جولة بومبيو في المنطقة العربية.. سعي أمريكي لتشكيل حلف عربي لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة

0 349

حراك دبلوماسي جديد بدأته الإدارة الأمريكية عقب إعلانها المفاجئ لقرار سحب القوات الأمريكية من سوريا، مسرح تجاذبات القوى الدولية والإقليمية وفي مقدمتها روسيا وإيران.

فعلى نحو متزامن، أوفدت الإدارة الأمريكية اثنين من صقورها إلى المنطقة، وهما مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي زار كلا من إسرائيل وتركيا، ووزير الخارجية مايك بومبيو الذي قام بجولة مكوكية بين عواصم عدد من البلدان العربية، الحليفة التقليدية للولايات المتحدة في المنطقة.

ويعتقد المحللون أن هذه الخطوات الأمريكية المنسقة تأتي لتبديد مخاوف حلفاء أمريكا في المنطقة من أن قرارها المفاجئ سحب قواتها من سوريا لا يعني بداية لانكفاء دور واشنطن في المنطقة على غرار ما حدث في عهد الرئيس السابق إدارة باراك أوباما.

ولتبديد هواجس الحلفاء، استبق بومبيو زيارته للمنطقة بتصريح لأحدى القنوات الأمريكية جدد فيها تمسك بلاده بهدفها المتمثل في “وضع حد لنفوذ إيران العدائي” في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى محاربة التنظيمات الإرهابية.

وأوضح أن “الحديث يدور عن تغيير التكتيك، إذ أننا نسحب ألفي عسكري من سوريا، لكن الأهداف التي كنا نضعها صوب أعيننا على مدار الأشهر الـ24 من عمل الإدارة الحالية، هي نفس أهدافنا السابقة”.

ويؤكد تصريح بومبيو اعتقاد المحللين الذي يذهب إلى أن قرار ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا لا يعدو أن يكون أكثر من مجرد خطوة تكتيكية، فيما يستهدف القرار التمهيد لتشكيل حلف من دول المنطقة يضطلع بدور الحفاظ على استقرار المنطقة ومواجهة التمدد الإيراني فيها.

وما يعزز هذا الاعتقاد أن جولة رئيس الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة وما رافقها من عودة الحديث عن فكرة التحالف العربي أو “الناتو” العربي تأتي قبل أسابيع من انعقاد مؤتمر وارسو الذي أعلنت الولايات المتحدة عن عقده لبحث مصادر التهديد في الشرق الأوسط وفي مقدمتها إيران.

ففي القاهرة محطته الثانية بعد عمان، أعلن بومبيو الخميس الماضي أن الإدارة الأمريكية بصدد العمل على تأسيس تحالف استراتيجي شرق أوسطي جديد، يضم دول الخليج العربي الست إضافة عن مصر والأردن، لمواجهة الأخطار وتعزيز التعاون.

وفي تصوره لطبيعة التحالف، أوضح بومبيو أن واشنطن “تريد تحالفا وقوة عربية قادرة على مواجهة التحديات في المنطقة على اختلافها”، مؤكدا استمرار بلاده في الاهتمام بأمن واستقرار الشرق الأوسط.

وحول ما إذا كان التحالف المزمع تشكيله “سيحل مكان القوات الأمريكية في سوريا، أوضح بومبيو أن كل دولة ستقرر كيفية مشاركتها في هذا الحلف أو التحالف، معتبرا في هذا الصدد أن “تدمير (داعش) أولوية وسنقوم بذلك بالتعاون مع حلفائنا”.

بيد أن السؤال الذي يطرحه المتتبعون هو مدى فاعلية هذا التحالف في التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة، وذلك في ظل معطيات جيوسياسية غير متجانسة، على الأقل في الوقت الراهن، ومن أبزرها الخلاف الخليجي، إضافة إلى التفاوت الذي يطبع علاقات الدول المعنية مع طهران.

وفي هذا الإطار، دعا بومبيو، دول الشرق الأوسط الى “إنهاء الخصومات فيما بينها قائلا ” حان الوقت لإنهاء الخصومات القديمة”، لمواجهة أهم الأخطار في المنطقة، وعلى رأسها الخطر الإيراني.

وفيما تتبدى ملامح التحالف الذي تريد واشنطن بناءه بمشاركة حلفائها في المنطقة، تبرز أيضا تساؤلات ترتبط بأهداف هذا التحالف، وعن السيناريوهات التي يحتمل أن ينخرط فيها والمتأرجحة أساسا بين تضييق الخناق على طهران سياسيا واقتصاديا، واحتمال انخراطه في عمل عسكري لتحييد الخطر الذي تمثله إيران في المنطقة.

ويستبعد المراقبون أن يكون الحلف الذي تدعو إليه واشنطن منصة للصدام العسكري المباشر مع إيران، في ظل تأكيد بومبيو المضي في طرد آخر جندي إيراني في سوريا بالطرق الدبلوماسية، وفتح المجال أمام إسرائيل لتنفيذ عملياتها العسكرية ضد أهداف إيرانية في سوريا، إضافة إلى اعتقاد واشنطن أن العقوبات التي فرضتها على الاقتصاد الإيراني تؤتي أكلها على النحو الذي تريده الإدارة الأمريكية.

لكن هؤلاء المراقبين يتفقون على أن الثابت في جولة وزير الخارجية الأمريكي إلى المنطقة هو توجيه رسائل في ثناياها طمأنة للحلفاء أن واشنطن لم تنفض يديها من قضايا المنطقة بعد قرار سحب قواتها من سوريا.

وفي هذا الصدد يؤكد المحلل السياسي الأردني عمر المحارمة في تصريح لوكالة لمغرب العربي للأنباء، أن التحرك الدبلوماسي الأمريكي في المنطقة “هدفه هو عرض الدور الأمريكي الحالي في المنطقة، وطمأنه الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة من أن واشنطن لا تزال ملتزمة بالتحالف الذي يجمعها مع هذه الدول”.

وقال إن جولة بومبيو تأتي لتوجيه رسالتين الأولى أن “الولايات المتحدة لن تنسحب من الشرق الأوسط”، والثانية أن “النظام الإيراني هو مصدر الخطر في المنطقة، مع سعيه لبحث العديد من القضايا الأخرى المتعلقة بالأزمة مع قطر والملف السوري والحرب في اليمن بالإضافة إلى الملف الفلسطيني الحاضر الدائم في أي لقاءات سياسية”.

ولفت المحلل السياسي الأردني إلى أن سعي الخارجية الأمريكية لطمأنة الحلفاء باستمرار التزام الإدارة الأمريكية تجاه المنطقة، تكتنفه مع ذلك “صعوبة توقع أفعال وقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتناقض قراراته”.

ومما يزيد من صعوبة المهمة، برأي المحلل السياسي الأردني، صدور مواقف مخالفة وغير منسجمة مع مواقف دونالد ترامب المثيرة للجدل، من كبار مستشاريه حيال الخطط الأمريكية في الشرق الأوسط.

قد يعجبك ايضا

اترك رد