وقوالب حلوى عملاقة، يراقص المبدع زوجته على أنغام رائعة “داليدا” الحياة الوردية بصوت الاسطورة الإسباني “خوليو اغليسياس”،وخيام ممتدة على هكتارات ضمت لوحات للتبوريدة واخرى لفنون شعبية مختلفة وجوانب اخرى كلفت ما يزيد عن المليارين وسط مدينة يعيش أهلها كل أصناف الفقر والتهميش
جزء بسيط من مبدع يتحكم في جزء مهم من تراب المملكة..نفس النسخة تتواجد بكل بقعة من أقاليم ومدن الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه مئات المبدعين ابدعوا في إفقار الشعب وجعله يعيش العوز والهشاشة ومٱسي اجتماعية لاتنتهي منذ الاستقلال إلى الآن.
ليبقى السؤال ..هل هناك نية فعلية لشن حملة ضد باقي المبدعين على شاكلة ال تشابو أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تصفية حسابات سياسية بين العفاريت والتماسيح الذين تكلم عنهم بنكيران مرارا وتكرارا.
صاحب العقل السليم سيتسائل كيف ذلك ورئيس الحكومة نفسه جاء إسمه ضمن تقرير ادريس جطو المثير للجدل والكل يعلم انه بعد هذا التقرير الذي لم يدَون عبثا وإنما جاء نتيجة بحث موسع تم إعفاء صاحبه دون أن يأخذ تقريره بعين الإعتبار.
فرغم هذا التقرير الصادر عن الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات سابقا السيد إدريس جطو حول المخطط الأخضر / رغم نداءات القوى الحقوقية الجادة / رغم انتقادات الفاعلين السياسيين ، رغم صخب الندوات العلمية في الموضوع / رغم ما صرح به عبد اللطيف الجواهري بصفته واليا على بنك المغرب ؛ وهو كفاءة مهنية عالية ، ورغم ما صرح به المندوب السامي للتخطيط الأستاذ الحليمي ؛ وهو كفاءة مهنية وسياسية عالية / .. ؛ رغم كل هذا نجد الناطق الرسمي باسم الحكومة يدلي بتصريحات متناقضة بما ينم عن ضعف استيعاب خطورة التسويق لصورة سلبية عن الوطن عبر احتقار الحقوق الإقتصادية والإجتماعية البسيطة بضمان الخضر والخبز بأثمان مناسبة لعموم المواطنين ، كما نجد وزير الثقافة يقول إن بنك المغرب له نمودجه الإقتصادي !! والمندوبية السامية للتخطيط لها نمودجها الإقتصادي ؛ وهو تصريح يعكس استخفافا خطيرا بدور مؤسسات الدولة في تعقب السياسات العمومية لكونها من المؤسسات الدستورية ( نذكر السيد الوزير أن اخبارا تروج عن وزير كان رئيس جمعية فقط ثم أصبح منتخبا محليا ثم وزيرا ثم صاحب شركة مع شقيقه ثم حصل على جنسية فرنسية ثم خمسين مليار ..!! وطبعا هذا ليس في المغرب بل ضمن فصل من مسرحية ” عندما يسترخص الصغار وطنا كبيرا ” . والأنكى أنه إلى الأن ما تزال وضعية السوق الداخلية مثيرة لأكثر من سؤال حول دواعي ما يقع في دولة كان يضرب بها المثل فلاحيا عربيا وإفريقيا وبمنتهى الفخر والإعتزاز لدرجة لم يسبق للمغاربة أن عاشوا مثل هذه الأزمة التي جعلت اللحوم البرازيلية تلبي حاجة المغاربة من اللحم رغم جهلنا عن ظروف تسمينها !!! ولعلها رمزيا إساءة حقيقية لصورة المغرب الذي يصدر خبراته الفلاحية للأفارقة وللعرب قبل أن ينتهي به المطاف ضحية لأزمة غذائية استثنائية باعتراف الجميع من المغاربة الأوفياء قبل غيرهم من خصوم المغرب الذين يسخرون منا ولا كلل ..لتبقى القناعة ان اعتقال مبدع لن تكون نهاية الابداع يتمركز مسؤولوه داخل حصون محصنه تحميهم من السؤال
اعتقاد انه ان الاوان لمحاربة الفساد وانه هناك فعلا نية للمضي في ذلك هو ضرب في الخيال مادام المفسدون هم من يدعون محاربة الفساد …
