فم أساكا بجنوب المغرب.. أرض من ماء تأوي أحياء الأرض والسماء

0 1٬337

 من المحتمل جدا أن تصادف بفم أساكا، مصب النهر الواقع على الساحل الأطلنتي لجنوب المغرب والتابع لإقليم كلميم، نورسا من فصيلة الأودين الجميلة أو غراب بحر شديد السواد يجر سمكة صغيرة إلى اليابسة ولما لا مدروانا، ذاك الطائر الصغير المكتنز القوام، ينقب عن حشرات وديدان أو أسماك وقشريات صغيرة بعد رحلة تحليق طويلة. طيور مهاجرة وطيور بحرية وأحياء برية وزواحف ونباتات فريدة تحتمي بهذا المصب النهري لوادي أساكا والذي يعد (أي المصب) من المناطق الرطبة لجهة كلميم واد نون.

فالمناطق الرطبة، مثل فم أساكا، تقدم مناخا جذابا وبيئة مواتية لكثير من أحياء الأرض والسماء. وتدخل ضمنها المستنقعات أو والبحيرات أو المناطق الرملية، “سواء كانت طبيعية أو اصطناعية، دائمة أو مؤقتة، ذات مياه راكدة أو متدفقة، عذبة أو أجاج أو مالحة، تتضمن مناطق بحرية لا يتجاوز عمق مياهها، في مواقع انحسار المياه، ستة أمتار” وفقا لتعريف المعاهدة الدولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة الموقعة برامسار بإيران عام 1971 لهذه المناطق.

ومؤخرا فقط سجل المغرب 12 موقعا رطبا جديدا ضمن لائحة المناطق الرطبة الجديدة بلائحة “رامسار” ليرتفع عدد المواقع المغربية المسجلة فيها إلى 38 موقعا. وتطمح المملكة إلى تسجيل مناطق أخرى ضمن هذه اللائحة التي تشرف عليها الأمم المتحدة. كما تطمح منظمات مدنية عاملة في مجال البيئة مثل الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة إلى ذلك. ويأمل الائتلاف المذكور إلى تسجيل فم أساكا ضمن هذه اللائحة بتعاون مع هيآت أخرى خاصة منها المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر. 

وتظهر أهمية فم أساكا باعتباره منطقة رطبة بجلاء أكبر في تصنيف المغرب له “موقعا ذي أهمية بيولوجية وإيكولوجية” (Zone SIBE) في إطار الجهود التي تبذلها المملكة للحفاظ على فضاءاتها الطبيعية. ويشجع الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة بجهة كلميم واد نون الباحثين على حصر الأصناف النباتية والحيوية التي تعيش داخل هذا المصب بالتوازي مع العمل على حمايته ضد المخاطر البيئية والتحسيس بأهميته البيئية.

وفي هذا السياق، يوضح المنسق الجهوي للائتلاف بكلميم وادنون، الحسين الغنامي، أن اختيار هذا الموقع جاء “نظرا لكونه يمثل غنى بيولوجيا وإيكولوجيا من حيث التنوع النباتي والحيواني وأيضا لأنه صار عرضة لمجموعة من الضغوطات البيئية”. وترتبط هذه الضغوطات، وفقا للسيد الغنامي، ب”التغير المناخي وعدم انتظام التساقطات في السنوات الأخيرة وبالأنشطة السكانية والحركة السياحية”. 

ويضيف أن الاهتمام بحماية فم أساكا نابع أيضا من كونه “يمثل نموذجا مصغرا لمجموعة من المناطق الرطبة بالجنوب المغربي عموما وبمنطقة واد نون خصوصا والتي تتواجد على الساحل الأطلسي مما يساعد على حصر المعطيات الخاصة بهذا الوسط الطبيعي”.

وفي إطار الجهود التي يبذلها الائتلاف للحفاظ على هذا الموقع، يعمل السيد الغنامي وباقي أعضاء هذه المنظمة البيئية على توجيه باحثين في مجال التنوع البيولوجي نحو هذه المنطقة الرطبة لدراستها من الناحية التطورية (الفيلوجينية) وتحديد أصناف الكائنات النباتية والحيوانية” بهدف استخراج مزيد من المعطيات العلمية حولها.

كما يعمل السيد الغنامي، وهو أيضا رئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بكلميم، على تنظيم خرجات تحسيسية لفائدة السائحين والمصطافين بهشاشة الموقع، وتعريف تلاميذ المؤسسات التعليمية بالجهة بأهمية هذه المواقع ومبادئ دراستها.

ويطمح الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية إلى توحيد الجهود بمعية باقي الشركاء والفاعلين في هذا المجال من أجل الترافع بهدف تصنف هذا الموقع ضمن المواقع الرطبة المسجلة بقائمة “رامسار”. 

وتضم جهة كلميم واد نون 4 مناطق رطبة، 2 منها مصنفة ضمن اتفاقية المناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية (رامسار) وهي: مصب وادي درعة ووادي الشبيكة بإقليم طانطان، و 2 ذات أهمية بيولوجية وإيكولوجية وهي : فم أساكا والشاطئ الأبيض بإقليم كلميم.

وتسعى المملكة، عبر المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، إلى تسجيل 30 موقعا جديدا على قائمة رامسار في أفق 2024، وتنفيذ 60 مخططا لتدبير وتأهيل المناطق الرطبة ذات الأولية الكبرى. 

قد يعجبك ايضا

اترك رد