مقهى” نجمة المحيط ” بالجديدة و”جردة لابلاج” ذكرى من ذكريات شاطئ مراكش الجميل.

0 509


بقلم “أبو أمين”

الجديدة مازاكان :اسمحوا لي المغرب فيه الجميل.

شواطئ الجديدة

  • مقهى فويخرة أمام بلاص مولاي الحسن -فندق سويس وسط المدينة
  • القلعة البرتغالية
  • منارة سيدي بوافي -مارشيه (النصارى) سنترال الجديدة
  • بلاص مولاي الحسن
  • منتزه الحسن الثاني

-مقهى نجمة المحيط

-المحطة الطرقية

مازاكان الإسم الذي أطلقه اابرتغاليون في القرن السادس عشر الميلادي على مدينة الجديدة عاصمة دكالة ،والذين احتلوها لمدة 267 سنة تقريبا ، وتم تحريرها على يد السلطان محمد بن عبد الله العلوي بعد ذلك قام بإعادة تسميتها من جديد بمدينة الجديدة بعد تحريرها من يد البرتغال.
وقد أدرجتها منظمة اليونيسكو ضمن التراث الإنساني العالمي.
ما أثار انتباهي أثناء مقامي في هذه المدينة العجيبة خلال هذه الأيام هي استمرار جذبها وسحرها لفئات عريضة من أبناء الشعب البسطاء خصوصا من مدينة مراكش والدار البيضاء واعتبارها وجهة سياحية لهم.

مقهى” نجمة المحيط ” بالجديدة و”جردة لابلاج” ذكرى من ذكريات شاطئ مراكش الجميل:

لا أعلم متى وكيف ولماذا أزيلت من مكانها معلمة مقهى نجمة المحيط بالجديدة ليبقى مكانها الخواء والفراغ .
لا أبالغ حين أتحدث عن شواطئ الجديدة الجميلة ،وعن مقهى فويخرة أمام بلاص مولاي الحسن ،وعن مارشي سونترال، وعن منارة بوافي وأوطيل مرحبا الذي ظل شامخا في مكانه وسط شاطئ دوفيل الجديدة وغيرها من الأماكن التي أثثت ذاكرة المراكشيين والجديديين على حد سواء بذكريات الطفولة والشباب الجميلة،قلت لن أبالغ إذا قلت إن مقهى نجمة المحيط التي انمحت من على وجه الأرض، كانت أيقونة منقوشة في ذاكرة المراكشيين والجديديين على حد سواء ،وأنها كانت جزئا من الذاكرة الفنية والتاريخية الثقافية لمدينة الجديدة .
كانت هذه المقهى المعلمة ترسل من أعلى سطح حديقة محمد الخامس -المعروفة عند المراكشيين ب”جردة لا بلاج” ،بواسطة مكبر الصوت ،إلى كل شاطئ دوفيل الجديدة ألحان وأنغام أم كلثوم الأطلال ورباعيات الخيام -والتي ونحن صغارا كنا نحفظها عن ظهر قلب نتيجة الإصغاء الدائم إلى أسطوانات نجمة المحيط ،و من خلال هذه المقهى، لم نكن ندرك معانيها إلى أن كبرنا وفككنا معانيها وعرفنا أن رباعيات الخيام تدعو الإنسان للسعادة والتعفف وعدم التكبر و”أن يمشي الهوينى لأن ثرى الأرض ما هو إلا أديم أجساد الساحرات” – وفريد الأطرش عش أنت ومحمد عبد الوهاب النهر الخالد و “قال لي كم كلمه يشبهوا النسمه في ليالي الصيف”ومحمد الحياني في راحلة وعلى أنغام هذه الموسيقى الرائعة وأنت تسبح في شاطئ الجديدة ذو الرمال الذهبية والمياه الزرقاء النظيفة يخيل إليك أنك في كرنفال حقيقي للعطلة الصيفية. يبدأ حين يقرر الوالد و الوالدة الموقرين السفر إلى شاطئ مراكش الجديدة الذي يشكل القبلة المفضلة للمراكشيين ، من أجل الاستجمام والهروب من قساوة الطقس و من أجل قضاء لحظات ممتعة بهذه المدينة الجميلة مرورا بتهييء العدة والعتاد لهذه الرحلة المتميزة هروبا من جو مراكش الحار وقيظه المستمر في أيام الصيف الحارة ،العدة التي لا تستثني حتى القصرية المخصصة للكسكس والعجين ولوصلة المخصصة لخبز الفران.

كانت هذه المعلمة التي محيت ،مع الأسف من على وجه الأرض، مجالا للأغنية الشعبية مع أجواق تأتي إلى الجديدة للإصطياف وللإسترزاق في الوقت نفسه ،والأغاني الغربية مع فيكون بل حتى في إطار سهرات لبعض الكوميديين كابن إبراهيم رحمه الله ومصطفى الزعري والدسوكين الذين قال لهم الملك الحسن الثاني رحمه لله ” الله يرضي عليكم فوجتو على المغاربة”.
كانت مقهى نجمة المحيط بالجديدة مقترنة كذلك بمحطة أكل الإسفنج الرومي بسانيدة (البينيي) الذي لم يعد له لذة وطعم ذلك الزمان. كان يهيؤه بمحاذاة نجمة المحيط متفنن في صنع هذا الإسفنج الذي لا يمكن أن تأكله إلا في العطلة الصيفية وفي مدينةالجديدة بالضبط وبمحاذاة نجمة المحيط كذلك.
كانت مقهى نجمة المحيط بالجديدة نجمة و لؤلؤة بالفعل على طول شاطئ الجديدة ولا أدري لماذا لم تستطع مقهى الشمس المتواجدة آنذاك تحتها على أرضية الشاطئ منافستها ومضاهاتها رغم أن هذه الأخيرة كانت أحسن تجهيزا ومنظرابمحاذاة أكشاك لبيع المواد الغذائية وملعبا لكرة الطائرة.وكانت نجمة المحيط خلال هذه الأيام من أيام العطلة الصيفية تنظم كذلك مهرجانات غنائية وفنية لمجموعات غنائية محلية ووافدة تحيي بها سهرات ليلية بحراسة من رجال الأمن والقوات المساعدة، مما يزيد مدينة الجديدة زهوا وبهجة ونشاطا.
هكذا كانت مقهى نجمة المحيط بالجديدة ومقهى فويخرة أمام بلاص مولاي الحسن ملاذا لراحة النفس والإستجمام والراحة على خلاف كثير من المقاهي التي أضحت الآن أماكن للمجون وتدخين “اجوانات” و الشيشة والتصادم بين أنصار نوادي الكرة وتضييع الوقت في الغيبة والنميمة و الكلام الفارغ الذي لا فائدة ولا معنى له..

لا يمكن الحديث عن مقهى نجمة المحيط بالجديدة دون اقترانها بحديقة محمد الخامس
أو حديقة الملوك الثلاثة أو جردة لابلاج كما يسميها المراكشيون.وشكلت متنفسا لسكان الجديدة والمراكشيين الذين كانوا يخيمون بكثرة في الجديدة ، هذه الحديقة الجميلة كانت تسمى أيام الإحتلال الفرنسي بحديقة الماريشال ليوطي قبل تغيير اسمها تيمنا بالمشمول برحمته الملك الراحل محمد الخامس وكانت مزدانة بزهور ونباتات وأشجار نادرة وأزهار تبهر الناظرين بجمال ألوانها يتوسطها نصب تذكاري بالرخام تتوسطه صورة الراحل محمد الخامس بالنحاس.وسميت ب ” حديقة الملوك الثلاثة ”
لأنها تحمل اسم محمد الخامس ونصبه التذكاري وبها ترأس المرحوم الحسن الثاني أجمل أحتفالات عيد الشباب سنة 1994 ، تخللها حفل تاريخي متميز ، قدمه أطفال صغار ورسموا فيه لوحة رائعة سموها لوحة ” الطالب”.
وزارها الملك محمد السادس مرارا في السبعينات عندما كان وليا للعهد .
وكانت الحديقة تضم صهريجين تسبح فيهما أسماك ملونة مميزة.
الكثيرون من سكان الجديدة والمراكشيون على السواء يتحسرون بألم بما ألم وأصاب هذه الحديقة من إهمال وسوء تدبير. ، التي كانوا يلوذون فيها بالحديقة للاستراحة على كراسيها المبنية بلاموزيك .
قبالة الشارع الرئيسي المقابل للحديقة يوجد ممر أو زقاق عبدالقادر بن دريكة اسم أحد المقاومين الجديديين الأشاوس الذي قتل برصاص المحتل الفرنسي. هناك كنا نكتري منزلا أثريا لصاحبه مولاي أحمد الشرقاوي رحمه الله،وكان تحفة فنية رائعة بجميع المقاييس وكنا نقيم هنالك مع ثلة من هواة ورواد ومحبي فن الملحون من بينهم السي أحمد أمنزو وأخيه أحمد رحمهما الله وصديقهما مولاي عبد الله وأبناء خالتي مصطفى رحمه الله وأخوته السي محمد وعبد الجبار وعبد الإلاه وزوج خالتي السي محمد رحمه الله ،أمسيات فنية خالدة في الذاكرة من فن الملحون لا تنسى ولن تنسى.
إن مقهى نجمة المحيط بالجديدة وحديقة محمد الخامس جردة لابلاج لم يكونا مجرد مكانين من الأمكنة العادية بل يمكن اعتبارهما تاريخين قائمين بذاتهما و معلمتين من معالم ذكريات الجديدة الجميلة .

رحم الله الجميع
وتلك الأيام نداولها بين الناس
يتبع…..

قد يعجبك ايضا

اترك رد