المسؤولية و من المسؤول؟

0 386

بيان مراكش/هشام الدكاني

تُرسم السياسات الوطنية للأجهزة الحكومية وفق غايات سامية لتحقق استمرارية دفع عجلة التنمية للأمام ومواكبة التقدم العالمي في كافة المجالات ، وتبنى الهياكل الإدارية والفنية داخل تلك المؤسسات الحكومية وتعد وثائق وسياسات ، الغاية منها فهم الفرد لدوره داخل هذه المنظمة ومهامه وواجباته الوطنية لتحقيق الغايات السامية ، وتبدأ عجلة العمل بالدوران في تناغم للحصول على منتجات أو خدمات لتخدم الصالح العام والسياسة الوطنية المرسومة.
لكن ، يحدث الخلل في عمل تلك العجلة ويتعطل دورانها لعدة أسباب أهمها: عدم الفهم الحقيقي للفرد لدوره في التنظيم وتغليب الصالح الخاص في مقابل الصالح العام ، فعلى سبيل المثال يصعد الفرد السلم في الهيكل الحكومي حتى يصل لمنصب مسؤول لديه بعض الصلاحيات والإمتيازات ، وفي هذه المرحلة تتغير حياة ذلك الفرد على المستوى المهني وعلى المستوى الإجتماعي…ويبدأ تسليط الأضواء عليه ، ويكثر عدد فريق العمل الذي يعمل تحت إدارته ويكون الجو العام فاخرا جداً ، فيبدأ لدى (بعض) المسؤولين أعراض بروز الشخصية النرجسية ويبدأ توجيه الهم والإهتمام على ذاته والحفاظ على الكرسي وليس التركيز على المهام والأهداف ، بالرغم بأن وصوله لهذا المنصب ما هو إلا تكليف وليس تشريفاً!!!
ومن أهم المظاهر السلبية التي تسببها تلك الشخصية النرجسية:

  • تعطيل المصالح العامة في مقابل المصالح الشخصية وكذلك وأد بعض المشاريع لعدم توافر قصة نجاح شخصية للمسؤول…
    ومن المظاهر أيضاً توالي تقديمه لإنجازات سريعة هدفها الزخم الإعلامي والفلاشات ، وليس لها من العمل المؤسسي المستدام حظٌ ونصيب ، ومما لا شك فيه غياب شبه كامل لأوجه التكامل الفعّال سواء داخل نفس المؤسسة الحكومية وإدارتها أو مع جهات أخرى حكومية أو خاصة مما يجعل عجلة العمل في تلك الوزارة بطيئا جداً للازدواجيات وكثرة المشاريع المتشابهة والمكررة والذي يعني هدر الكثير من الجهد والوقت والمال…وذلك عائد لطغيان الشخصية النرجسية لبعض المسؤولين وتقديمهم الأولوية الفردية على الأولوية الوطنية.
    لو قيّمنا عمل معظم الوزارات وعملنا دراسة مسحية وطنية للكشف عن أسباب بطء وتعطل وتعثر المعاملات والمشاريع لوجدنا تلك الظاهرة موجودة في أروقة هذه الوزارات بسبب ” البعض” من المسؤولين الذين يعطلون “بعض” الأعمال الوطنية لقناعتهم انها لاتجلب معها مجدا شخصيا لهم…
    الكثير من الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة التي تعمل مع هذه الوزارات يشتكون من تلك الظاهرة ، فعندما تكون جهة قطاعا خاصا أو خيرية وتريد أن تقدم خدمات متميزة مجانية أو متعاقد عليها لجمهور المستفيدين من تلك الوزارة من باب الشراكة أو من باب المسؤولية الإجتماعية تصطدم بعقبة ذلك المسؤول المعطّل للمشاريع والمبادرات والشراكات المجتمعية فهو يرى من برجه العاجي أن تلك المبادرات تشكل خطراً حقيقياً على كرسيه!!!
    فنجاحها وتميزها وشعبيتها لدى جمهور المستفيدين يعني إقرارا بفشل وتقادم العمل الذي تقدمه إدارته ، فيبدأ بحملة التعطيل والتضليل والنقد لتلك المبادرات وعدم جدارتها وعدم فهمها للواقع الميداني ويؤخر في تلك المبادرات والمشاريع ويُكثر بل يبالغ من وقت دراستها وفحصها حتى يعود أصحابها أدراجهم ويتراجعوا عن تقديم تلك الخدمة المجانية أو يتأخروا في المهام المتعاقد عليها حتى ينتهي وقتها وتلغى ، وذلك لصعوبة إرضاء مسؤول يقدم أولويته الفردية على الأولوية الوطنية!!!؟؟؟ وبالتالي يخسر الوطن خسارتين ، فلم نستطع تهيئة مناخ صحي “لبعض” المبادرات والشراكات المجتمعية مع القطاع الحكومي ولم نستطع توصيل تلك الخدمات المميزة لجمهور المستفيذين.
قد يعجبك ايضا

اترك رد