-تتمة : بقلم أبو أمين
من الملاحظ أن معظم وسائل الإعلام وكذا وسائل التواصل الإجتماعي لا تتحدث في الغالب إلا على القتامة و الأزمة و سوء التدبير ،و الأحداث المثيرة والسلبية.ومع الأسف فإن صحافة الأزمات هي من تشد القارئ أو المتفرج وتثير فضوله ، في حين أن الصحافة البناءة تعمل على تقديم أعمال وتقارير متوازنة موضوعية تسلط الضوء على الثغرات والإنحرافات والسلبيات كما تسلط الضوء على الإيجابيات ونقاط الضوء في المجتمع حتى تشيع القدوة والمثال وينتشر التفائل داخل المجتمع. تفاؤل يعتبر ركيزة أساسية لكل مجتمع سعيد وراقي. وينقل الفكر والمخيلة من آفاق الدمار والتخريب إلى آفاق البناء والإعمار والتقدم.
وهذا ما أكدته كثير من الدراسات الأكاديمية أن الإفراط في الأخبار السلبية والتركيز على الأزمات والصراعات تفقد مصداقية وسائل الإعلام وتؤدي إلى نتائج سلبية إن على مستوى هذه الوسائل نفسها أو على مستوى المجتمع ككل وتبعث رسائل سلبية عن هذا المجتمع تؤثر في حاضره ومستقبله، وتؤثر على معنوياته وأخلاقه كما تؤثر على تنميته واقتصاده واستثماراته بشكل عام.
و لقد استوقفني مقال صحافي حول مستشار جماعي بجماعة مليلة إقليم بنسليمان واسمه يتردد كثيرا عند سكان الجماعة بشكل مستمر قريب من المواطنين “فليس كل شيء اسود في بلادنا كما جاء في المقال , هناك أناس يزرعون الأمل في نفوس أناس ويغيرون النظرة المتشائمة للأشياء فيستحقون التنويه والتقدير والإحترام تشجيعا لمواصلتهم في نفس الايقاع”.
هنا تذكرت تجربتي الشخصية مع عديد من الأمثلة المضيئة التي لا نعدم معها التفاؤل والثقة برجالات وكفاءات هذا الوطن، أتذكر منذ عشر سنوات خلت طبيب أسنان لدى مصحة الأسنان لدى منظمات الإحتياط الإجتماعي ،لا أعرف أين اختفى من هذه المصحة، كان طبيبا كفؤا وشابا خلوقا مفعما بالحركة والحيوية، ذو ابتسامة عريضة في وجه مرضاه ، كنت عند المعالجة في المصحة أدعو له دائما ، جزاه الله خيرا.
وفي التعاضدية العامة للتربية رجال ونساء رغم قلتهم بستقبلون يوميا مئات رجال التربية والتكوين من المرضى والمسنين يعملون كالنمل بدون كلل ولا ملل وبأخلاق مثالية عالية لتدبير ملفاتهم المرضية وتقديم مختلف الخدمات التي يحتاجها المتعاضد في هذه التعاضدية
و أتذكر منذ سبع سنوات خلت كيف رفعت تظلماتي لمسؤولي المكتب الوطني للكهرباء بمراكش في إطار حيف لحقني، وكنت دائما أؤكد في شكاياتي إيماني بمؤسسات الوطن التي بدونها لن تقوم قائمة لأي بلاد أو وطن، فأنصفت من طرف أحد مسؤلي هذا المرفق و زادت ثقتي و إيماني بأن الوطن ليس فقط مكانا للإقامة أو اسم نضعه في بطاقة الهوية بل هو الصدر الرحب الذي نجسد فيه انتمائنا وهويتنا والملاذ الآمن الذي نأوي إليه بأحزاننا ومعاناتنا الوجودية ونحتمي به ضد التيه والغربة و المعاناة وبجواز سفره تتاح لنا فرص الترفيه والدراسة والعمل
وأتذكر ونحن في أوج الحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد 19 خطوة كبيرة في الإنجاز وحسن التنظيم حين خضعت للتلقيح في أحد المستوصفات العمومية ضمن حملات تلقيح واسعة على أمل القضاء على الوباء وعودة الحياة إلى وتيرتها الطبيعية.
فلاقيت المستوى الرفيع في التواصل و وحسن المعاملة، إضافة إلى النجاعة والسرعة في تهييء وتقديم اللقاح.
إدارة متناسقة بأطرها المدنية وشبه العسكرية. تضحي براحتها ووقتها حتى خارج التوقيت الإداري من أجل السهر على أمن وخدمة المواطن، إدارة متواصلة وكفاءات فردية وجماعية وتنظيمية تغير رأينا عموما عما نسمع من بيروقراطية ﻭﺍختلاﻻﺕ ﻭسةﺀ تدبير في بعض الإدارات الترابية للمملكة .
وقد لاحظنا النجاعة الإدارية وحالة الإستنفار العليا والتدبير الجيد للأزمة وفي ملحقة إدارية موظف يعمل في مصلحة تصحيح الإمضاءات كفؤ يعمل بدن ملل أو كلل له قدرة على بذل الجهد الإضافي إضافة إلى التجربة والسرعة وحسن المعاملة.
وفي مهنة المتاعب التقيت بالصحفي المقتدر الصحفي المتواضع، الخلوق دائم الحضور، والتوهج، باعتباره صحفيا وإنسانا، يعطي ولا يأخذ يقدم يد المساعدة لكل من عنده حاجة أو مظلمة ولايبخل على زملائه وأصدقائه، بكل مايملكه من خبرة صحفية تجربة حياتية،مثال للأخلاق والمبادئ الصحفية العالية.
أمثلة كثيرة نضعها في خضم زخم المجتمع وتناقضاته من أجل القدوة والمثال و الإعتراف بجميل من يضحي ويشتغل بفاعلية من أجل الوطن و تبيان جماله ونقاط قوته، وتثمين الإخلاص له و بالتالي من أجل نهضته وازدهاره.
إن المشروع التنموي الجديد خير مؤشر على النظرة الإستشرافية المتفائلة، لأن المغرب يمتلك من المؤهلات والموارد والكفاءات ما سيجعله إن شاء الله في وضع متقدم على مستوى دول الجوار وعلى مستوى القارة عموما.
لقد تحدثت في مقال سابق عن جدلية الإدارة والتنمية وعن الرجل المناسب في المكان المناسب ،وأن في كثير من مرافق مغربنا مسؤولون وطنيون شرفاء أكفاء يتركون بصماتهم في النزاهة والإستقامة والحكامة الجيدة ، أطر سامية تقوم بالقيادة الجيدة والمعاملة الإنسانية تجاه المواطنين.
مزيج من الصرامة والجدية و إتقان العمل والمرونة والإنسانية في الوقت المناسب يتطلبها المرفق الإداري الناجح.
وتحدثت عن مغرب يسير بسرعتين : الأولى يسير بها قطار فائق السرعة بقاطرة قوية المحركات، محطاته أوراش ضخمة في تكنولوجيا الطاقات المتجددة وتيكنولوجيا الفضاء و ميناء المتوسط، و الطرق السيارة ،والبراق وغيرها من الأوراش الضخمة التي وضعت المغرب في مرتبة متقدمة إفريقيا والثانية يسير بها قطار متقادم بطيء يسير في سكة كلها أعطاب تتناوب فيها الإصطدامات والحوادث ويمر عبر الهشاشة والبؤس والبطالة والفقر والرشوة والظلم الإجتماعي ومختلف مظاهر التخلف .