من القوافل التجارية إلى القوافل الطبية : مسار إقليم من مجد سجلماسة إلى انحطاط الرشيدية ..

0 548

بيان مراكش /مولاي المصطفى لحضى

عُرفت سِجِلْماسَةُ بأنها مدينة تاريخية كانت تقع وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير في تافيلالت الحالية، واليوم تعتبر المدينة موقعا أثريا يضم الآثار و الخراب و الأطلال ، و تقع ضمن حدود المملكة المغربية الحالية.

كانت سجلماسة مركزا تجاريا عالميا يربط بين أفريقيا و الشرق و اروبا ، و ما تزال أمجادها على طرف لسان اهل الرشيدية ، يتحسرون على ماضيها المشرق ، و هم يعيشون أحلك الأيام في إقليم يعاني ركودا تنمويا في مختلف القطاعات ، و خصاصا كبيرا في التطبيب و العلاج ، مما يضطر الساكنة و ذوي المرضى رغم علة فقرهم إلى تدبر أمورهم للعلاج في مستشفيات مكناس و فاس و الرباط و مراكش… و هو ما يكلف أموالا طائلة تدفع بأهل المريض إلى الاقتراض أو التصرف في فدان أو عقار أو ماشية قصد إنقاذ حياة احد افراد الأسرة.

و إلى جانب المواطنين و الحقوقيين ، فالأطباء أيضا يشتكون و يتأسفون على عدم إيلاء الوزارة الوصية اي اهتمام لقطاع الصحة باقليم الرشيدية ، و نهج سياسة اللامبالاة بخصوص الإهمال السائد بالمستشفيات العمومية ، و هرولة الاطباء الاخصائيين نحو المصحات الخاصة و العيادات من أجل الاغتناء غير المشروع على حساب ساكنة تعاني الهشاشة و الفقر.

برلمانيو الإقليم بدورهم استفسروا وزير الصحة و الحماية الاجتماعية عن تردي أحوال مستشفيات الإقليم ، و الخصاص الشديد في الأطباء و الممرضين و العتاد الطبي، و ما تزال الأمور تراوح مكانها دون أي حل في الافق ، و هو ما حرك منظمات حقوقية للتعبير عن قلقها من الوضع المخزي ، الذي وصلت إليه شؤون تدبير قطاع الصحة بالاقليم و جهة درعا تافيلالت عموما ، و قد عبر صباح هذا اليوم السيد عبد الحفيظ خرو رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن شديد امتعاظه من خواء مستشفى عشرين غشت من اي طبيب في المستعجلات ، و وجه رسالة طالب من خلالها جميع متتبعيه إلى مشاركتها و تقاسمها في وسائل التواصل الاجتماعي، يدعو فيها المسؤولين عن قطاع الصحة محليا و اقليميا و جهويا و وطنيا إلى تحمل كامل المسؤولية في تردي أوضاع الصحة بكلميمة و الرشيدية ، و دعا المسؤولين إلى العمل انسجاما و التوجيهات الملكية السامية ، أو ترك الفرصة للكفاءات للعمل لإبراز الجودة و الحكامة .

من جانبه أجرى نائب رئيس جمعية افريكا لحقوق الإنسان السيد محمد أمامي بن لحسن مقارنة بين ماضي الرشيدية المعروفة تاريخيا بسجلماسة، و حاضرها الموبوء على حد تعبيره ، فخلُص إلى أن سجلماسة كانت ملتقى طرق القوافل التجارية العابرة من الصحراء الكبرى نحو كل ربوع المغرب الأقصى و المناطق المجاورة في القرن الثامن الميلادي ، و كانت سجلماسة قطبا اقتصاديا كبيرا في الماضي ، اما اليوم فإن حال الإقليم يُندى له الجبين على كل المستويات، بعد عقد من البلوكاج إبان تسيير رئيس الجهة الحبيب الشوباني، ؛ و بعد ولايته لم يتضح اي أفق لأي تنمية و بقيت الأوضاع في درعا تافيلالت و مدنها و قراها في حال من الهشاشة و الفقر و النسيان ، و هو ما انعكس على الوضع الصحي المتفاقم. و أضاف نائب الرئيس أن حب الوطن يبدأ من الدفاع على مؤسسات الدولة و تحفيز خدماتها لاداء مهامها على أحسن وجه ، و المستشفيات واحدة من هذه المؤسسات من الواجب أن تقوم بدورها لعلاج المرضى و استشفائهم دون اللجوء إلى مدن بعيدة من أجل الحق الطبيعي و الدستوري في التداوي من الأمراض ، و دون انتظار قوافل طبية لمدد لا تتجاوز ثلاث ايام لعلاج مئات الأشخاص في صفوف مزدحمة، و كأننا في ظروف حرب، و دون إجراء تحاليل و دون التقيد بمعايير العلاج الدقيقة.

و عزا الرئيس الجهوي للهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام تجاهل مطالب ساكنة درعا تافيلالت في الحق في العلاج كون ساكنة الجهة يتسمون بالأخلاق العالية و الطيبة و هو ما يفهمه المسؤولون ضعفا و هوانا من الساكنة ، و دعى إلى نزع عبارة ” اهل درعا تافيلالت الله يعمرها دار ” ما دامت هذه العبارة سببا و حاجزا على تحقيق مطالب مشروعة و بسيطة كتزويد المستشفيات بالاطباء الأخصائيين و الممرضين و العتاد ، رحمة و رأفة بساكنة تؤمن بحب الوطن و تتشبث بأهداب العرش العلوي المجيد و بالشعار الخالد الله الوطن الملك .

قد يعجبك ايضا

اترك رد