…………………………………………………
على سبيل التقديم :ذ.عبد العاطي جميل.
…………
ـ تأطير عام السياق العام للديوان : من يتكلم ؟؟ .. على هامش موت المؤلف .
……………………………………………………
انطلاقا من تأريخ النصوص الشعرية للديوان يتضح أنها تنتمي إلى مرحلة سياسية خاصة فهي تتراوح ما بين 1985 و 2006 ” أنا حنظلة ” .. هذا التأريخ له دلالته التاريخية والفنية الجمالية . ذلك أن بلدنا المغرب بما يتميز به من نظام سياسي مهيمن على كل كل القطاعات إن لم نقل متحكم ومستحوذ على كل الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية والثقافية . مما يجعل الإنتاج الثقافي يتولد ويتخلق وفق هذه البنيات المتحكمة والمهيمنة :
أ ـ إما أن يكون خاضعا ، تابعا ، ممجدا،مزمرا ،مطبلا لها .. ممثلا دور البوق والمهرج والبهلوان ..
ب ـ إما أن يركن إلى الصمت بسبب الإقصاء المؤسس والممنهج أوالابتعاد عن القضايا الشائكة ، وارتياد الموضوعات المستهلكة المكرسة لما هو قائم ومدعمة له تحت عناوين وأسماء وتوصيفات شكلية مبالغ فيها تقصي الإنسان وتغيب تاريخه وفعاليته …
ج ـ وثمة اختيار ثالث يعانق القضايا والإشكالات العالقة والمجمدة تحت عناوين معرقلة كالثوابت والمقدسات والإجماع الوثني وغيرها من الطابوهات أو الثالوث المحرم حسب الباحث بوعلي ياسين والمتمثل في الدين والجنس والسياسة .. ومن الطبيعي أن يجد هذا النوع من الإنتاج الفني والأدبي حصارا ممنهجا إن على مستوى الطبع أو النشر أو التوزيع .. فيلجأ الكاتب إلى الاعتماد الذات ، فيظل يراكم الكتابة لأمد طويل حتى تتوفر الفرصة السانحة المادية إن توفرت طبعا وإلا قضى الكاتب دون أن يرى منتوجه مسوقا في الأكشاك التي أضحت ترفض التوزيع الفردي خارج دور النشر أو شركات التوزيع المحتكرة أوموزعا في المكتبات الخاصة ..كما يقول ظهر غلاف الديوان ” عاش شاعرا في الظل إلى أن وافته المنية ـ رحمه الله ـ بتاريخ 05 ـ 12 ـ 2013 .
فإصدار ديوان ” ذاكرة الفصول الملتهبة ” يندرج ضمن هذا السياق العام .. فهو يصدر بعد رحيل الشاعر بدعم من شركة مارتا للمحاسبة والتسيير الإداري و جمعية آباء وأولياء أمور تلاميذ مدرسة سيدي اعمارة بنياية مراكش بالإضافة إلى أسرة أخ الفقيد الشاعر: حميد آيت فضال ..
رحل الشاعر.. وبعد ثلاث سنوات يجيء هذا الاحتفاء والاعتراف به بإخراج نصوصه الشعرية المعبرة إلى الوجود لترى النور بعدما كانت حبيسة في الظل تنتظر الذي يأتي ولا يأتي .. وكان لمؤسسة أريحا هذه المبادرة الثقافية . واسم أريحا له دلالة خاصة مرتبطة بالقضية الفلسطينية التي خصص لها الشاعر المرحوم عبدالسلام آيت فضال مساحة معتبرة في نصوصه الشعرية الثلاثة من قبيل ” سفر على بساط يافا ” ـ 1 ـ و ” سفر على بساط يافا أو فسيفساء الوصول ” ـ 2 ـ و” أنا حنظلة ” المؤرخة في 13 ـ 12 ـ 2006 . في النسخة التي أمدني بها الصديق الفنان التشكيلي لحسن فرساوي صديق المرحوم الشاعر الذي أهداه المرحوم إحدى أبهى نصوصه الشعرية بعنوان ” لوحات طائشة “.ولنا مع هذه النصوص الشعرية تأملات مبنى ومعنى ومغنى ..
فإذا كان الشاعر الفرنسي الرمزي مالارميه يرى ” أن اللغة هي التي تتكلم وليس المؤلف ” فهل معنى ذلك يمكن إلغاء المؤلف لصالح الكتابة ؟؟ . أجدني في موقف غير محايد حين أنتصر للشاعر لأن النصوص الشعرية التي بين أيدينا لست لغة باعتبارها مؤسسة رسمية معيارية .فالنصوص الشعرية هي كلام بتعبير فردناند دي سوسير أي إنجاز فردي ، ولسان أيضا يقول دي سوسير : فللغة جانب فردي وجانب مجتمعي ولايمكن أن ندرك أحد الجانبين في استقلال عن الآخر ..” ص.17 محاضرات في علم اللسان العام ترجمة عبدالقادر قنيني ومراجعة أحمد حبيبي ـ إفريقيا الشرق . 1987 . من هذه الكوة أدخل لقراءة النصوص الشعرية للبحث عن الفردية الإنجازية للغة في ديوان ” ذاكرة الفصول الملتهبة ” . وهل الفردية هي بالفعل الشاعر المرحوم عبدالسلام آيت فضال أم هي صوت جمعي بصيغة المفرد ، معبر عن الفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها بمفهوم لوسيان غولدمان . وليس بمفهوم الطبقة . ” لأن الطبقة تحدد حسب دورها في الإنتاج بينما المجموعة تتميز ببنية فكرية خاصة ، تمثل طموحاتها ومواقفها في نطاق وعي جماعي بالواقع . ” .
فبناء على هذه الاعتبارات الموضوعية ، واعتبارات خاصة نتقاطع فيها مع المرحوم الشاعر كالانتماء إلى نفس الجيل لأننا من مواليد 1958 ، ونعمل في قطاع التربية والتعليم ، ولنا هم مشترك وهو التورط في الكتابة ومعانقة نفس القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية وربما بنفس الرؤيا .. مما يجعلنا ننتمي لنفس الفئة الاجتماعية ذات الأحلام والطموحات المشتركة ـ حسب تعبير لوسيان غولدمان ـ .. من هنا سيكون من الطبيعي اعتماد إواليات المنهج الاجتماعي الذي يربط بين النصوص الشعرية والمجتمع الذي يساهم في توليد هذه النصوص الشعرية وتخلقها إن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .. ومن ثمة ارتأينا التركيز في قراءتنا على :
ـ إبراز طبيعة الوعي التي تحكم النصوص الشعرية من جهة .هل تمثل الوعي الكائن أم الوعي الممكن ؟
ـ إبراز الرؤية للعالم للشاعر من خلال البنيات النصية الدالة وانطلاقا من مستواها التركيبي أو الدلالي أو الرمزي والأسطوري …
…………….
للكلام بقية …
…………..
ماي 2016
المقال السابق
قد يعجبك ايضا