مهلا أيها الخطيب..!

0 279

صعد المنبر بخطى متثاقلة بطيئة وألقى التحية على الجميع ثم جلس ينتظر ، رفع الآذان يدعو الناس للصلاة فاتجهت الحشود من كل حدب وصوب.كيف لها الا تستجيب لدعوة ربها بعدما ضاقت عليهاالدنيا بما رحبت. واستبد بشأنها وامور دنياها قراصنة يجيدون سرقة قوتها وبالقانون .المسجد ذاك المكان الروحاني الوحيد الذي يعالج الدواخل في صمت ومناجاة.الكل مثقل بهموم لاطاقة للجبال بحملها. فحملها الإنسان وهو مجبر لسوء حظه وقدره .عليه ان يوفر قوت عياله وصحتهم في ظل ظروف صعبة وقاهرة.
في سياق مخالف لانتظارات المصلين تكلم الخطيب عن الزهدفأصل فيه وفصل واستدعى أحاديث وآيات وأحداث جاءت في الأثر .الأعين شاخصة والرؤوس كأن عليها الطير تترقب كلام واجب الوقت كما يقول الفقهاء ، لعله يقدم أجوبة على أسئلة بقيت عالقة لم تجد لهاحلولا في وسائل إعلام تعيش موتا سريريا وحالة شرود مقصودة. متخلفة غارقةفي التفاهةلاتمتلك شعورا شعبيا يبادل الناس إحساسهم بهذا الغلاء الجارف. وحكومة احكمت قبضتها على رقاب الناس لتنتقم لرئيسهاالذي تمت مقاطعةتجارته لمدة ليست باليسيرة نظير تطاول البعض عليه ومحاربة هذا التاجر ( السياسي ) الذي لايؤمن سوى بالربح ولايقبل الخسارة. وبرلمان بغرفتيه ضم مجموعات تخلت عن دورها الدستوري لتذوذ عن ذواتها بشراسة ومصالحها الضيقة دون الالتفات للشعب .كان كلامه خارج السياق عاما مفرغا من أي مضمون او رسالةتقدم حلولاشرعية .حديث لم يضمد جراح المكلومين ولم يشف غليل السائلين.الكل بقي جاثما ينتظر في نقطة وموضع السؤال،كيف سنواجه هذا الغلاء الفاحش وضيق العيش ومسؤولين غير عابئين بهموم الناس؟ ألم يقل الرسول (ص) : (من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم)لقد أصبح المسكين لاحول له ولاقوةوقد رفع راية بيضاءمستسلماامام هذا الوضع الذي لم يمكنه كلامكم من فهم هذا الواقع المتضارب والذي اصبح فيه المسؤول مخادعا مناورا والسياسي انتهازيا مستبدا والتفاوت صارخا بين بذخ فاحش وفقر مدقع.السوق احتلته لغةالاحتكاروالمضاربات وغابت عنه الحسبة والمراقبة بعدما استعرت اثمنة مواد أساسية تعتبر قوت يوم الأغلبية . لم تحدثنا ايها الفقيه الورع عن هؤلاء فكلهم خانوا الأمانة وقهروا الأمة. فماهو الجزاء وما قول الشريعة في مثل هذه الوضعيات ؟
الزهد سيدي فيمانملك ومانحن قادرون على تحصيله، فكيف نزهد فيما لانملك ولاقدرة لنا على تحصيله امتلاكه .السياق مختلف والكلام لايوافق ونحن في ورطة معيشيةومأزق بعدما شحت الامطار وقل الاستغفار ونامت الأعين عن قول الحقيقة ومواجهة الأشرار .غاب عن المنبر فرسانه. وصودر حق المنافحين عن صولاته وجولاته . بعدما صرح ذات مرة في قبة البرلمان الوزير المعني بالقطاع مفاخرا بالعدد الكبير الذي تم ايقافه من الأئمة. عم الفراغ ولم تبق فسحة للتهذيب والتأديب.واحسسنا بعدما خذلتنا فضاءات اخرى وانضم إليها مرفق يشكل بالنسبة لعموم الناس الأمل .لقد اصبحنا نستعجل الإنصات دون تركيز .فأدركنا مبكرا ان الساحة تم إخلاؤها لمن يطبع مع التجهيل والتفاهة وغياب الوعي . نحن في حيرة من أمرنا بين الإنصات والتأمل والتدبر والتحليل والتعليل وربما قد نذهب لحدود الإستنكار .فسقطنا بشكل لا إرادي في حكم الشرع ونخشى أن يصدق علينا قول الحديث المأثور “ومن لغى فلاجمعة له ”
ذ ادريس المغلشي .

قد يعجبك ايضا

اترك رد