” لغة ليست كباقي اللغات!!! “.

0 350

بقلم : هشام الدكاني

يدرك المستخدم للغة الخشب ضعف كلامه وحجته ، ولذلك يحاول أن يداري ضعفه في محتوى كلامه بالتواري خلف العموميات والتاريخ والماضي والمستقبل ، وٱستبعاد الحديث عن الحاضر والواقع المعاش ، وهي لغة تغلب على النقاشات داخل قبة البرلمان التي تكون فيها المجالس مجرد ديكور أو صورة منمقة ، وبذلك يتحول هذا البرلمان إلى بيوت من خشب لا يستخدم داخلها إلا «لغة الخشب» ، وهي نوع من الخطاب التمويهي الذي لا يكترث بمصلحة الشعب إلا لفظيا ، أما المصلحة العليا فهي لهم ولأتباعهم وذوي القربى ، ولا تعبأ بالشعب ومصالحه!!!
لغة غير محددة الدلالة ، تهدف إلى فرض الرأي بقوة التأثير في السامع ، وعدم إتاحة الفرصة لأي نقاش منطقي سليم ، وهي لغة عقيمة لا تنتج أي إبداع ، بل تؤسس للفساد والنفاق في المجتمع ، ولذلك فإن الأشخاص الذين يستخدمون هذه اللغة هم كالخشب المسندة الذين يملكون إجابة واحدة لكل الأسئلة التي تطرحها المجتمعات وتمر بها الدولة في كل العصور والأزمنة ، لأنها تتحول إلى المادة السحرية التي تأخذ بعقول عامة الناس إلى عالم مزيف ، خاصة أن هذه اللغة تحمل وعلى طول الخط نغمة ولحنا يستأنس بهما المستمع ، فهي تختزن داخلها التزييف والمجاملة والتلفيق والنفاق والنصب التي تمكن السياسي من الإحتيال على الناس بطريقة لا جبرية وسوق العامة مصيدة الرضوخ الطوعي.
ومن هنا يمكن القول إن لغة الخشب ، لا تحتوي على أي رصيد واقعي أو قيمة مضافة ، فهي تستخدم لتسويق الأخطاء وتبرير الخطايا…
وقد أدت هذه اللغة إلى انتشار النفاق والفساد وتوسع الإستبداد وٱستشراء البيروقراطية وخنق الديموقراطية وغياب العدل وٱنتشار الظلم وٱنعدام الأمن ونهب المال العام في واضحة النهار ، وتضييق الخناق على الحريات والتلاعب بمصير الأجيال بإصلاحات مزعومة والإستخفاف بالشعب من خلال تعديل بعض القوانين على المقاس ، وتحويل الوطنية إلى أهازيج عند السياسيين الديماغوجيين من محترفي لغة الخشب الشعبوية ، وتسليمها إلى سماسرة الوطنية ، للتغني بها لتمجيد الوطنية زائفة ، ونسيان قصة الحرية والديموقراطية والعدالة.
وأخيرا، لا أزعم أن هذا المقال تناول الموضوع من كل جوانبه ، لأن موضوعا بهذه السعة والعمق والتعقيد يحتاج إلى جهود كبيرة ومخلصة يبذلها المختصون المخلصون والواعون بعلوم السياسة والإجتماع والنفس والتاريخ…وغيرهم للوقوف على أبعاده المختلفة ، ولكن يمكن تشبيه هذا المقال بأنه مجرد حجر تم إلقاؤه في بحيرة كبيرة من المياه الراكدة ، عسى أن يفتح شهية المهتمين إلى ما هو أفضل مستقبلا.

قد يعجبك ايضا

اترك رد