مشاركون في ندوة بالرشيدية يؤكدون أن انفتاح الرواية على الأجناس الأدبية الأخرى ساهم في إثراء وإغناء النص السردي

0 666

أكد باحثون شاركوا في جلسة علمية نظمت مساء أمس الجمعة ضمن فعاليات ملتقى الرشيدية الدولي للقصة والرواية الذي ينظمه مركز جسور الدولي للتنمية والدراسات والأبحاث، تحت شعار “تداخل الفنون والأجناس في الإبداع السردي الحديث”، أن انفتاح الرواية على الأجناس الأدبية الأخرى ساهم في إثراء وإغناء النص السردي.

وأوضح المتدخلون في هذه الجلسة، التي نظمت حول موضوع “تعالق الأجناس الأدبية في النص السردي”، أن انفتاح الرواية على أجناس أدبية أخرى كالشعر والمسرح والتشكيل والموسيقى، كان له دور حاسم في تحسين جمالية النص الأدبي والارتقاء بالعمل الإبداعي برمته.

وأكد الباحث التونسي زياد حجلاوي، في مداخلة بعنوان “جماليات التداخل بين الرواية والفنون الأخرى.. رواية (توجان) لآمنة الرميلي الوسلاني نموذجا”، أن الرواية العربية الحديثة شهدت تطورا في بنيتها الدلالية والفنية ومرجعياتها الأدبية وأصبحت تحتفي بجملة من الأجناس الأدبية، وتنهل من السينما والفنون التشكيلية والشعر الرسم والمسرح، مما حول الرواية إلى فسيفساء من الأجناس التعبيرية.

وأضاف أن انفتاح الرواية على مجال الشعر واستفادتها منه شكل مدخلا لإثراء المتن الروائي، مشيرا إلى أن الناظر في رواية (توجان) يقف على الحضور الوازن لأشكال تعبيرية وفنون أخرى في المتن الروائي، ويكتشف القدرة الكبيرة للراوي على صهر الأجناس الأدبية، عبر تطعيم النص بمقاطع شعرية عديدة واستعارة ألفاظ من حقل الشعر تحيل على الكثير من الوقائع والأحداث المسرودة.

وأبرز الأستاذ حجلاوي الحضور القوي للسجل الموسيقي والعديد من مقاطع الموسيقى الشعبية في نص الرواية يؤكد حرص الراوي على الاستفادة من الفنون الاخرى لتحقيق المتعة والجمالية للقارئ وجعله يتأثر بمسار ومجريات الأحداث.

من جهتها، توقفت الباحثة الجزائرية زياني لبية، في مداخلة بعنوان “التنوع الكلامي في رواية رائحة الحب لعائدة خلدون”، عند تجليات التنوع الكلامي في الرواية المذكورة، مبرزة أن الكاتبة وظفت السرد الذي هو العمود الفقري لبناء الرواية باعتباره آلية استراتيجية لبناء عالم يتجاوز العالم الواقعي.

وأوضحت أن رواية “رائحة الحب”، التي صدرت سنة 2016، تعالج مجموعات من التيمات كتمرد المرأة على العادات والتقاليد والجسد، حفلت بالتنوع الكلامي حيث سعت عائدة خلدون لخلق فضاءات الرسم عن طريق رسم لوحات فنية من خلال اللغة ، بصور فنية يتداخل فيها الوصف بين الواقع والمتخيل.

وتابعت المتحدثة أن الرواية تضمنت شعرية في الخطاب ، حيث حاولت الكاتبة كسر رتابة السرد بتوظيف بعض المقاطع الشعرية العامية التي تتلاءم مع شخصيات الرواية والتيمات الأساسية للموضوع وكذا البنية الزمانية والمكانية للرواية، وتوظيف مشاهد درامية في قالب فني لوصف ونقل مجريات الأحداث وتقريب القارئ منها .

بدورها، أبرزت مليكة حيمر، الأستاذة بجامعة منتوري بقسنطينة (الجزائر) ، في مداخلة بعنوان “أشكال التعالق النصي وجماليات التداخل الأجناسي في الرواية الجزائرية المعاصرة.. رواية سرادق الحلم والفجيعة لعز الدين جلاوجي نموذجا”، أن جنس الرواية يفتح ذراعه لكل الأجناس الأدبية الأخرى، شريطة الاحتفاظ بجوهرها الأساسي، مضيفة أن رواية جلاوجي تعالج الكون بمنظور رمزي انطلاقا من استعارة شخصيات خرافية من عالم الحيوانات التي مثلت أيقونة الفجيعة، وما يندرج تحتها من الموت والقبح والظلام.

وأضافت أن جلاوجي بنى هذه الرواية على التداخل الأجناسي ليرتقي بلغة الكتابة إلى مستوى جمالي يذيب الحدود بين هذه الأجناس، من خلال توظيف التراث والذاكرة الثقافية والانفتاح على بعض الأجناس التعبيرية كالشعر والخطابة، مضيفة أن هذا التعالق يتجسد في توظيف بعض العبارات لدغدغة حواس القارئ، وبعض القصص القرآنية في حكيه، للتعبير عن مجريات وسير الأحداث.

وقالت إن رواية “سرادق الحلم والفجيعة” تتداخل مع أجناس أدبية كالشعر، على اعتبار أنها تضمنت مقطوعات من الشعر الحر لوصف الأحداث وإجراء الحوار بين الشخصيات، وطرح بعض التساؤلات.

وفي مداخلة بعنوان “آليات ودلالات تعالق الاجناس الأدبية في الرواية الجزائية..رواية الأسود يليق بك لأحلام مستغانمي نموذجا”، اعتبرت الباحثة الجزائرية لبنان بوخناف أن الرواية تعد الجنس الأدبي الأكثر قدرة على استيعاب مختلف الأجناس الكتابية، على اعتبار أنه تتقاطع فيها الموسيقى والأدب، معتبرة أن أحلام مستغانمي وظفت في روايتها العديد من المقاطع الشعرية والأغاني الشعبية من التراث الجزائري .

وأشارت إلى أن الحضور الكبير للمسرح في الرواية ساهم في إثراء النص السردي ، مبرزة أن الكاتبة استطاعت خلق نوع من الجمالية والشعرية في نصها، وإثراء المتن السردي وتوظيف أسلوب فني متنوع يعكس مجريات الواقع في قالب روائي متميز.

من جانبه ، توقف الأكاديمي والناقد الأدبي المصري، محمد محمود حسين، في مداخلة بعنوان “النص الرقمي وحوارية النظم الإلكتروني”، عند النص الرقمي الذي أصبح له حضور وازن في السنين الأخيرة وساهمت في بروزه عدة عوامل أهمها تغير وتطور الواقع المعاصر في مرحلة ما بعد ظهور الأنترنيت وضرورة مواكبة المستجدات التكنولوجية.

وأكد أن حضور هذا النص، الذي يزاوج بين الكلمة السردية والمؤثرات الصوتية والبصرية، أمر ضروري لتطوير الإبداع الأدبي وتقديم بصمة جديدة في عالم الثقافة، مشددا على ضرورة الحفاظ على الخصوصيات التراثية وعدم تجاهلها.

وتتواصل فعاليات الملتقى اليوم السبت بتنظيم جلسات علمية تناقش مواضيع “الرواية أو القصة والسينما ..البناء والوظيفة”، و”الرواية او القصة واللوحة التشكيلية ..السرد بالريشة”، و”الشعر والسرد بين التمايز والتكامل”.

قد يعجبك ايضا

اترك رد