ما هكذا تورد الإبل يا فاطمة !

0 280

شاءت الأقدار أن يتعاقب على وزارة السياحة، منذ آخر وزير مشهود له بكفاءته العالية ألا وهو السيد محمد الدويري الذي شغل منصب وزير السياحة بين 2002 و2007، وزراء لم يرقوا قط إلى تطلعات وانتظارات المهنيين و أخفقوا في تدبير شؤون قطاع حيوي ساهم حسب معطيات المكتب الوطني المغربي للسياحة لسنة 2019 بحوالي 7 في المائة في الناتج الدّاخلي الإجمالي و20 في المائة في صادرات السلع والخدمات، كما تقدر مساهمته في التّشغيل بِـ 550.000 منصب شغل مباشر، أيْ ما يمثل 5 في المائة من السّاكنة النّشيطة. وما وإعفاء لحسن حداد من منصبه كوزير للسياحة بأمر مولوي في سنة 2017 و فضح المجلس الأعلى للحسابات ل “رؤية 2020 ” للسياحة في سنة 2018 إلا خير دليل على ذلك الفشل الذريع الذي يعزى بالأساس إلى التوزيع العشوائي وغير العادل للحقائب الوزارية وعلى رأسها وزارة السياحة، وبالتالي إسناد هذه الأخيرة إلى أناس لا يتوفرون لا على الكفاءة المطلوبة ولا الدراية الكافية بخبايا هذا القطاع و يفتقرون كذلك إلى نظرة استباقية واقعية ورؤية استراتيجية مستقبلية كفيلة بوضع السياحة المغربية في خانة الدول السياحية الرائدة وذلك بالرغم من المؤهلات السياحية الهائلة التي يتوفر عليها المغرب.

نكبات وكبوات وزارة السياحة لم تقف عند ذلك الحد بل شيء لها أن تستمر مع تولي العنصر النسوي لحقيبتها. إمرأتان استبشر مهنيو القطاع خيرا في البداية باستوزارهما وعقدوا الآمال عليهما لإدارة معقلنةً وواقعية وشفافة لشؤونه. لكن سرعان ما تبخرت الآمال ليتضح جليا أن النهوض والإقلاع بالقطاع السياحي يستلزم إرادة سياسية كبيرة تضع على رأس أولوياتها التحديد الدقيق لتوصيف منصب وزير السياحة وإسناد هذه المهمة إلى الشخص الأكثر كفاءة وجدارة واستحقاقا. فبالأمس القريب، وفي خضم أزمة جائحة كوفيد-19 التي أتت على الرطب واليابس، أبت السيدة فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة الحالية التي لطالما تشدقت داخل قبة البرلمان بضرورة تشجيع ودعم السياحة الداخلية، إلا أن تطل على المغاربة بصورة تروج لجزر زنجبار التنزانية حيث قضت إجازتها الصيفية رفقة أسرتها في شهر غشت من السنة المنصرمة، مما جلب عليها وابلا من الانتقادات كان من المفروض أن تقدم على إثرها استقالتها. ذات الوزيرة تعاود الكرة لكن هذه المرة بفيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي تظهر فيه وهي ترد على تساؤلات متتبعيها بخصوص مهنة الإرشاد السياحي التي ينظمها قانون لتربطها -في محاولة فاشلة لتعريف هذه المهنة وشروط ولوجها- بالممارسة غير القانونية لها من لذن من وصفتهم بالمتوفرين على كفاءات ميدانية لكن لا يتوفرون على شرط التكوين الأكاديمي. أي بمعنى آخر، منتحلو مهنة المرشد السياحي أو ما يصطلح على تسميتهم ب “الفوكيد”. فعلى حد تعبير السيدة الوزيرة، الإرشاد السياحي هي “مهنة ينظمها القانون يمكن لمن يتوفرون على كفاءات ميدانية لكن لا يتوفرون على أي تكوين أن يزاولونها في إطار مهيكل”. وهو ما أثار موجة من السخط والاستياء داخل أوساط المرشدين السياحيين المعتمدين وأدانته بشدة نقابتهم الوطنية الحرة واصفة هذا التعريف ب “المتناقض، القدحي والمسيء إلى المرشدين السياحيين المعتمدين خصوصا منهم خريجو الجامعات والمعاهد العليا”، مستنكرة “هفوة السيدة الوزيرة” وداعية إياها “إلى الإطلاع على المواد 1 و 2 و 6 من القانون 12-05 المنظم لمهنة الإرشاد السياحي ثم حذف الفيديو الذي قامت بنشره أو تحيينه بتصحيح ما ورد فيه من معلومات تتعلق حصريا بمنتحلي مهنة الإرشاد السياحي”.

وأضافت النقابة الوطنية الحرة للمرشدين السياحيبن المعتمدين بالمغرب في بلاغ استنكاري أصدرته اليوم أن “القانون المذكور أعلاه قد وضع على رأس أهدافه وأولوياته “جعل مهنة الإرشاد السياحي أكثر مهنية بواسطة تقوية شروط الولوج للمهنة ووضع تكوين مطابق للمعايير العالمية للجودة” وهو ما يبرر بالتالي موقفنا الرافض للسياسة المتباينة التي تنهجها في الواقع الوزارة الوصية ومعها الحكومة إزاء مهنة الإرشاد السياحي والتي تروم على العكس تبخيسها وإغراقها بمن لا يتوفرون على شواهد ودبلومات تخول لهم إمكانية اجتياز الاختبارين الكتابي والشفوي ثم تلقي تكوين ميداني لممارسة تلك المهنة التي أصبحت تتطلب أكثر مما مضى إلماما كبيرا بميادين ومواضيع متعددة وفقا لمتطلبات السياح على اختلاف جنسياتهم وتباين اهتماماتهم”.

فما هكذا تورد الإبل يا فاطمة الزهراء !

أحمد الجابري
مراكش في 02 فبراير 2023

قد يعجبك ايضا

اترك رد