من شعر عبد العاطي جميل.

0 868

كــــلام يمــــام
…………………
إلى امرأة أدركت سرها بعد فوات الأوان
إلى حبيبتي ، أمي …

                                                                    (ت)

كانت تقول كلاما يشبه الحلم
مهما تقادم
يزداد رونقا
يتفتق حينما تعانقه الأيام
لم تكن الآذان في مستوى البحر
كي ترتشف الشفاه ملوحتها
وملاحتها
فقدت غنجها المدينة
فأسلمت سيقانها
للرحيل ..

المدينة التي ما نامت
إلا على صوت سياط
تدمن الصمت
لا وقت للفرح
فالشوارع تكبل طفولتها
صور لا ملامح لها
تحتل الشاشات .
لغات صفراء
شخوص بقايا
من صندوق النقد
وأثرياء حرب ضد الماء ..
(ل)
كانت تقول كلاما
يشبه الحلم في الساسة
لكنها، تهاب فورة الشعر
فتنصح الشحارير بالصحو
بعيدا عن بوح الريح
كانت تخاف نشوة السفر
في الأغاني الشعبية
فتخفي ملامحها
كي لا تحلم
بعيدا عن بيت الله
تلك أسطورتها
التي لا تبلى ..

(ك)
كانت تقول كلاما
كأنها الزرقاء
لن يصدقها بيضها
إلا بعد وفاة الأماني
تعلق لغتها
في صرة الصمت
تضع الصرة في علبة
تضع العلبة في صندوق
والصناديق في حفرة
لا تنتهي
بعيدا عن عيون الشامتين ..

( أ )
كانت تقول
لكن عقارب الوقت خانت
حلمها
وكانت تهذي بالأمازيغية
وهي تودع ناسها
فكيف يفسر الفقيه شدوها
وهي تهدي جسدها
لقبر البهاء ؟؟ ..

م ))
كانت تقول وتقول
كلاما مرا
يباغث الليالي
لم تفقد طراوتها الأغاني
في حلقها المحموم
وأنا المشدود إلى كلامها
هل ألم شعرها الموءود
ترفضه وكالات الشعر
واتحادات الصيارفة ؟؟ ..
ي ))
كانت تقول كلاما
يماما
له عيون.. له يدان
ينضح بالسؤال
يجتاح كل الجسور
بجسارة الطفولة
بدهاء حواء …

مرتجلــــة عنيـــــد

أنى تبعثرت خطاك
اعبثي بخلاياي المختلة
فأنا قهوتك الأشهى
وأنت سكر سكري .
كيف أرى سواك
وسواكي على شفتيك
لا يمحي ؟؟
مسودتي تكتحل
من عينيك الزائغتين
لماذا يكثر انشطاري،
كلما همست كالريح ،
تحملين أمطاري ؟؟ ..
أيتها الأنثى الأنيقة
كسري سري
على سندان البعاد
واكتبي وصيتك المسيلة للدموع،
على ما بقي من ضلوع،
أتكئ عليها في هروبي
إلى شط القص،
أو بر القصيد ..

لماذا أراني
معتقا ككأس بابلية
رماها القصف
عن موعد اللقاء
هدديني بهداياك
إني أراني
أرتل ببالك آيات
نقشتها بلقيس
في كناشة الرفض
حرة ترتجل صوتي
في قصائد الغجر
وحورية تشرق من محاري ..

أحبك بلقيس
حين تغارين..وتغيرين
أنت قمحي ، يمحى سغبي
أنت سكني ، يذكي شغبي
وأنت محرابي .. لا يحابي
..فالعام جديد وأنا أستعيد
ما بقي من عسل
ما بقي من طلل
في مفكرتي الوحيدة،
أيتها القصيدة
التي تقولني عطشا
فالوطن أضحى مصيدة
والعيد أضحى مكيدة
وخسائر يتكبدها البسطاء ..

خطأ أنا
من أخطاء حسنى
أرتل خوفي على جدار خوفو
أرى صدى يلعن أملي
ويعلن ألمي
على شاهدة قلبي ..

أحبك بلقيس
كما قيس
بل أقسى
من كل العشاق
فأنا مازلت أحيا
في عيون الوشاة
يتعقبون دراجتي
العادية ..العاتية
ومازلت أحيا
في سجون البغاة
في شجون الوطن
أدونيس يزورني
يحيا من زادي
..ومن رمادي
وسيزيف يزورني
يطوقه النزيف
من زيف الصعود
ويزورني المسيح
هذا العام الجديد
بدمع يسيح
على صمت الشهود
ترونه وليدا،
مخضبا بالرجاء
وأراه طريدا
مخضبا بالشنق
والدماء ..

بــــرزخ بـــــوح

” كل مكان لا يؤنث لا يعول عليه ..”
ابن عربي

لعينيك لغة
و سيف
فالحلاج
خانته اللغة
والحجاج
خانه السيف
وأنا بين اللغة
والسيف
معتكف
كأن عيني بها انخطاف
أو بها خرف ..

مســــودة وضـــوح

عيناك
أعياهما التردد
علي .
و أنا الوحيد الذي
تحسنان الخطو
إليه .
و أنا الوحيد من
يعطيك وحدك
حق اللجوء
إليه .
فلا تترددي
هي ذي يدي
مشرعة للغد …

1 ــ شعريـــار

لم تستثيرين شغبي
حين يجن الأصيل،
وأنا طفل خجول ؟
حين تغدو الشحارير
أغفو
أمهلي صبابتي
قليلا
كي ينضج سكر
في خطواتي
ويطير خجل
بين يديك
ويزهو الهديل ..

لماذا شمسي تكتحل
كلما رمقت عينيك المارقتين
تبدو أحلى
في حضرتك
ثم ترتحل ..

أهملي خطاياي
فأنا خطأ مرصع
بالألوان .
تؤنسني شطحات حبرك
و غواية السؤال ؟؟ ..

لماذا ..لماذا
ترينني جسدا ممددا،
و لا ترينني مدادا
مهددا
يؤرخ عوج الأرض ،
و وجع الماء ؟؟ …

2 ــ أنـــة شعريـــار

توسدي غيابي
كلما شدك الشوق
إلي .
وتأكدي أنك ماء
يغوي .
و أنا دلوك
أينما تحط خطاي
تباركك أرض سواي
و بوحي من أرضعك الحبو
على ضفاف رباي ..

أنصتي
إلى صداي
وتأكدي
أن نايك يظل مبحوحا
في غيابي .
يظل قصبا
يظل حطبا
.. في رؤاي

فأنا شبيهك
بشهادة
أعطر حتفي
و أطرز كنانيش هبوب
أنى أنت أناك
بعيدا
عن أناي …

مســـودة غيــــرة

: قالت
لم وقفت صوب المرآة
طويلا ؟؟..طويلا
قلت :
لي موعد مع البحر
سأحكي له
تفاصيل غياب
تخاريف خلان
و أرجوه بديلا ..
قالت :
هل للبحر قد ؟
هل للبحر خد ؟
هل للبحر عيون ؟
قلت :
لا..لا
لكن ،
للبحر قلب رحيم
يغمرني تبجيلا
و أنت حجر يغار
حين يعلوه بحر
يخشى الرحيل .
فأنا لست خجولا
حين أقول :
البحر سمائي
يعلمني الهديل …

تقــــرأ لوحــــي

…في عيد ميلادنا الشعري هذه الخفقة الحالمة…إلى الشاعرة حنان مضاري

من خبايا الوجد تخرج
وترسخني
في خفايا وهج
تقولني مجازا
وتشهر شهقاتي احتسابا
فأرى لغتي
في رياضها فراشات طلقى

وكأني في طفولتها
دالية سأبقى
على أصابعها شلالا
أتدلى
تؤرخني بعد رحيل
وتصدح بخمور كدحي

و كأننا على موعد حارق
لوعد البوح
تؤجل أنوثتها في مفترقي
تتسلم مفاتحي
تتقلد ملامحي
وتسلمني قربانا
و إيقاعا للبهاء ..

فما أشهى دلوي
حين يروي ماءه صحو
في مسالك النقاء ..

وما أبهى نور نيراني
حين أراني بين سطورها
تلملم وصاياي
تنمنم حكاياتي
في ذم الرياء ..

وما أبهى حلمي
حين تحن ،
فتطرز أنيني بحنين
في عرس البسطاء …

مســـودة أنثـــى

الأنثى التي
ترمقني من بعيد ،
مخيلتي تنزل
من انتظاري
تغزل عش قصيد ..

الأنثى التي
تلاحقني
تسبقني
إلى سرير أسراري
تخلع مجازي
تنزع انشطاري
فأراني عاريا
إلا من إصراري
على كتمان جرح سام
و انتعال بوح دام ..

الأنثى التي
أثثت مشهدي
تهربني
و تشربني
كؤوس سهو
تؤجل سكري ..

الأنثى التي
خبأتها
في حصالتي
بحصانتي ،
انتشلت مسامير أسئلتي
ورمتني بغيم غيب
وغيث الغياب ..

الأنثى التي
انفلتت من صلبي ،
أفتت بصلبي .
فأوقعت بي
في إيقاع بحر
في باحة بوح
لا ينتهي …

مقــــام دلــــو

سأتدلى
كي أروي عطش عينيك
فبرجي مقام الدلو
أفيقي
على إيقاع أرقي
سأسود مقلتيك
بمسوداتي الحزينة
فأقصى الحب
لحظات الشجن
دليني عليك
فكأسك
أترقبه …

مســــودة سهــــم

حين يجن الليل
أجن ،
فأطوي مسافات قزحية ،
أنسى
أن لي خريفا يترقبني
فأراك سمكة منقوشة
في لوحة الوزاني
وأنا طفل يخرج
من لوحة ميرو
سهم ذكريات
رماني
فما أجمل الألوان
في جلستنا
و لو على شفة الفراق ..
حين يجن الليل ،
يسبقني جنوني
فيرحل إليك صمتي
فهل تسمعين عيوني ؟؟ …
…………
الوزاني ” ــ الفنان التشكيلي المغربي عبد الكريم الوزاني
ــ ميرو الفنان التشكيلي الإسباني خوان ميرو ـ
……………

أرض أرق

تؤرقني الأرض
حين تخفي ملامي
وترتدي ألمي
كي تبدو ناهدا
لوجه الظلام ..

لم الأرض تعد خطواتي
كلما صحت كلماتي
وودعت قواميس الرثاء
كي تلبس زي الماء ؟؟ ..

كيف أصالح الأرض
وقد خاصمت حلمي ؟
فهل الأرض تخافني
أم علي تخاف
حين يصحو كلامي
و يوقع بصمته
في كناشة الرفض
والألم ؟؟ ..

لست ضد البهاء
حين يمطر الأرض الكليمة
فتزهو الأقبية
و تخلو العنابر
لست ضد البهاء
لكني ضد الهباء
حين يستوطن كأس النعناع
وحين ينخر قدر الرعاع
!! فأنا واحد من هؤلاء
ليس لي في الأرض أغنية
أتوسدها كي أقول خوفي
و أخيط من دمي خطوي
و أبوح
بخروجي
من بروجي ..

وحده حلمي إذن
من يحملني على المسير
في أقصى اليسار
و لو على مسودتي أحبو
أو على جثتي أجثو
فلن أصالح الخوف
و لو بدل تعاويذه
فأنا أعلم أنه يسكن أوراقي
و حلمات الأمهات ..

فهل أحتاج ذاكرتين
كي أصالح خوفي
” ذاكرة للمحو
..وذاكرة للصحو
أم ذاكرة للتواب
وأخرى للعقاب ..

ما أعنفني
حين تجوع ذاكرتي
فأنزوي لأهزأ مني
و أخفي جوعي
عن عيني
و لساني
كي لا يغضبا
في وجه الظلام ..

ما أعنفني حين أجوع
وأخفي جوعي
عن يدي
ولساني
كي لا يتعبا
في رشق الكلام ..

وما أعنفني
حين أخفي مسار الشهداء
و تاريخ من ألبسوا طاقيات الإخفاء
لست أرثي دماءهم
فهي تحيى في يقيني
وتروي الظمأ
للبوح و الفضح
فهل أرضي جديرة
بالصفح
يا صاح ؟؟ …

شطـــح أشيـــاء

تخاطبني
” ارحل إلى بهو سماء ”
وأنى لي
أن ألبي دعوة الأشياء
و أنا إليها
تشدني أرض
بما لا أشاء .
وتمدني بما أستاء ؟؟ ..

تخاطبني
وتهدهد صبري
منذورا لرحيل
و قد شبعت
مني المراثي
وآنسني حزن معطاء ..

تخاطبني
و جثة تحملني إلي
خبرا تنقلني صحائف الرياء …

تخاطبني
لا شيء يرفعني
غير غواية
و عناد الإباء ..

فكيف ألبي شهوة النداء
و هي تخاطبني
و تخاصمني الأشياء ؟
و ليس لي وجهان
ليس لي يدان
تمتدان
للأعداء ..

تخاطبني الأشياء
و صوتي مبحوح
حين أتفرج
على خرائط الأخطاء .
و لا أنفرج
و حين يحاصرني شطح النقاء
أفجر بئر الأسماء ..

تلــــك أمنيتــــي

إلى البحر
كل المنافي تؤدي ..
و إلى قلبي
لا طريق غير سراب الروح .
سأربي موجات القلب
على الحب ،
و أعود الخطو
على العشق ،
كي تنضج الينابيع
في شقوق الوطن الزاهية

تلك أمنيتي اللقيطة
أن يسوس جثتي الحب
و يعلم طفولة الموج
تواريخ الخوارج
..والطوارق
و الزنج
و يوزع مزارع الأسئلة
بقسطاس
كي تزغرد مدن الصفيح ..

تلك أغنيتي
أن نلقي خارج البحر
من حكموا
من ظلموا
أغنيات الربيع الجريح ..

يؤلمني
أني لا أملك
غير شهد الكلمات
يؤسفني أني
خارج قاعات الفرح
أقيم في مملكة السهو
و اللغو
..والشعارات

وحدها الفزاعات
نصبت سطوتها
أرخت توابل عهارة
في كل الجهات
فأحرقت
من يدين بوارج الصمت
و أغرقت
رجالا صدقوا .. وما بدلوا
لكن صدعوا .. و فضحوا
زيف المعجزات …

مركـــب خيبــــة

إلى الخليلة التي خلتها خلاصي في خلوتي فتخلت

كمركب اشتهاه البحر
فأغراه بالسفر ..

ولم تكن للمركب مجاديف
لكن قنديل الزيت
كان كافيا ليلة
أو ليلتين للسهر ..

ولم تكن في البحر محطات للوقود
تروي عطش القنديل
المحتضر ..

ولم يكن في المركب
عود ثقاب
و لا مذياع
يذيب الضجر ..

ولم يكن صوت الموج طول انتظار
ينشد غير مراثي البحارين
الذين مروا ذات حتف
تركوا على السطح بقايا
من حكايات تناوشها النوارس
و أسرارا تلاعبها قناديل البحر
في القعر ..

و لم تك في المركب بوصلة
تعانق شط البر ..

و لم يكن ثمة هاتف
ينقل الخبر ..

هكذا كنت مركبا أغزل خيبتي
صورا في عينيك
أيتها الموجة التي
تنشد المراثي
للمركب و الراكب
في عباب الشعر …

وجـــه غيــــاب

إلى الشاعرة علية في زمن البحث عن وجه ضائع

إلى وراك
تعبرين الوقت الأشهى
هكذا أراك تبحثين عن وهم
.. وربما عن حلم
حارق لا يبلى
تجدينه في الكلمات
فوحده الحبر عزاؤك
فارسمي وجهك الفقيد ملاكا
كما رؤاك تشاء
بالأسود والأبيض
أو بأزهى الألوان ..

لماذا يتسرب عطش
إلى حروفك الولهى إلى التشظي
كلما شرعت نوافذ الماضي
على الآني ؟ ….و على الآتي

ملامحك الآن
فتشي
علها تشي
ببسمة أو بقبلة
نسيها الأمس
على محياك
و أنت ترسمين خربشاتك
أو تراقصين حبوك ؟؟ ..

تحسسي شعرك
ربما الأمس
بصم شفتيه الحالمة
عليك لحظة نومك ..

لون عينيك تفحصي
ربما تقرئين آيات قزحية
وربما تكونينه
ففيك الآن ،
الأمومة و الأبوة
قد تجلت …

مســــودة فـــراش

تفر الفراشات
من فيض الربيع ،
و ترسو
على كبدي ،
فتهجر نواديها
لم الفراشات تبغي قحطي ،
فتخلي مراعيها ؟
هل خوائي طرق ؟
و هل أغنياتي رياض ،
لا أدري روابيها ؟
أ أنا دليل غيري
شمعة تفنى
في العراء مآقيها ؟ ..
دمعة حرى
في الحلم مجاريها ؟ ..
كيف تجاريني الفراشات
مرة ،
مرات ،
و لا أجاريها ؟ ..
و خريفي يناجي أحلامي
و يناغيها ..
و حروفي تلبسني
فأداريها ..
و عن ربيعي القديم
أواريها ..
كلما مستني مسودة
انخطفت ،
وتهت
في بلاويها …

ملحوظة : لفظة” بلاويها” من اقتراح الشاعر الهاوي الحاج أحمد سهوم بدل لفظة” واديها …

ترتـــق رايـــة وطـــن

إلى الشاعرة الواعدة لبنى المانوزي .

سأكتب ميراثك
أعني مرآتك ،
كي تريني أفقا للغواية
فلا تهربي
من وجهك القزحي
الذي ترسمه ذاكرتي ..
فالألوان التي
يعشقها حلمي محظورة ..
وأنا لا أوثر لون اللوم
المحلى بالصمت ..
لا أعرف لون بسمة ،
كي أطرز لوحة لك
من وهم قرمزي ..
فلا تهربي ،
سأكتب مرآتك
كي تريني شبحا
على كرسي مشنقة ،
بشوشا
أشرب معتق المجاز ..
سأدبر،
فمدارك لا يتسع
لشرب قهوة المساء
عند الصحو ..
وسأقبل
إن شئنا ،
كي يراك الفجر
تحكين خرافيات الحلازين ..
يراك الليل
على ضفاف حزني موجة ،
ترتقين راية وطن
يتشكل في مصيدة ..
حرفا
حرفا .
عبارة
عبارة .
قصيدة
قصيدة …
………….

عبد العاطي جميل
…………………..
مع محبتي الشعرية
……………………….

قد يعجبك ايضا

اترك رد