تــــــــــــصريــــــــــــــح الجمعيــــة المغربيــــة لحقــــــوق الإنســــــان  بمناسبة الذكرى 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان- 10 دجنبر 2018-

0 599

إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية العالمية، وتحت شعار: “لا للحصار والتضييق، لا للاعتقال السياسي والتعذيب، كل حقوق الإنسان للجميع”، تخلد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، 10 دجنبر 2018، الذي يصادف هذه السنة الذكرى 70 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في جو عام موسوم بالتردي المتزايد لوضعية حقوق الإنسان في المغرب، في كافة المجالات، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبيئية والتنموية وحقوق الفئات. فيما الدولة مستمرة في تمرير سياساتها المملاة من الأذرع المالية للإمبريالية العالمية، المنتجة للفقر والحرمان، متجاهلة مطالب المواطنات والمواطنين واحتجاجاتهم المتزايدة؛ ومصممة على فرض خيار المقاربة الأمنية في مواجهة الحركات الاحتجاجية للمواطنات والمواطنين المطالبين بحقوقهم.

أما الحق في تأسيس الجمعيات والانتماء إليها، وحق الجمعيات والنقابات والأحزاب في تجديد مكاتبها، وعقد اجتماعاتها وتنظيم أنشطتها الإشعاعية والثقافية، وحرية التجمع والتظاهر السلمي، وحرية التعبير وحرية الصحافة، فهي تعرف اعتداءات وتضييقا غير مسبوق ومتزايد. بينما يتعرض المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان للتضييق والتشهير والمتابعات القضائية الانتقامية، ولمسّ خطير بحرياتهم وحقوقهم، خاصة منذ منتصف يوليوز 2014، حين عبّرت الدولة علنا وبشكل رسمي عن خيارها في التعامل مع الهيئات المنتقدة لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية، بشكل عام، بمحاولة تسفيه عملها والمس بمصداقيتها؛ واستهداف الجمعية والضغط عليها، بكيفية خاصة، عبر حملات الدعاية المغرضة والرخيصة، وحرمانها من استعمال القاعات العمومية؛ واعتماد أساليب لا مشروعة وغير قانونية بغية عرقلة أنشطتها، وإعاقة برامجها في مجال النهوض بحقوق الإنسان والتربية عليها، مع التضييق على فروعها  برفض تسلم ملفات تجديد مكاتبها وتسليمها وصولات الإيداع، وحرمانها من الدعم المالي العمومي للجماعات المحلية، في ما يشبه الحظر العملي أو التقني للجمعية.

هذا فيما تستمر شعوب المنطقة المغاربية والعربية في ابتداع أساليب نضالية لمقاومة الاستبداد وأسباب التخلف، ومن أجل إرساء أسس الديمقراطية وبناء دول الحقوق والحريات، ومواجهة تدخل الإمبريالية الأمريكية والأوروبية وحلفائها من الدول المستبدة، لإدامة تحكّمها في الخيرات والثروات وتوجيه سياسات واقتصادات دول المنطقة لتحقيق مصالحها، وزرع الحروب والاقتتالات، وتجهيز فيالق التطرف والإرهاب ودعاة الطائفية والاحتراب المدمرة للإنسان وللبنيات الاقتصادية والسياسية والمجتمعية. ويستمر الشعب الفلسطيني في تسجيل ملاحم في مقاومته الشعبية للاحتلال الصهيوني، وجرائمه ضد الإنسان والأرض والبيئة الفلسطينية، في مقابل انفضاح خيانة العديد من دول المنطقة، وإعلان ارتمائها في أحضان المشروع الإمبريالي الصهيوني، والتنكر لموقف شعوبها الداعم للقضية الفلسطينية.

أما على المستوى العالمي، فإن استقبال الذكرى السبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يجري على إيقاع التدهور المتزايد لحقوق الإنسان والتراجع على مكاسب البشرية، واحتجاج الشعوب في الكثير من الدول الأوروبية والأمريكية على انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ نتيجة سياسات الحكومات السائرة نحو الإجهاز على مكتسبات شعوبها، وتحميل المواطنين والمواطنات وزر الأزمة الاقتصادية العالمية، في مقابل تمكين الشركات والأغنياء من امتيازات ضريبية وتسهيلات في مجال القوانين الشغلية. فيما تتصاعد النزاعات والصراعات الإقليمية والحروب في العديد من المناطق، ويتزايد التهديد على البيئة، ويتعاظم الاستغلال المكثف للمخزون الطبيعي؛ الأمر الذي ما فتئت المنظمات والشبكات المدافعة عن حقوق الإنسان في العالم تندد به وتشجبه، وتنادي بضرورة إقرار سياسة دولية تراعي التوازن والعدالة واحترام حقوق الإنسان.

واختارت الجمعية كشعار لتخليدها لليوم العالمي لحقوق الإنسان هذه السنة: “لا للمنع والتضييق، لا للاعتقال السياسي والتعذيب، كل حقوق الإنسان للجميع”، تعبيرا عن إدانتها لممارسات السلطات تجاه حق الجمعيات والنقابات والأحزاب في العمل باستقلالية عنها،  واعتدائها على حرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر السلمي، واستعمال الفضاءات العمومية والخاصة لتنظيم أنشطة حقوقية أو نقابية أو سياسية، أو جمعوية؛ ورفضها لكل أشكال ومظاهر التضييق على الجمعية، وتوظيف القضاء للانتقام من المناضلين والمناضلات، والمدافعين والمدافعات على حقوق الإنسان بشكل عام، والصحافيين والمدونين، ونشطاء الحراك الشعبي بالريف وجرادة وزاكورة وغيرها من المناطق، على وجه التخصيص، واعتقالهم وتلفيق التهم وفبركة الملفات والمحاضر وإقامة محاكمات سياسية واستصدار أحكام جائرة في حقهم، حيث بلغ عدد المعتقلين السياسيين ببلادنا حجما غير مسبوق فاق الألف معتقل ومتابع. وتنديدها بالحملة القمعية الممنهجة؛ واستنكارها للسياسات الحكومية المنتجة للفقر والتهميش والعطالة، والمعتدية على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمواطنات.

وفي هذا السياق فقد سجلت الجمعية ما يلي:

3/ على مستوى الوضع الاتفاقي:

–   تأكيد الجمعية على أن الدولة المغربية لا زالت تتلكأ في التصديق على العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم الشكايات الفردية، والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع رفع كافة التحفظات والإعلانات التي لازالت تبديها بخصوص البعض منها، إضافة إلى عدم التصديق على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية وفي مقدمتها الاتفاقية 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم؛

–   عدم احترام مقتضيات الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب وذلك بعدم إدراج مقتضياتها في القوانين الوطنية؛

–   انشغال الجمعية بغياب التجاوب الفعال مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، سواء في إطار الاستعراض الدوري الشامل، أو الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان الأممية أو الإجراءات الخاصة، ورفض المغرب تنفيذ العديد من التوصيات وعدم إصدار دعوة دائمة إلى جميع خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، لزيارة المغرب، ورفض الاستجابة لبعضهم، والتأخر في تقديم التقارير إلى لجان المعاهدات؛

–   التأخر الكبير في إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التي كان يجب أن ترى النور في مدة لا تتجاوز السنة بعد تصديق الدولة على البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والتي أسندت إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مع ما يطرح تساؤلات حول توفير الضمانات الأساسية لاستقلاليتها وفعاليتها، تماشيا مع معايير باريس؛ كما أكد عدد كبير من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان على ذلك.

4/ على المستوى الدستوري والتشريعي:

لازالت الجمعية تعتبر أن القوانين المغربية في مجملها لا تستجيب لمتطلبات الملاءمة، التي تؤكد عليها كل الاتفاقيات والعهود الدولية المصادق عليها من طرف بلادنا، وعلى رأسها الدستور المغربي، الذي توجب عند أي صياغة جديدة له ليغدو دستورا ديمقراطيا، أن تكون صلاحية وضعه موكولة لهيئة ممثلة فيها مختلف القوى الحية، وأن تتم المصادقة عليه عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، وأن يكون مضمونه ديمقراطيا يؤكد بالأساس على السيادة للشعب أولا وأخيرا، وأن الشعب هو المصدر الوحيد لكل السلطات؛ كما يقر بشكل واضح بكونية وشمولية حقوق الإنسان، وفي مقدمتها المساواة بين النساء والرجال في جميع الحقوق، وبالفصل بين السلط الثلاثة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبين الدين والدولة، وينص على كافة الحقوق والحريات الفردية والعامة بما فيها حرية العقيدة، وعلى اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، دون تأجيل أو مفاضلة.

والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إذ تؤكد على مطلب الدستور الديمقراطي، فإنها لازالت تعتبر أن التعديل الدستوري، لفاتح يوليوز 2011، حافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور، رغم تنصيصه على عدد من الحقوق والحريات، وجعله من القضاء سلطة، ومأسسته لمؤسسات الحكامة، واعترافه بالهوية الأمازيغية وترسيمه للغة الأمازيغية لأول مرة.

وعلى المستوى التشريعي؛ تعتبر أن مشاريع القوانين المعروضة أمام مجلسي البرلمان للدراسة والتصويت أو التي تمت المصادقة عليها، كقانون الصحافة والنشر وقانون الحق في الوصول إلى المعلومة والقانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وقانون محاربة العنف ضد النساء، لا تستجيب لانتظارات الحركة الحقوقية المغربية، وتجدد رفضها تقديم مشاريع القوانين التنظيمية والقوانين والمراسيم أمام البرلمان للمصادقة قبل اكتمال النقاش العمومي حولها، بإشراك كل مكونات الحركة الحقوقية المغربية، ودراسة مدى ملاءمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعلى الخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15  المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، ومشروع القانون التنظيمي رقم  26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدراجها في التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ومشروع قانون-إطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ومشروع القانون  رقم 44.18 المتعلق بالخدمة العسكرية.

وتعتبر الجمعية أن المراجعات الحالية والمبتورة للقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، بعد شهور من النقاش بين مختلف المكونات المجتمعية المطالبة بالإصلاح الشامل لمنظومة العدالة لا تستجيب للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولتوصيات الاستعراض الدوري الشامل الأخير واللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمقرر الخاص حول التعذيب والآليات الأممية الأخرى.

5/ وبخصوص الملف المتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتبط بالقمع السياسي؛ فعلى الرغم من انقضاء ما يقارب اثنا عشرة سنة على انتهاء أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة من أشغالها، وتقديمها التقرير الختامي لعملها للملك في 6 يناير 2006، الذي صادق عليه، وأوصى المجلس الاستشاري حينها -المجلس الوطني لحقوق الإنسان حاليا- والقطاعات الحكومية المعنية، بالعمل على وضع التوصيات المتضمنة فيه موضع التنفيذ، فإن الجمعية تسجل:

ــ عدم الكشف عن مصير كافة المختطفين مجهولي المصير، وخصوصا الذين أبقت هيئة الإنصاف والمصالحة البحث مفتوحا بشأنهم؛ ومن بينهم المهدي بنبركة والحسين المانوزي وعبد الحق الرويسي وعبد اللطيف زروال وغيرهم، مع عدم الكشف عن نتائج الحمض النووي التي خضعت لها عائلات ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير؛

ــ عدم تحديد هوية عدد من المتوفين وتسليم رفاتهم إلى عائلاتهم؛

ــ التماطل في استكمال جبر الأضرار الفردية لعدد من الضحايا وذوي الحقوق، والتجاهل الكامل لآلاف الملفات الموضوعة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو ما يفسر الاعتصامات المتتالية والإضرابات عن الطعام أمام بنايته بحي الرياض بالرباط؛

ــ التنصل من وضع العديد من التوصيات موضع التنفيذ، وأساسا منها تلك المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والمؤسساتية والقانونية والتشريعية والإدارية والتربوية، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمناهضة الإفلات من العقاب ضمانا لعدم التكرار، والتوصيات المتعلقة بحفظ الذاكرة، والاعتذار الرسمي والعلني للدولة، والجبر الحقيقي للأضرار الجماعية للمناطق التي كانت أكثر عرضة للانتهاكات خلال العقود الماضية؛

ــ استمرار الاعتقال السياسي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة، ومواصلة الدولة رفضها الاستجابة لقرارات فريق الأمم المتحدة الخاص بالاعتقال التعسفي، ولجنة مناهضة التعذيب التي تطالبها فيها بإطلاق السراح الفوري لمجموعة من المعتقلين السياسيين وجبر أضرارهم.

6/ وفي ما يهم ملف الانتهاكات المرتبطة بمناهضة الإرهاب؛ فإن الجمعية إذ تؤكد مجددا على موقفها المبدئي المدين لكل أشكال الإرهاب المستهدف لأرواح وسلامة المواطنين والمواطنات، والمساس بالحق في الحياة والحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي وبالممتلكات العامة والخاصة، فإنها ترى أن الحد من مظاهر الإرهاب يجب أن يبنى على مقاربة شاملة لا تقف فقط عند المقاربة الأمنية الصرفة، بل يجب أن تذهب إلى الأسباب العميقة لتصاعد المد الإرهابي على المستوى الإقليمي والدولي، والذي تعود أسبابه الرئيسية إلى انتهاك حقوق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي والاقتصادي والثقافي والبيئي، واستحكام القوى الإمبريالية والصهيونية وقوى الاستبداد في المنطقة المغاربية والشرق الأوسطية، التي تعمق انتهاك الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ وهو ما يستدعي من الدولة المغربية:

–                    إلغاء القانون 03.03 المتعلق بمحاربة الإرهاب وتبني تعريف دقيق للإرهاب يتلاءم مع المعايير الدولية ومراجعة قانون المسطرة الجنائية لضمان حق الشخص المحتجز من الاتصال بمحام من اختياره مباشرة بعد اعتقاله وضمان منع التعذيب وسوء المعاملة؛

–                    الالتزام الكامل من طرف جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والقضائية باحترام سيادة القانون في مواجهة الإرهاب؛

–                    تفعيل الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان وخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان في المغرب، وتشييد أسس دولة المواطنة الحقة، التي يتمتع فيها المواطنون والمواطنات بكافة حقوقهم وحرياتهم.

وقد سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خلال متابعتها لأوضاع معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية بمختلف السجون المغربية، ما يتعرضون له من سوء المعاملات، ومن إجهاز على المكتسبات التي راكموها على امتداد سنوات الاعتقال الطويلة. ونظرا للملابسات التي أحاطت بتوقيفهم واعتقالهم، وعدم تمتعهم بشروط وضمانات الحق في المحاكمة العادلة، ستظل الجمعية تطالب بإطلاق سراحهم أو إعادة محاكمتهم، لقناعتها بأن الجزء الأكبر منهم هم ضحايا اعتقالات تعسفية ومحاكمات غير عادلة.

7/ وفي ما يتصل بالانتهاكات المرتبطة بالنزاع حول الصحراء؛ فإن الجمعية تجدد موقفها المعبر عنه من طرف مؤتمراتها، والمتجسد في المطالبة بالحل الديمقراطي والسلمي للنزاع ومناهضة الحرب، وبالتعاطي الحقوقي مع كافة الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بهذا الملف أيا كان مصدرها، بما يخدم الوحدة المغاربية لشعوب المنطقة، ومن أجل السلم والديمقراطية والتنمية المستدامة.

8/ أما في ما يتعلق بالحق في الحياة؛ فإن الوفيات الناتجة عن التعذيب أو الإهمال بمراكز الاعتقال والسجن أو بالمستشفيات، أو عن طريق إطلاق الرصاص من طرف قوات الأمن والدرك والقوات المساعدة والبحرية الملكية دون احترام للمعايير الدولية ذات الصلة، أو تلك المتعلقة بالمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء أو أثناء المرور بمعبري سبتة ومليلية، تؤكد استمرار انتهاك هذا الحق من طرف السلطات المغربية.

وفي هذا الإطار تجدد الجمعية استنكارها للطريقة التي تم بها الاعتداء على الحق في الحياة في قضية مقتل الطالبة حياة بلقاسم (22 سنة) في حادث إطلاق نار على قارب للهجرة غير النظامية، وضحية الحكرة الشهيد محسن فكري، والشهيد عماد العتابي، الذي أصيب أثناء استعمال قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع وإطلاق قنابلها على المتظاهرين/ات خلال المسيرة الشعبية بالحسيمة، والغازي خلادة بعد خوضه لإضراب مفتوح عن الطعام لمدة 90 يوما، وفضيلة عكيوي بعد تدخل القوات العمومية لمنع مسيرة لسلاليين وسلاليات بمنطقة أزرو إقليم إفران…

وإذا كانت الجمعية تطالب السلطات المختصة بفتح تحقيق في موضوع هذه الوفيات، قصد تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، تفعيلا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب؛ حتى لا يظل مرتكبوها بعيدين عن المساءلة وإعمال العدالة؛ فإنها تجدد استنكارها لعدم تحمل السلطات لمسؤولياتها في الكشف عن حقيقة الوفيات، التي ذهب ضحيتها نشطاء من حركة 20 فبراير، ومعتقلون في إطار ملف ما يسمى بالسلفية الجهادية، وأحد نشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد إضراب لا محدود عن الطعام دام أكثر من شهرين. وأحد مناضلي حركة المعطلين، واختفاء طالب بجامعة ابن زھر بأكادير في ظروف غامضة، والعثور على جثته متحللة داخل الحرم الجامعي ووفيات أخرى.

9/ أما بخصوص الحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي والشطط في استعمال السلطة أو ما يمكننا أن ندرجه في حكم التعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة أو الحاطة من الكرامة؛ فإن تقارير العديد من الهيئات والتنسيقيات والائتلافات الوطنية لحقوق الإنسان تجمع كلها، في غياب الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، على استمرار هذه الممارسات الخارجة عن القانون،  بشكل واسع، سواء أثناء الاعتقال والاستنطاق بمراكز الشرطة والدرك أو في السجون؛ وهو ما يمكن الوقوف عليه من خلال ما تنشره الصحف والمواقع الإلكترونية، وتصريحات العديد من معتقلي الحراك الشعبي بالريف أثناء المحاكمة، وتصريحات معتقلي حراك جرادة أثناء محاكمتهم بوجدة بخصوص تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز؛ فيما تعرض مجموعة من معتقلي حراك الريف وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، الذي سبق تصويره عاريا في شريط الفيديو، وهو رهن الاعتقال، إلى سوء المعاملة والعزل الانفرادي لمدد طويلة مما أدى بهم إلى الدخول في إضرابات متكررة عن الطعام.

10/ وبالنسبة لملف الاعتقال السياسي؛ ففي سياق التضييق على حرية الرأي والتعبير ولاحتجاج، تابعت الجمعية التزايد المستمر، للاعتقالات والمتابعات والاستنطاقات التعسفية، التي تمس المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان؛ وضمنهم مناضلات ومناضلو الجمعية، كما تطال الصحفيين، ونشطاء الحراكات الشعبية السلمية بكل من الريف وجرادة وزاكورة وغيرها من المناطق، والداعمين لهم، ونشطاء حركة 20 فبراير، ومناضلات ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وحركات المعطلين، ومعتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، والنشيطات والنشطاء الصحراويين، والمواطنات والمواطنين المحتجين بشأن عدد من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالأسعار والماء والكهرباء، والأراضي السلالية، والحق في الشغل، والحق في السكن، والذين أصبحت السلطة تبدع في فبركة متابعتهم بتلفيق تهم الحق العام لهم، وبذلك يبقى هذا الملف مفتوحا.

ومن الواجب التذكير بأن السلطات المعنية تمعن في إبقاء معاناة الذين يتم الإفراج عنهم بعد إتمامهم العقوبة، بعدم تسوية أوضاعهم المهنية أو الإدارية أو الدراسية، أو بتوفير الشروط لإعادة إدماجهم؛ وهو ما يدفع العديد منهم للارتماء في أحضان التطرف، والتوجه إلى مناطق النزاع.

11/ أما ملف الاختفاء القسري، فإن الدولة المغربية، وقد صادقت على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، لم تقدم لحد الآن تقريرها الأولي بشأن تفعيل مقتضيات الاتفاقية إلى اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري؛ كما أنها لازالت لم ترفق هذا التصديق بالتصريح باعترافها باختصاص اللجنة الأممية المعنية بحالات بالاختفاء القسري وفق المادة 31 من الاتفاقية المذكورة.

12/ وبخصوص الأوضاع بالسجون، فإن التقارير الرسمية نفسها تجمع كلها على أن أوضاعها مقلقة، سواء تعلق الأمر بالإقامة حيث الاكتظاظ بسبب اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي في ظل هيمنة المقاربة الأمنية، إذ وصلت نسبة المعتقلين الاحتياطيين 41,5% من مجموع السجناء بالمغرب الذي يبلغ 82989 سجينا؛ الأمر الذي ينعكس على كل مناحي العيش من حيث التغذية والنظافة والاستحمام والفسحة ومتابعة الدراسة والزيارة والتطبيب والعلاج. ولقد سجلت الفترة الأخيرة سلسلة من الإضرابات عن الطعام بمختلف السجون نتيجة ادعاءات سجناء بتعرضهم للتعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة، خصوصا المعتقلين السياسيين على خلفية حراك الريف. ورغم كل هذه الأوضاع، لا تعير القطاعات الحكومية المعنية بقطاع السجون أدنى اهتمام أو التفات لتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجان البرلمانية، وللتوصيات التي تحملها تقارير المنظمات غير الحكومية وضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؛ مع غياب المراقبة القضائية للسجون، وعدم اضطلاع اللجان الإقليمية لمراقبة السجون بمهامها المتمثلة في الزيارات الدورية للمؤسسات السجنية، مفضلة إصدار البيانات التكذيبية المتشنجة إزاء أي تقرير وطني أو دولي بخصوص أوضاع السجون والسجناء.

لذلك فإن الدولة أصبحت مطالبة وباستعجال، أمام هذه الأوضاع التي تعرفها السجون المغربية، بالبحث مع المكونات المجتمعية المعنية بالحالة في السجون، عن السبل الكفيلة بإصلاح عميق لهذه المؤسسة والعمل على أنسنتها.

13/ وبالنسبة للحق في التنظيم، فإن التقارير الدولية الأخيرة تؤكد جميعها على العودة الممنهجة للإجهاز على الحق في التنظيم، وهو ما يمكن تلمسه من خلال امتناع السلطات عن تسليم وصولات الإيداع القانونية لعدد من الجمعيات الوطنية والمحلية أو تجديد مكاتب الجمعيات المؤسسة وفق القانون، ومن بينها جمعيتنا، منذ تصريحات وزير الداخلية أمام البرلمان في 15 يوليوز 2014، يضاف إلى ذلك العودة للممارسات التعسفية في  التضييف على العاملين في مجال حقوق الإنسان، رغم الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري لفائدة الهيئات ضحايا المنع التعسفي.

14/ وفي مجال الحق في التجمع والتظاهر السلمي؛ فإن هذه السنة عرفت تزايد التدخلات العنيفة المفرطة وغير المبررة في استعمال القوة من طرف القوات العمومية، في حق مجموعة من المسيرات والوقفات والتظاهرات السلمية، ونالت مدينة جرادة النصيب الأوفر من الاعتداء على المحتجين حيث تم استعمال سيارات القوات العمومية لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى دهس الطفل عبد المولى زعيقر والتسبب له في كسور خطيرة في الأطراف والورك والعمود الفقري. وهي الاعتداءات التي تناقلتها العديد من وسائل الإعلام، ومست مختلف الحركات الاحتجاجية السلمية بعدد من المدن والقرى، وفئات المعطلين حاملي الشهادات، بمن فيهم حاملو الإعاقة المكفوفون، ونشطاء حركة 20 فبراير، ونشطاء الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، واحتجاجات سلمية اجتماعية للمواطنين والمواطنات للمطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بما فيها تلك التي تشهدها شهدتها مدن الصحراء.

إن هذه الأمثلة التي تعرضنا لها على سبيل المثال لا الحصر توضح أن السلطات متمادية في الإخلال بالتزاماتها الوطنية والدولية بخصوص الحق في التجمع والتظاهر السلمي.

15/ وفي ما يرتبط بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، فإن الجمعية تسجل ما يلي:

–                    إصرار السلطات على التضييق على عدد من النشطاء والنشيطات وتبقى الأمثلة كثيرة نسوق على سبيل المثال منها اعتقال ومتابعة حميد المهدوي مدير موقع بديل واعتقال ومتابعة ناشطين إعلاميين وصحفيين ومدونين بمقتضيات القانون الجنائي أو قانون مكافحة الإرهاب كعبد الكبير الحر، مدير موقع رصد المغربية وربيع الأبلق، مراسل موقع بديل، وعادل لبداحي، مراسل موقع/جريدة ملفات تادلة، عبد العالي حود: «araghi.tv»، جواد الصابري ومحمد الأصريحي، موقع ريف 24 وفؤاد السعيدي عن “AgrawTV وحسين الإدريسي “مصور ريف بريس واعتقال ومحاكمة عدد من الصحفيين المواطنين والناشطين الإلكترونيين بسبب تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي وصفتها المحكمة  بأنها تُحرض الآخرين على المشاركة في مظاهرات غير مرخصة وإصدار أحكام جائرة  وقاسية في حقهم؛

–                    طرد وترحيل كل من خوسي لويس نافازو، مدير الموقع الإسباني كوريو دبلوماتيكو، والصحافي الإسباني فرناندو سانز والصحفي سعيد كمالي العامل بالجريدة البريطانية “الجارديان”، ومراسل صحيفة الوطن الجزائرية جمال عليلات أثناء إنجازه وتغطيته لحراك الريف؛ ومنع الصحفية رشيدة العزوزي مبعوثة “ميديابارت” من الوصول الى الحسيمة ومن حضور جلسات محاكمة نشطاء الريف بالدار البيضاء؛

–                    محاكمة الصحافيين عبد الحق بلشكر، محمد أحداد، عبد الإله سخير وكوثر زكي بتهم تتعلق بنشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق حول صناديق التقاعد وإفشاء سر مهني؛ بالإضافة إلى مواصلة محاكمة الناشط الحقوقي والأكاديمي المعطي منجب ورفاقه الستة بعد سلسلة ماراطونية من لتأجيلات المتكررة للمحكمة الابتدائية بالرباط للنظر في ملفهم؛

–                    اعتقال الصحفي توفيق بوعشرين، وإصدار حكم قاس في حقه بعد سلسلة ماراطونية من جلسات المحاكمة، غابت عنها معايير المحاكمة العادلة، حسب شهادات العديد من القانونيين والحقوقيين والمثقفين وما رافقها من انتهاك لحرمة الأفراد واعتداء على خصوصياتهم؛

–                    استمرار احتكار الدولة المغربية لوسائل الإعلام العمومية وتوظيفها لخدمة سياستها البعيدة عن تطلعات المواطنين والمواطنات في إعلام مستقل ومواطن يخدم المصلحة العامة، وينشر ويشيع ثقافة حقوق الإنسان وقيمها.

وفي علاقة بما تتعرض له حرية الصحافة، فإن الجمعية تجدد، إلى جانب كل المكونات المجتمعية وضمنها  الحركة الحقوقية المغربية، المعنية بإصلاح الإعلام، التعبير عن خيبة الأمل من  المراجعة التي تمت  لقانون الصحافة، والتي أبقت  جميع المقتضيات المعرقلة لحرية الرأي والتعبير، والتفت على مطلب إلغاء العقوبات السالبة للحرية، وجعل حد للغرامات والتعويضات الباهظة التي قد تؤدي إلى إقبار عدد من المقاولات الفتية، بتفويت هذه المهمة للقانون الجنائي للزج بنساء ورجال الإعلام في السجون، أو منعهم من ممارسة الصحافة لمدة قد تصل لعشر سنوات.

وبخصوص الحريات الفردية وحرية المعتقد والضمير والوجدان، فعلى الرغم من التزام الدولة المغربية باحترام “حرية المعتقد والحرية الدينية”، فإن الجمعية تسجل استمرار تجريم حرية المعتقدات الشخصية والحريات الفردية، وتعاقب على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية، والعلاقات الجنسية الرضائية خارج مؤسسة الزواج بمقتضى فصول من القانون الجنائي، وتخضع العديد من المواطنات والمواطنين للاعتقال والسجن بسبب ذلك.

كما عبرت الجمعية عن استنكارها لانتشار ظاهرة قانون الشارع، وتعرض مجموعة من المواطنات والمواطنين إلى العنف والاعتداءات والمس بالسلامة البدنية والنفسية والتحريض على القتل بسبب ممارستهم لهذه الحقوق والحريات.

16/ وفي ما يتصل بملف القضاء، فإنه وبالرغم من الخطاب الرسمي حول فتح ورش إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، فإن واقع الحال يوضح أن ما جرى التوصل إليه بهذا الخصوص، بمصادقة البرلمان على مشروعي القانونين التنظیمیین المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائیة وبالنظام الأساسي للقضاة والقانون المتعلق بنقل الإشراف على النيابة العامة من وزارة العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، لا يرقى إلى مستوى المعايير الدولية ذات الصلة لإقامة العدل وتحقيق الأمن القضائي.

وعلى مستوى الواقع تسجل الجمعية:

–                    استمرار القضاء في تبييض الانتهاكات التي تتعرض لها الحقوق والحريات، من خلال الأحكام الجائرة والانتقامية بحق النشطاء السياسيين والنقابيين والحقوقيين ونشطاء الحركات الاحتجاجية الاجتماعية في مناطق عدة من البلاد؛

–                    التضييق على القضاة في مجال حرية التنظيم والتعبير.

17/ وفي ما يتعلق بعقوبة الإعدام؛ فإن المغرب لازال يصر على عدم الانخراط في الدينامية العالمية حول إلغاء عقوبة الإعدام، إذ ما فتئت المحاكم المغربية تصدر أحكاما بالإعدام، حتى وإن كانت الدولة لم تنفذ هذه العقوبة منذ 1993. ويعد امتناع المغرب للمرة الثامنة عن التصويت باللجنة الثالثة للأمم المتحدة على القرار المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، تماشيا، على الأقل، مع ما هو قائم بحكم الواقع، مخيبا للآمال. لذا تجدد الجمعية مطلبها بالمصادقة على مشروع القرار الأممي المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام الموضوع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال نصف الشهر الحالي، في افق إلغائها عملا بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.

18/ وبخصوص أوضاع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان؛ تسجل الجمعية الاستهداف الواضح لهم من طرف مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، والذي اتخذ طابعا ممنهجا منذ التصريح الذي أدلى به وزير الداخلية بالبرلمان المغربي يوم 15 يوليوز 2014، والذي اتهم فيه الحركة الحقوقية المغربية بتلقي تمويلات أجنبية وخدمة أجندتها، والتشويش على عمل القوات الأمنية في مكافحتها للإرهاب. وقد تجسد ذلك فيما يلي:

–                    المنع الذي تعرضت له وتتعرض له الجمعية في تنظيم أنشطتها وتجديد مكاتبها الفرعية، وحرمانها من الدعم المالي والمادي، والضغط على القطاعات الوزارية الشريكة، وحرمانها من تنظيم المخيمات الحقوقية، وتنفيذ مقتضيات الاتفاقية المبرمة مع وزارة التعليم لنشر قيم وثقافة حقوق الإنسان وتنشيط الأندية الحقوقية بالمؤسسات التعليمية بعد أن تم إلغاء قرار لوزارة التربية الوطنية بوضع 5 موظفين رهن إشارتها؛

–                    المنع الذي تعرضت له عدد من الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية؛

–                    الحملة الإعلامية التي تشنها عدد من الجرائد والمواقع الإلكترونية المسخرة من طرف الأجهزة الاستخباراتية المغربية، والتي تستهدف أطر ومناضلي الحركة الحقوقية المغربية عبر التشهير بهم وتأليب الراي العام ضدهم، في خرق فاضح لكل أخلاقيات مهنة الصحافة؛

–                    المتابعات والمحاكمات التي يتعرض لها المدافعات والمدافعون عن حقوق الإنسان، والزج بهم في السجون.

19/ أما في مجال حقوق المرأة؛ فقد سجلت الجمعية ما يلي:

–                    ضعف المؤشرات في مجال إعمال مبدأ المساواة بين الجنسين في كل المجالات، فعدد من التحفظات بشأن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لا زالت قائمة، فيما تمت إعادة صياغة بعضها في شكل إعلانات تحافظ من حيث الجوهر على روح تلك التحفظات؛

–                    تزايد حالات الإجهاض السري وعدم استجابة المقتضيات التشريعية المقترحة في إطار مراجعة القانون الجنائي الحالي والخاصة بالإجهاض لمطالب الجمعيات الحقوقية والجمعيات الطبية المهتمة بالحق في إجهاض آمن، من خلال توسيع نطاق الاستثناءات الخاصة بالإيقاف الطوعي للحمل؛

–                    الطابع الموبوء بالتمييز لمدونة الأسرة، على مستوى المرجعية ومنطوق النصوص، وخاصة في القضايا الجوهرية، مثل تعدد الزوجات ومساطر الطلاق والولاية الشرعية، وضعف تطبيق مقتضياتها الإيجابية ــ رغم أنها لا ترقى لمستوى المعايير الكونية في مجال حقوق النساء داخل الأسرة ــ نظرا لبعض مضامينها نفسها غير القابلة للتطبيق، وللعراقيل المتعددة في هذا المجال المتمثلة أساسا في طبيعة قضاء الأسرة المتسم بالعقلية المحافظة إلى جانب العاهات الأخرى التي تطبع القضاء المغربي؛ وهو ما أدى إلى المساهمة في انتهاك حقوق النساء داخل الأسرة، وأبرزها العدد الكبير من حالات زواج القاصرات، التي بدأت تطفو على السطح نتائجها الكارثية المتجسدة في تفاقم حالات العنف الزوجي بكل أشكاله ومخاطره على حياة الطفلات الضحايا؛

–                    إن ظاهرة العنف ضد المرأة ما تزال تعم المجتمع المغربي، وإن التحرش الجنسي الذي يشكل انتهاكا صارخا لحقوق المرأة وتهديدا للمساواة بين الجنسين وإهانة وتبخيسا لكرامة النساء مازال مستشريا، وفي تنام مطرد ومقلق، في ظل تساهل القضاء مع جرائم العنف اتجاه النساء. وفي هذا الإطار، تؤكد الجمعية أن القانون 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء الذي تم تمريره، وسط معارضة شديدة من قبل الجمعيات النسائية والحقوقية، لا يوفر آليات فعلية لحماية المرأة من العنف بكل أشكاله ولا يضع حدا للإفلات من العقاب.

ويبقى مطلب تغيير جذري وشامل للتشريع الجنائي المتعلق بالمرأة ولقانون مكافحة العنف ضد النساء، أحد المطالب الأساسية بما يتلاءم مع مقتضيات اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة والإعلان العالمي لمناهضة العنف ضد النساء.

–                    تؤكد مجددا أن القانون التنظيمي المحدث لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، لا يستجيب لانتظارات المنظمات الحقوقية والنسائية…، ولا تتمثل فيه مواصفات مبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على مستوى التشكيلة والأهداف والاستقلالية؛

–                    ضعف أداء الدولة بشأن الإجراءات التربوية والتثقيفية وبرامج التربية على المساواة، سواء في مجال المقررات المدرسية أو على مستوى الإعلام، الكفيلة بتغيير الأدوار النمطية لكل من الجنسين داخل المجتمع، كما تنص على ذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة؛

–                    الانعكاس الشديد لآثار التدهور الذي تعرفه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على النساء، معمّقة حالات الفقر وسطهن ومسرّعة من وتيرتها بينهن؛ في حين لازالت أوضاع العاملات في البيوت جد مزرية رغم دخول قانون عمال المنازل حيز التنفيذ الذي لا يوفر حماية قانونية كافية لهذه الفئة من العاملات. أما العاملات الزراعيات فإنهن يتعرضن لكل أشكال الاستغلال والإذلال، ويتم نقلهن إلى الحقول الزراعية في أوضاع لا إنسانية وحاطة من الكرامة تؤدي في مرات عديدة إلى حوادث مأساوية. ولعل أصدق تعبير عن الأوضاع المهينة، القائمة على أشد أشكال الاقصاء والاستبعاد والتفقير، هو فاجعة الوفيات المتكررة وسط النساء “الحمالات”، جراء التدافع أثناء المرور من خلال المعابر الحدودية بسبتة ومليلية المحتلتين، وكذا ما تتعرض له النساء المغربيات العاملات في حقول الفراولة بإسبانيا من استغلال جنسي واغتصاب في ظل عدم تحمل الدولة لمسؤوليتها في حماية هذه الفئة.

20/ وبخصوص وضعية حقوق الطفل، فإن أهم ما ميزها هو ضعف التزام الدولة المغربية بتعهداتها في مجال حقوق الطفل، من خلال عدم التنفيذ الكامل للتوصيات الصادرة عن لجنة حقوق الطفل والهيئات الأممية الأخرى ذات الصلة، وعدم الأخذ بالمصالح الفضلى للطفل في رسم السياسات العمومية، وتغييب المجتمع المدني في صياغة الخطط والبرامج للنهوض بأوضاع الطفولة؛ مما نجم عنه انتهاكات خطيرة مست الحق في الحياة والتسمية والتعليم والصحة؛ بالإضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة والاعتداءات الجنسية، والتزايد المقلق لجرائم الاغتصاب خصوصا في صفوف الفتيات؛ كما هو حال اغتصاب واحتجاز الفتاة القاصر خديجة بأولاد عياد من طرف 14 شخصا، وتساهل القضاء عموما مع المتورطين فيها.

كما أن هناك مؤشرات تبين أن الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم في إطار ما يسمى بالسياحة الجنسية، حيث تنشط الشبكات الإجرامية المتاجرة في الأطفال؛ فضلا عن استغلالهم الاقتصادي في الحقول والمعامل والصناعة التقليدية وكخادمات في البيوت. ورغم اعتماد قانون عمال المنازل ودخوله حيز التنفيذ فإنه لا زالت تعتريه ثغرات عدة؛ حيث أقر بتشغيل الأطفال والطفلات الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و18 سنة بصفتهم عاملات وعمالا منزليين، خلال فترة انتقالية لمدة 5 سنوات.

ومن جهة أخرى، لازال الأطفال يعانون من العنف في مختلف الفضاءات الخاصة منها والعامة، ومن آفة الهدر المدرسي وانتشار الأمية في صفوفهم؛ فيما تتزايد أعداد أطفال الشوارع والأطفال الموجودين في نزاع مع القانون، وتتفاقم هجرة القاصرين غير المرافقين.

21/ حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء: تزامن اليوم العالمي لحقوق الإنسان لسنة 2018، مع استقبال المغرب بمدينة مراكش لمنتدى دولي حول الهجرة بحضور رؤساء الدول الشمالية المسؤولة عن المآسي الناتجة عن الهجرة، من أجل ما سمي ميثاقا عالميا للهجرة، لم يمثل في الحقيقة أي تغيير في السياسيات المعادية للهجرة والمهاجرين/ات واللاجئين/ات، إنما يكرس نفس السياسات التي تعتبر المهاجرين/ات يدا عاملة رخيصة، وتعدهم مجرمين/ات بمجرد كونهم/ن مهاجرين/ات.

وفي مقابل ذلك نظم المجتمع المدني يومي 8 و9 دجنبر فعاليات قمة الشعوب، أسفرت عن رفض الميثاق العالمي للهجرة، وإصدار اتفاق من أجل ميثاق عالمي للتضامن والعمل الوحدوي من أجل حقوق كافة الأشخاص المهاجرين واللاجئين يعيد أولوية حقوق الإنسان للأفراد والشعوب، بدل طغيان مصالح الدول والأقليات الحاكمة والشركات المتعددة الجنسيات ومساعيها نحو الربح، وذلك عبر ضمان التعددية والديمقراطية داخل الأمم المتحدة.

أما على مستوى سياسات الدولة المغربية في المجال، ورغم إعلان المغرب سنة 2013 عن “سياسة جديدة” في مجال الهجرة تعتمد المقاربة الإنسانية” وإصدار اللجنة الأممية المعنية بالاتفاقية لتوصياتها إلى المغرب حول احترام حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وإطلاق مسلسل التسوية الإدارية الاستثنائية للمهاجرين في وضعية غير نظامية للمرة الثانية إلا أن الجمعية ما فتئت تسجل استمرار معاناة المهاجرين ببلادنا، خاصة مع تزايد وتيرة الكراهية والعنصرية اتجاههم، والانتهاكات الخطيرة لحقوقهم؛

وكثفت السلطات من عمليات تدمير مساكن المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، وترحيلهم في ظروف لا إنسانية من المناطق الشمالية إلى مناطق أخرى وسط البلاد وجنوبها، وإلى بلدانهم الأصلية دون احترام أبسط الحقوق التي تكفلها لهم المواثيق الدولية وحتى القوانين الوطنية رغم عدم ملاءمتها للاتفاقيات ذات الصلة، حيث يتعرضون للاعتداء عليهم الذي يصل حد التسبب في الوفيات، والاحتجاز في ظروف لا إنسانية، وتنامي مظاهر الوصم الاجتماعي والتمييز العنصري ضدهم، والحرمان من الحقوق الأساسية مثل الحق في الصحة، والحق في الماء والتغذية، والسكن والتعليم لأبنائهم والشغل. كما لم تؤد جل الإجراءات المتخذة بالنسبة للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين تمت تسوية وضعيتهم الإدارية إلى إخراجهم من وضعية الهشاشة والحرمان من حقوقهم الأساسية التي يوجدون عليها. فيما ظلت وضعية العديد من اللاجئين وعلى الخصوص السوريين بدون تسوية.

وبشكل عام لم تتجاوب الدولة مع التوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة في سنة 2013، سواء على المستوى التشريعي حيث لا زال القانون 03 -02، هو المؤطر لدخول وإقامة الأجانب بالمغرب والذي يتميز بطابعه الأمني وتعارضه مع المواثيق الدولية، أو على مستوى الواقع الذي تتم فيه تغييب المقاربة الحقوقية في معالجة ملف الهجرة. ولم يتم لحدود اليوم إصدار تشريع خاص باللجوء كما وعدت به السياسة الجديدة والاستراتيجية المعلن عنهما سنة 2013.

ويتعرض المهاجرون من أصل مغربي ــ بالبلدان الغربية خاصة ــ لأوضاع تزداد ترديا نتيجة العطالة والعنصرية، إضافة إلى التراجعات المتتالية في سياسة الهجرة بدول أوروبا. كما أن دول الاتحاد الأوروبي لم تصادق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم؛ في حين لا زالت الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو الخارج تؤدي إلى المزيد من المآسي والفواجع، خلفت العديد من المفقودين والغرقى. فيما الدولة ماضية في قبول لعب دور الدركي على الحدود الجنوبية لأوروبا، وتوقيع اتفاقيات لإرجاع المغاربة المتواجدين على التراب الأوروبي في وضعية غير نظامية، بمبرر اعتبار الدول الأوروبية المغرب دولة آمنة…

كما يعيش المهاجرون المغاربة بدول الخليج، وخاصة النساء منهم، مآسي حقيقية كشفت عنها العديد من التسجيلات والشكايات، فضحت الاستعباد والاستغلال الجنسي للعديد من المشغلين، في ظل نظام الكفيل القروسطي. ولم تتحمل الدولة المغربية مسؤوليتها في حماية المواطنات والمواطنين المغاربة في السعودية وغيرها من الاستعباد والاستغلال.

22/ وبشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: تسجل الجمعية تعمّق الانتهاكات والتراجعات في هذا المجال، نتيجة النظام الاقتصادي السائد والسياسات والبرامج الحكومية الغارقة في الإذعان لإملاءات  البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، وخوصصة القطاعات الحيوية والاجتماعية، وضخامة خدمات المديونية الخارجية، وانعكاسات السياسة الليبرالية المتوحشة على ميزانية الدولة المتعارضة مع التنمية والتشغيل؛ والانخراط الكامل للمغرب في العولمة من موقع الضعف، والنهب السافر للمال العام والثروات الوطنية مع استمرار الإفلات من العقاب بشأن الجرائم الاقتصادية. إضافة إلى استفحال الرشوة، وغياب الإرادة لدى الدولة لمحاربتها، وضعف الآلية الوطنية للوقاية منها وعدم ملاءمتها مع ما تنص عليه الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد. وهو ما تؤكده الرتبة المتدنية للمغرب في سلم الشفافية العالمية؛ في ظل عجز الحكومة عن مواجهة الفساد والتطبيع معه. فيما الحكومة ماضية في الرفع من أسعار المواد والخدمات الأساسية، وإلغاء صندوق المقاصة، والإجهاز على مكتسبات الشعب المغربي بتمرير قوانين “إصلاح التقاعد” ضدا على الموظفات والموظفين باللجوء إلى إجراءات تحمّل سوء التدبير لصناديق التقاعد للمنخرطين.

ولم تؤد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي انطلقت منذ ما يقارب أربعة عشر سنة، إلى أي تحسن لرتبة المغرب في سلم التنمية البشرية) الرتبة 123 (الذي يعده برنامج الأمم المتحدة للتنمية. فيما تم ترتيب المغرب في الصف 122 في سلم الترتيب العالمي لسنة 2018 الصادر عن الأمم المتحدة حسب دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متأخرا عن العديد من الدول العربية والمغربية والإفريقية ذات المؤهلات الطبيعية الضعيفة؛ وهو ما يبين أن المواطن المغربي لا يلقى أي تحسين لوضعه المعيشي من السياسات العمومية، التي تخدم الطبقات الغنية والشركات الكبرى بالإعفاءات الضريبية والتسهيلات القانونية والامتيازات العقارية.

وتفيد التقارير الوطنية الرسمية والدولية أن الفقر في المغرب بنوعيه، متعدد الأبعاد والنقدي، يمس أثر من أربعة ملايين مغربي ومغربية بنسبة 12٪، وأن بلادنا تعدّ من أكثر دول منطقة شمال أفريقيا فقرا؛ مما يوضح أن ملف التنمية البشرية بالمغرب لازال يراوح مكانه في غياب تقييم حازم لنتائج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وافتحاص للمشاريع التي مولتها، والوقوف على الاختلالات التي رافقتها ومساءلة المسؤولين عنها؛ وتسطير برامج وسياسة جدية في مجال التنمية ترتكز على مقاربة ديمقراطية ذات مضمون حقوقي، وتنسجم مع المادة الأولى من العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها الاقتصادي والتحكم في ثرواتها.

تؤكد العديد من المؤشرات على استمرار وتعمق واقع البطالة، وهشاشة الشغل وتدهور جودة العمل؛ حيث بلغ حجم البطالة حسب الأرقام الرسمية والبعيدة عن رصد الواقع الحقيقي للعطالة (1.216.000 معطل) بنسبة 10.2% أي بزيادة 49000 معطل بين 2016 و2017. وتراوحت نسبة البطالة بين 9.3% و10.7% خلال فصول السنة.

– بالنسبة للحق في الشغل، تسجل الجمعية استمرار الانتهاك الخطير لهذا الحق، والمتجسد في البطالة المكشوفة أو المقنعة لملايين المواطنين والمواطنات بمن فيهم مئات الآلاف من الشباب حاملي الشهادات العليا، والتعامل السلبي للسلطات مع مطلب الحق في الشغل ــ عبر ضعف الإجراءات الجادة لخلق فرص الشغل أو عبر قمع الاحتجاجات السلمية ــ وكذا تراجع الدولة والمجالس المنتخبة عن وعودها وعن الاتفاقات المبرمة مع المعنيين في العديد من الأحيان؛ وفي إجراء خطير على الشغل القار عملت الدولة على تمرير قانون يجيز التوظيف بالعقد المحدود الأجل من طرف الدولة فيما تابعت الجمعية خلال هذه السنة الاعتداءات المستمرة ضد احتجاجات الأطر العليا المعطلة وأعضاء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين المطالبين بحقهم في الشغل، والذين تم اعتقال ومحاكمة بعضهم.

وتؤكد العديد من المؤشرات على استمرار وتعمق واقع البطالة، وهشاشة الشغل وتدهور جودة العمل؛ حيث بلغ حجم البطالة حسب الأرقام الرسمية والبعيدة عن رصد الواقع الحقيقي للعطالة (1.216.000 معطل) بنسبة 10.2% أي بزيادة 49000 معطل بين 2016 و2017. وتراوحت نسبة البطالة بين 9.3% و10.7% خلال سنة 2017.

– وفيما يخص حقوق العمال والحقوق النقابية، فإن الجمعية تسجل استفحال الانتهاكات الخطيرة التي تطالها، ــ فرغم أن مدونة الشغل لا تترجم التزامات المغرب على المستوى الدولي في مجال الحقوق الشغلية بما تتضمنه من سلبيات جوهرية متعلقة بمرونة التشغيل ومرونة الأجور وتهميش دور النقابة على مستوى المقاولة، فإنها عرضة للخرق بشكل كبير ومستمر؛ وهذا ما يتجسد بالخصوص في إغلاق المعامل والتسريحات الجماعية التعسفية وعدم احترام الحد الأدنى للأجور ومدة العمل والضمان الاجتماعي ومختلف العطل في قطاعات وازنة مثل الفلاحة والنسيج والسياحة والبناء والأشغال العمومية والصناعات الغذائية، ناهيك عن القطاعات غير المنظمة؛ ويحصل كل هذا بعلم كافة السلطات، التي لا تقوم بالإجراءات اللازمة لردع المسؤولين عن انتهاك قوانين الشغل. هذا علاوة على تردي أوضاع العمل من خلال توفير الشروط اللازمة والآمنة والتي يشتغل فيها العديد من العمال والعاملات وقد تابعت الجمعية العديد من حالات الاختناق داخل مقاولات صناعية.

– أما الحريات النقابية، فقد أصبحت عرضة للانتهاك أكثر على مستوى المقاولة مما أدى إلى ترهيب فئات واسعة من عمال القطاع الخاص وابتعادهم عن العمل النقابي، بينما لازالت الدولة تتملص من التصديق على الاتفاقية 87 للمنظمة الدولية للشغل. وقد عرفت هذه السنة سلسلة من انتهاكات الحقوق النقابية، من خلال إغلاق المعامل وطرد وتسريح العديد من العمال والعاملات، بسبب الانتماء والنشاط النقابيين، وتحيز السلطة للمشغلين وتدخلها ضد العمال والعاملات، بتعنيفهم واعتقالهم ومحاكمتهم خلال النزاعات الشغلية، كما يتجلى ذلك بالخصوص في استمرار معاناة العمال الزراعيين في العديد من المناطق، خاصة مع تنامي التشغيل بالمناولة، وتملص أرباب العمل من المسؤولية اتجاه تطبيق قانون الشغل لفائدة عمالهم.

– وبشأن الحق في الإضراب: لازالت السلطات والمشغلون يواصلون الإجهاز على هذا الحق، في القطاع الخاص أساسا، عبر استعمال الفصل 288 من القانون الجنائي لاعتقال ومحاكمة وإدانة المضربين والاقتطاع من الأجور، والانتقام بالطرد التعسفي للمسؤولين النقابيين.

وتجدد الجمعية التعبير عن رفضها مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب المصادق عليه من طرف المجلس الوزاري خلال الولاية الحكومية السابقة والذي جاء لتكبيل الحق في الإضراب كحق من حقوق الإنسان وعرقلة ممارسته والحد من فعاليته، في تجاهل تام للنقابات.

ولم تعرف الحقوق الاجتماعية الأخرى، التي تؤثر بشكل أساسي على الحق في العيش الكريم، هي الأخرى تحسنا ملموسا:

– الحق في التربية والتعليم: اعترفت الدولة على أعلى مستوياتها بفشل كل المخططات في المجال وبالأزمة الخطيرة لقطاع التعليم، رغم ما تطلبته تلك المخططات من ميزانيات ضخمة، مما يستوجب تحديد المسؤوليات في تبذير المال العام الذي تسببت فيه تلك المخططات، إعمالا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؛ وبدل ذلك، وفي إجراء سيمس كل الشرائح الاجتماعية ويضرب في الصميم الحق في التعليم، تستعد الدولة لفرض رسوم على التسجيل والدراسة في الجامعات والثانويات، عبر استصدار توصية من المجلس الأعلى للتربية والتكوين، إضافة إلى الارتباك والفوضى في اتخاذ قرارات متناقضة، كما حدث بالنسبة لتثبيت التوقيت الذي كان يسمى صيفيا. وهو ما جعل التلميذات والتلاميذ ينتفضون في كل المناطق بتنظيم مسيرات واحتجاجات، واجهت الدولة بعضا منها بالقمع والاعتقالات، والاعتداء على حرمة المدرسة؛ وباتخاذ إجراءات ارتجالية ومتناقضة وغير متناسقة بخصوص تدبير الزمان المدرسي، وتوقيت العمل الإداري.

وفي هذا السياق تابعت الجمعية الظروف المزرية لقطاع التربية والتعليم بالمغرب والمتجلية أساسا في فشل المغرب في تنفيذ التزامه بتحقيق الأهداف التي سطرتها البرامج الأممية للقضاء على الأمية، والخصاص الذي يعرفه القطاع في الأطر التربوية والإدارية نتيجة وصول أعداد مهمة لسن التقاعد وتزايد حالات الإحالة على التقاعد النسبي وعدم تخصيص مناصب مالية للقطاع، وإقرار نظام التعاقد كبديل لها، وبلوغ الاكتظاظ داخل المؤسسات التعليمية العمومية أرقاما قياسية غير مسبوقة في تاريخ المدرسة المغربية، والنقص المهول في التجهيزات والمرافق والأطر، ومواصلة العمل بتعدد المستويات بقطاع التعليم المدرسي، وعجز الجامعة عن استيعاب كل طلبات التسجيل. مع الإبقاء على نفس المناهج والبرامج الدراسية التي لا تتلاءم وقيم حقوق الإنسان، والتضييق على أنشطة الأندية الحقوقية، ومنع أنشطة التثقيف الحقوقي وسط التلاميذ مما أدى إلى تفشي ظاهرة العنف ضد هيئة التدريس والتطبيع معه في الوسط المدرسي. إضافة إلى ضعف اكتساب تلامذة التعليم العمومي للكفايات الأساسية في مواد اللغات والرياضيات، واتساع دائرة الهدر المدرسي والانقطاع عن الدراسة (908875 تلميذ سنة 2016/2017 بنسبة 15.3%)، والإجهاز على المدرسة والجامعة العموميتين عبر ضرب المجانية والخوصصة التدريجية، وتسييد المقاربة الأمنية والقمعية اتجاه الاحتجاجات والأشكال النضالية للحركة الطلابية بالاستعمال المفرط للقوة واقتحام الحرم الجامعي من طرف القوات العمومية لتفريق المظاهرات والاعتصامات في العديد من الجامعات مع ما يرافق ذلك من اعتقالات وتعنيف للطلاب يصل حد الاعتداء الجسدي والتعذيب والمتابعات والمحاكمات.

– الحق في الصحة: تسجل الجمعية تدهور الخدمات الصحية وتراجع الوصول للعلاج بالنسبة للمواطنين والمواطنات؛ وهو ما يتبين من خلال ما عرفته هذه السنة من حالات متعددة لنساء وضعن في شروط مهينة، ووفيات بسبب الإهمال وشروط العمل المتردية في المستشفيات، وانتشار أمراض خطيرة في العديد من المناطق، في ظل ضعف التمويل العمومي للصحة، وارتفاع نصيب النفقات الذاتية من جيوب الأسر المغربية من النفقات الإجمالية على الرعاية الصحية، وفشل وتعثر نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود المعروف ب “راميد”، إضافة إلى ضعف البنيات التحتية وقلتها مقارنة مع تزايد حاجيات المواطنين إلى العلاج، والعجز المهول في الموارد البشرية وسوء شروط وظروف العمل للعاملين بالمستشفيات والمراكز الصحية العمومية، مما اضطر العديد من أطباء الصحة العمومية تقديم استقالاتهم أو طلب الإحالة على التقاعد النسبي. وأشار تقرير صادر عن المنظمة العالمية للصحة إلى أن عدد الأطباء قليل مقارنة مع عدد السكان، وإلى نقص الاستثمار في قطاع الصحة ومحدودية الميزانية المخصصة للعلاجات الوقائية من الأمراض، وأن النظام المغربي للصحة يتميز بشيخوخة العاملين في القطاع، وسوء توزيعهم في المجالين الجغرافي وفي التخصصات؛ إضافة إلى ضعف الحكامة وسوء وفساد التدبير والتسيير للموارد المتوفرة وتزايد الفوارق بين الأقاليم والجهات.

– الحق في السكن: تسجل الجمعية أن هناك محنة حقيقية لفئات واسعة من المواطنين في مجال السكن وتعرف عدد من المدن إجراءات الإخلاء القسري للأسر وهدم تعسفي لمساكن تم تشييدها بموافقة وأمام أعين السلطات، وذلك دون توفير البديل لضحايا هذه الإجراءات، مما أدى إلى احتجاجات عديدة تم قمعها واعتقال العديد من المواطنين ومحاكمتهم. كما تستمر المساكن في “المدن القديمة” في الانهيار في غياب العناية بها وإيجاد الحلول لقاطنيها. ولم تتمكن الدولة من الاستجابة لمتطلبات السكن للفئات ذوي الدخل المحدود والفئات المتوسطة رغم التسهيلات الضريبية والدعم الذي توفره للمنعشين العقاريين.

– الحق في البيئة السليمة: تسجل الجمعية التدهور الذي تعرفه البيئة والانتهاكات السافرة للحق في لبيئة السليمة ومن ضمنها نهب الثروات الطبيعية عبر اقتلاع المناطق الخضراء واجتثاث ما تبقى من المناطق الغابوية وتفويت جبال لاستخدامها كمقالع للرمال أو الحصى واستعمال المتفجرات في صيد الأسماك، وإفراغ النفايات المنزلية والطبية والصناعية للعديد من المدن في محطات عشوائية، والمياه العادمة في الأنهار والبحار بدون معالجة. إضافة إلى الضعف الكبير في البنية التحتية بالمدن والقرى وغيابها في البوادي، والتشويه الذي يطال المدينة المغربية جراء انعدام أي اهتمام بالجانب الجمالي في البنايات والمشاريع التي تقام فيها، وتركها عرضة لنهم مافيا العقا؛ والتدبير السيئ لقطاعي النظافة وجمع النفايات، ولمطارح الأزبال. الأمر الذي شكل تهديدا صريحا للبيئة سواء داخل المجالات الحضرية لهذه المدن أو خارجها.

– الحقوق اللغوية والثقافية:

تدل الميزانية المخصصة من طرف الحكومة لقطاع الثقافة على الأهمية التي لهذا القطاع لدى الدولة المغربية، إذ تمثل أدنى نسبة ضمن القطاعات، حيث لا تتعدى بضعة أجزاء من العشرة في المائة من الميزانية العامة، والجماعات الترابية في شق ميزانياتها المخصصة لدعم الجمعيات الثقافية. هذا بالإضافة إلى التمييز الذي تمارسه هذه القطاعات في تعاملها مع الجمعيات ذات الاهتمام بالشأن الثقافي، إن على مستوى توزيع الدعم المالي، أو الاستفادة من الفضاءات والقاعات والمسارح العمومية ودور الشباب والثقافة.

ويمكن تلخيص واقع الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية من خلال الوقوف على أهم مظاهر المس الذي يطالها: ومنها شكلية وارتجالية تدريس اللغة الأمازيغية والتخلي التدريجي عنه؛ تغييب اللغة الأمازيغية في برامج محو الأمية؛ شبه الحظر المضروب على الأسماء الأمازيغية؛ فلكلورية التعاطي مع اللغة الأمازيغية في الحياة العامة، مما جعلها ضحية كل أشكال التشويه والتحقير في مؤسسات الدولة سواء القضائية أو الاستشفائية أو الإعلامية؛ الإحساس بالاغتراب والاستلاب الثقافي لدى الطفل المغربي الأمازيغي، الخطابات التحريضية ضد الأمازيغية بوازع قومي أو ديني؛ ضعف الاهتمام باللغة الأمازيغية في الإعلام، وتنكر قنوات القطب العمومي لها لغة وثقافة؛ غياب الإرادة وضعف الإجراءات الملموسة والجدية لدى الدولة لتثمين الموروث الثقافي الأمازيغي والحفاظ عليه؛ والتبخيس والفلكلرة اللذان يمسان الفن الأمازيغي. وبهذا الخصوص تسجل الجمعية ما يلي:

–   التعبير عن أن مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المصادق عليهما من طرف المجلس الوزاري لا يتلاءمان مع المرجعية الأممية ذات الصلة ويسجلان تراجعا واضحا وضربا لما تم تحقيقه خلال العقدين الأخيرين ولا يستجيبان لانتظارات الحركة الحقوقية والأمازيغية وما راكمته في هذا المجال، وتطالب بعرضه للنقاش العمومي لدراسة ملائمته مع المعايير الدولية قبل عرضه على البرلمان.

–   استمرار رفض الأسماء الأمازيغية، ومنع استخدام اللغة الأمازيغية داخل البرلمان، والتمييز الذي تعانيه القناة الأمازيغية مقارنة مع القنوات الأخرى، وتوقيف تدريس الأمازيغية بالعديد من المؤسسات، وجعلها غير إجبارية وغير معممة ولا تحتسب في الامتحانات، والارتجال في سياسة الدولة المتعلقة بإدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة.

وبهذا الخصوص تطالب الجمعية بتطبيق الدولة لتوصيات اللجنة الأممية المعنية بالاتفاقية الدولية بشأن القضاء على الميز العنصري، الصادرة على إثر تقديم الحكومة المغربية لتقريريها الأخيرين حول تطبيق هذه الاتفاقية وتقديم الجمعيات المعنية لتقاريرها الموازية من ضمنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبشكل خاص إقرار الدستور للغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية دون تراتبية بين اللغتين ودون تمييز أو تسويف.

23/ وبالنسبة لبعض القضايا الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، فإن الجمعية إذ تحيي بشكل خاص نضالات القوى الديمقراطية المغاربية ــ وفي مقدمتها مكونات الحركة الحقوقية المنضوية في التنسيقية المغاربية لمنظمات حقوق الإنسان ــ المناضلة من أجل إقرار حقوق الإنسان والديمقراطية في هذه المنطقة، تسجل:

– تفاقم انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية للشعوب، جراء الهيمنة الليبيرالية، والعدوان والحصار، مما يحرم الأمم والشعوب من حقها في التمتع بخيراتها المادية وحقها في السيادة وتقرير المصير؛

– قلقها البالغ من الأوضاع الكارثية على المستوى الإقليمي وخاصة في كل من العراق وسوريا وليبيا والمتسمة باتساع الأعمال الإجرامية، من تقتيل وذبح واختطاف وسبي للنساء، والقتل على الهوية…، من طرف الجماعات المسلحة المدعومة من طرف قوى خليجية وإقليمية وقوى غربية، ضمن مشروع الإمبريالية لإعادة هيكلة الوضع في المنطقة، في انتهاك سافر لحق شعوب المنطقة في تقرير مصيرها؛

– تجديد إدانتها للحرب العدوانية على اليمن من طرف التحالف الرجعي الإمبريالي الصهيوني الذي تقوده السعودية، وما خلفه من ضحايا في الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، ومن جرائم التعذيب والاغتصاب، ومن تدمير للبنى التحتية… وتطالب الجمعية بسحب القوات المغربية من هذه الحرب العدوانية…

– انشغالها بشأن ما تعانيه شعوب المنطقة العربية والمغاربية، في نضالها السلمي من أجل حقها في تقرير المصير، وما يواجهه المحتجون السلميون من قمع وتنكيل ومصادرة للحريات واعتقال ومحاكمات، ومن أحكام بالإعدام، وتصفيات جسدية (حالة الصحفي جمال خاشقجي)؛ وخاصة في البحرين والسعودية ومصر والأردن …

– وبالنسبة لفلسطين تطالب الجمعية ب:

·  إنهاء الاحتلال والاستيطان واحترام حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس وحق اللاجئين في العودة؛ كما تطالب بجعل حد للإفلات من العقاب لمجرمي الحرب الصهاينة.

·  إصدار قانون يجرم كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، معبّرة عن إدانتها لإمعان الدولة المغربية في سياستها التطبيعية مع الكيان الصهيوني اقتصاديا وثقافيا وأكاديميا وفنيا سياحيا وفلاخيا…، وتعبر الجمعية عن دعمها لمبادرة مقاطعة البضائع ورفض الاستثمار وفرض العقوبات على إسرائيل   (BDS) بالمغرب و في العالم.

·  وتجدد الجمعية المغربية إدانتها لقرار الرئيس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية لدى الكيان الصهيوني لمدينة القدس الفلسطينية وتدعو مناضلاتها ومناضليها إلى الانخراط في كل المبادرات الهادفة إلى مواجهة هذا القرار الإجرامي ودعم نضالات الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.

24/ وأخيرا، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار: “لا للحصار والتضييق، لا للاعتقال السياسي والتعذيب، كل حقوق الإنسان للجميع”:

– توجه مجددا تحية عالية للشباب المغربي في انتفاضته ضد الاستبداد والفساد وضد الحكرة سواء في إطار الحراك الشعبي بالريف وجرادة وزاكورة، أو الحراك الداعم له أو في إطار الحركات الاجتماعية بالعديد من المناطق، أو الحركة التلاميذية والطلابية، أو إطار حركة 20 فبراير والدور الذي لعبته في تحريك مطالب حقوقية أساسية، وإسقاط العديد من الطابوهات. كما تجدد تضامنها مع كل ضحايا القمع ومع عائلات الشهداء مؤكدة تشبثها التام بمطلب الحقيقة والمساءلة لكل المتورطين في الجرائم التي أدت إلى استشهادهم. وتوجه تحية خاصة للمعتقلين السياسيين للحراك الشعبي بالريف وجرادة وزاكورة وغيرها من المناطق…، والصحفيين المعتقلين بسبب عملهم الإعلامي، ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وتطالب بإطلاق سراحهم وإسقاط المتابعات والتهم المفبركة عنهم، وجبر الأضرار الناتجة عن اعتقالهم وتعريضهم للتعذيب.

– تؤكد تشبثها بمواصلة النضال من أجل إقرار دستور ديمقراطي من حيث منهجية صياغته من طرف ممثلي القوى الحية بالبلاد ومن حيث مضمونه الديمقراطي وأسلوب المصادقة النهائية عليه عبر استفتاء ديمقراطي حر ونزيه، مع التأكيد على مطالبتها بملاءمة الدستور المغربي مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان واعتبار ذلك من أولويات المطالب الحقوقية والديمقراطية نظرا لما يشكله الدستور غير الديمقراطي الحالي من عرقلة أمام تشييد دولة الحق والقانون وبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية. كما تؤكد الجمعية على ضرورة بناء أسس دولة الحق والقانون المتجسدة بالخصوص في انتخابات حرة ونزيهة تفرز برلمانا بكامل السلطات التشريعية والرقابية، وحكومة لها كامل السلطات التنفيذية، وقضاء مستقل ونزيه وكفء وتشييد مجتمع الكرامة والمواطنة.

– وانطلاقا من قناعتها المبدئية بأهمية العمل المشترك،  تعبر الجمعية عن تشبثها بشعار “وحدة العمل للدفاع عن حقوق الإنسان” وتحيي الدور الذي يؤديه الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، وكافة الشبكات التي تشكلها الحركة الحقوقية من أجل الدفع بأوضاع حقوق الإنسان وتحسينها، مؤكدة على شعارات مؤتمراتها الأخيرة: “حركة حقوقية وديمقراطية قوية من أجل دستور ديمقراطي، دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة”، و”نضال مستمر ووحدوي من أجل دستور ديمقراطي يؤسس لسيادة قيم حقوق الإنسان الكونية” و” نضال  وحدوي ومتواصل من أجل مغرب الكرامة والديمقراطية وكافة حقوق الإنسان للجميع”، التي تعكس استعداد الجمعية للعمل مع كافة مكونات الحركة الحقوقية وسائر القوى الديمقراطية ببلادنا من أجل بناء دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق.
المكتب المركزي
10 دجنبر 2018

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد