عزيز بلال .. المناضل التقدمي والمثقف العضوي والأستاذ الجامعي ، من الأطر العليا.. مـفـكـر اقتصادي.. وبـاحـث أكـاديمي..
سنة 1982، نعى حزب التقدم والاشتراكية إلى الشعب المغربي رحيل أحد قيادييه من العيار الثقيل، إنه المناضل التقدمي والمثقف العضوي والأستاذ الجامعي، عزيز بلال. فمن الولايات المتحدة الأمريكية، شاع النبأ الفاجعة عبر قصاصة تعلن وفاة عزيز بلال في حريق بأحد فنادق شيكاغو، حيث كان يقيم، وحيث كان يقوم بواجبه كنائب لرئيس جماعة سيدي بليوط عين الذئاب، في إطار مهمة إنجاز عملية توأمة بين مدينتي الدار البيضاء وشيكاغو.
وُلد عزيز بلال بمدينة تازة سنـة 1932 في الحي المحيط بالجامع الكبير والمخصص لسكنى العلمـاء، في دار عريقة بزنقة العالم ابن عبد الجبار، سكنتها بَعده أُسرة البروفسور عبد المجيد بلماحي، ثم محتسـب المدينة الحاج المقري.
كانت دراسته الأولية بتازة؛ والابتدائية والثانوية بوجدة، وتابع دراسته العليا بفرنسا. حاصل على دكتوراه الدولة في العلوم الاقتصادية حول الاستثمار في المغرب، وهي الأطروحة التي حصلت على جائزة جامعة غرينوبل.
عمل بوزارتي التخطيط والعمـل، وشارك في صياغة أول مخطـط مغربي، ثـم مشروع الضمان الاجتماعي. وهو المؤسس لجمعية الاقتصاديين المغاربة.
دَرَّس مادة الاقتصاد السياسي بكلية الدار البيضاء. ويُعد من الأوائل الذين وضعوا أُسـس التعليم الجامعي في ميدان الاقتصاد والاجتماع.
نشر عـدة مؤلفات حول الاقتصاد المغربي. وقد كانت له براعة في التحليل، وانشغالا بقضايا المجتمع، وكان قادرا على تبليغ معنى الفرق بين التنمية والتخلف.
من مناضلي ومؤسسي حزب التقدم والاشتراكية، عضو الديوان السياسي ومستشار بلدي وخليفـة رئيس الجماعة الحضرية لعين الذياب بالدار البيضاء.
لقد أرخ يوم 23 ماي من عام 1982 لموت سيظل غامضا رغم مرور 38 سنة من وقوعه، خصوصا أن من سافروا معه ورافقوه ونزلوا معه في نفس الفندق، من أعضاء الوفد المغربي، عادوا جميعا إلى وطنهم وأهلهم سالمين.
عندما تقررت مشاركة مسؤول من بلدية عين الدياب، تم تعيين الاتحادي صالح سعد الله، وهو أيضا من نواب الرئيس، لكن الملك الحسن الثاني اختار أن يذهب بدله الدكتور عزيز بلال. لما تم إخبار المفكر اعتذر بسبب ارتباطاته الحزبية والعائلية، وأيضا العملية، فامتحانات نهاية العام الدراسي الجامعي لم تبق أمامها سوى أسابيع قليلة. لكن اقتراح الملك كان أمرا وقرارا .
عندما بلغ الراحل عزيز بلال الثامنة عشرة من عمره وجد نفسه عضوا بالحزب الشيوعي المغربي، وبعد منع الحزب ظل ملتزما بالسرية، وتولى قيادة فرع الرباط لما اتخذ الحزب تسمية “حزب التحرر والاشتراكية” قبل أن يمنع، وبعد رفع الحظر كان ضمن قيادة “حزب التقدم والاشتراكية” عضوا فعالا بالمكتب السياسي. ورحل في عنفوان شبابه دون العقد الخمسين.
ولأن عزيز بلال المفكر والمناضل السياسي الصلب والنقابي الفذ، آمن مع حزبه بما سمي بـ “المسلسل الديمقراطي”، فقد دعا إلى الانخراط في التجربة من أجل تعميقها، هكذا في الانتخابات البلدية لاقتراع 12 نوفمبر 1976، تقدم مرشحا عن حزب التقدم والاشتراكية لنيل مقعد ببلدية عين الدياب،
كان الأمل بأن يحظى عزيز بلال، وغيره من الشخصيات الكبيرة التي غادرتنا، بما يليق بمكانتهم، أن تصدر عنهم كتب وتعد أفلام وثائقية، تتناول سيرتهم النضالية، والجوانب المتعددة من شخصياتهم الاستثنائية ومزاياهم الإنسانية والعملية ومنهج تفكيرهم،