التقاعد … من مقياسية الإصلاح الديمغرافي الى مقياسية الإصلاح السياسي

إن مجموع المشاريع الحكومية المطروحة بخصوص اصلاح أنظمة التقاعد، وخصوصا الخرجة الاخيرة للمجلس الأعلى للحسابات، تؤكد على العلاقة العضوية بين العناصر المقياسية les facteurs paramétriques للإصلاح الديمغرافي ، وعناصر المضاربة على الموت . Les facteurs de spéculation sur la mort، بعبارة اخرى ، فالمقاربة المقياسية تتحول عند تطبيقها على الوضع الخاص بالمغرب الى مجرد عملية توظيف المعطيات الديمغرافية واستعمالها كمقاييس، لتعجيل وتسريع الموت المحتمل كقاعدة للإصلاح …. لكن ايضا، كيف يمكن تجاوز هذه المقاربة ، بالانتقال الى اليات اخرى للاصلاح ، تعتمد مبدأ التحمل المشترك والمتوازن والعادل بين الاطراف المتصلة بنظام التقاعد
1 . مقياسية المضاربة على الموت
المتقاعد يتحول بعد السن القانوني للإحالة على التقاعد ( 60 سنة ) من جهة أولى، الى أجير في وضعية التقاعد، يتلقى اجر المعاش الى آخر أيام عمره . ومن جهة ثانية ، فاحتمالية وفاة المتعاقد خلال العشر سنوات اللاحقة على التقاعد ، ( من 60 سنة الى 70 سنة ) مرتفعة بشكل كبير. وبلغتنا العامية ( مابقا في الدنيا قد مافات) . و انطلاقا من هده الحقيقة الديمغرافية لأمل الحياة بالمغرب، تعتمد عناصر الاصلاح المقياسي لأنظمة التقاعد على مؤشرات تسريع او تقريب احتمالية وفاة المتقاعد . وذلك عن طريق تشغيل أربعة آليات …
1 . مدة العمل أطول   مراجعة السن القانوني للإحالة على التقاعد، l›âge légal de départ à la retraite  عبر تمديد مدة العمل بإضافة سنتين إجباريين ((62 ،او خمس سنوات حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات (65 سنة)، بما يصاحب ذلك من إرهاق جسدي وتعب نفسي واستعمال مهني  l›usure professionnel ….
2 . اقتطاعات أكثر   إضافة سنتين او خمس سنوات من الاقتطاعات الإجبارية من الاجر، بالإضافة الى زيادة 4 نقط في نسبة الاقتطاع ، حسب المتطلبات المقياسية ، وحالة الاختلال ، بما يؤشر ذلك على تدمير ممنهج للقدرة على الحياة ، وليس فقط القدرة الاستهلاكية …
3 . فترة التقاعد أقصر  تقليص المدة الزمنية للحصول على معاش التقاعد ، بعبارة أخرى تقريب احتمالية موته ، وصرف معاشه لأقل فترة ممكنة . فالشخص المتقاعد على سن 60 ، فاحتمالية صرف معاشه تصل في الحد الاقصى الى 10 سنوات بعد التقاعد. أما الشخص المتقاعد على سن 65 فاحتمالية صرف معاشه لا تتعدى في الحد الأقصى 5 سنوات …
4 . معاش أقل  تغيير  احتساب القيمة المادية للمعاش ، من مقياس آخر اجر يتلقاه الأجير او الموظف واحتسابه على المعدل الاجري للسنوات العشر او الخمس عشرة الأخيرة من حياته المهنية ، مع تخفيض نسبة الاحتساب السنوي من 2,5 الى فقط 2 في المائة . بعبارة أوضح معاش أقل بعد عمل أطول ومساهمات أكثر.
وهكذا تنكشف المعادلة الحقيقية للمقاربة المقياسية لإصلاح التقاعد، باعتبارها مقاربة المضاربة على الموت ،عبر آلية المضاربة المالية  spéculation sur la mort par une approche de spéculation financière للادخار ، الذي قام به المتقاعد طيلة حياته المهنية ، والتي يمكن تلخيص منطقها المقياسي في الجمل التالية، (مدة العمل أطول … اقتطاعات أكثر … فترة التقاعد أقصر … بأجر  معاش اقل )، بعبارة أخرى (أن تعمل أكثر…  بمعاش اقل)   Travailler plus pour gagner moins . وبجملة أكثر وضوحا ( ان تعمل أكثر، ولأطول مدة ممكنة، لتحصل على معاش اقل ، ولأقصر مدة ممكنة. ) travailler plus et plus longtemps pour toucher moins et moins longtemps
2 . الاصلاح المقياسي ليس حلا
هناك إجماع على إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب . لكن ليس هذا الاصلاح المفروض من جهة عبر المقاربة المقياسية ، التي يتم الترويج لها بشكل هستيري ومتضخم وترهيبي، وتقديمها وكأنها هي الحل الوحيد والممكن لانقاد انظمة التقاعد من الانهيار والتفكك. و اصلاح مرفوض من جهة اخرى ، من طرف المعنيين او المستهدفين او من طرف الذين سيطبق عليهم ، فمنطق الاصلاح يجب ان يكون في مصلحتهم وليس ضدهم ، وتدميرا لمكتسباتهم ، وتحميلهم مسؤولية الاصلاح ضمن اوضاع اختلال هيكلي هم غير مسؤولين عنها….
فالمقاربة المقياسية ليست الحل الوحيد. بل هناك حلول أخرى ليست بالضرورة مقياسية ،بل حلول سياسية بحكم ان تطبيق او نقل او فرض الإصلاح المقياسي في الحالة المغربية ، لن يحل على المدى القريب او المتوسط وحتى البعيد الاختلالات المالية لأنظمة التقاعد بالمغرب . كما ان الدول التي اعتمدت الحل المقياسي لإصلاح أنظمة التقاعد ، لم تتمكن من حل اشكالية الاختلالات المالية ، ودخلت بشكل مباشر في مايسمى بالاصلاحات المتتالية . des réformes systématiques ( الحالة الفرنسية من حكومة جاك شيراك الى حكومة ساركوزي الى حكومة هولاند ) مع العلم ان الحالة السياسية والمؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية مختلفة عن المغرب  بدليل ان بنية الهرم العمري للساكنة الفرنسية التي تتجاوز 60 سنة تصل الى مايزيد عن 15 مليون (المغرب لا تزيد عن 3,5 مليون) ومعدل أمل الحياة يصل الى 84 سنة ( المغرب بتقدير رسمي 72 سنة )
ان حركية الصراع الدائر حول منظومة التقاعد عبر العالم وفي المغرب، يتم في اتجاه واحد ، يتجسد في فرض عملية الانتقال التدريجي من نظام يقوم على التوزيع والتضامن الجماعي ، système de répartition solidaire الى نظام يقوم على الرسملة والمساهمات الفردية . système de capitalisation individuelle بعبارة أخرى ، تحرير أموال انظمة التقاعد من المسؤولية العمومية  للدولة ، وتحويلها او بعبارة أوضح خوصصتها ، عبر إخضاعها لمنطق الأسواق المالية . هذه هي المرجعية  الايديوسياسية التي يتم فرضها من طرف المؤسسات الدولية المانحة ، والتي تتجسد عمليا في ما يسمى بالإصلاح المقياسي، وتفويض الحكومة المغربية، عبر دعم مالي لطلب خبرة مكاتب دراسات ، وإقامة أبحاث أكتو آرية ، وانتداب مؤسسات وطنية ( حالة المجلس الأعلى للحسابات اخيرا) للترويج لنفس المقاربة المقياسية ، والحديث باسم من فوضوا وحددو لهم بشروط مسبقة حق الكلام والنطق في موضوع التقاعد … كلها عمليات تستهدف اقصاء وتغييب كل امكانية للتفكير في حلول اخرى ممكنة…..
ففرض الحل المقياسي ، بمنطق من يروجون له، و يفرضون استعماله وتطبيقه، على انظمة التقاعد. يحرر الدولة كمشغلة للموظفين، من مسؤولية التوظيف في منظومة الادارة العمومية . ويحرر المقاولة كمشغلة للمستخدمين والعمال ، من مسؤولية التشغيل اللائق . بمبرر ان التوظيف في القطاع العمومي بكامل الحقوق ، يؤدي الى ارتفاع العجز العمومي . والحل في تطبيق سياسة التقشف آلتوظيفي. و بمبرر ان التشغيل اللائق بالقطاع الخاص، يؤدي الى ارتفاع الكلفة الاجتماعية للإنتاج. والحل في تطبيق سياسة التنافسية وليونة التشغيل ، والتحرر من المسؤولية الاجتماعية للتشغيل …
فإذا كان الحل المقياسي لإصلاح أنظمة التقاعد يحرر الدولة والمقاولة من مسؤولياتهما المباشرة ، في الاختلالات القائمة في انظمة التقاعد ، وتحمل عبئ الاصلاح. فلم يبق في المعادلة المقياسية إلا الموظف والمستخدم والعامل ،  الدي يجب ان نحمله لوحده مسؤولية معالجة الاختلالات المالية لأنظمة التقاعد ، بمنطق المقاربة المقياسية، التي تحاول ان تفرض على الطبقة العاملة الاشتغال اكثر ، مع اقتطاعات اجبارية لأطول مدة ممكنة … لتحصل بالمقابل على معاش اقل ، ولاقصر مدة ممكنة . وهي المعادلة التي يتم الترويج لها بتضخم كبير، الى درجة تم إقحام المجلس الأعلى للحسابات للانضمام لكوكبة الترويج ، في تناقض كامل مع المهمة المركزية للمجلس ، والمتمثلة في صياغة تقارير تتعلق بحكامة تدبير الاموال العمومية ،  والتركيز على المراقبة القانونية للصرف و شفافيتها . وعلى غير عادته يصدر تقريرا حول انظمة التقاعد ، ليؤكد على نفس المعادلة المقياسية، وفي نفس الوقت رفع سقف مؤشراتها . بعبارة اخرى وفي حالة الصندوق المغربي للتقاعد مضاعفة عبء التحمل على الموظف لوحده ، من خلال الرفع من حد السن القانوني للإحالة على المعاش ( من 62 الى 65 سنة ) ومراجعة وعاء احتساب اجر المعاش ( من 5 او 8 سنوات الى 15 سنة ) . والزيادة في نسبة المساهمة للنشطاء بأربع نقط (من 20 الى 24 في المائة ). وتخفيض نسبة القسط السنوى من 2.5 الى 2 لكل سنة عمل … فمعطيات هدا التقرير تكشف وتؤكد ، ان المقاربة المقياسية ليست حلا للاختلالات المالية، عندما يتم توجيه وتركيز وتحميل مسؤولية حلها على طرف واحد هم الموظفون. في غياب او تغييب كامل لمسؤولية الدولة كمشغلة، ومسؤولية مؤسسات التقاعد كمسيرة…..
3 . التشغيل … الخيار الاستراتيجي
ان اشكالية اصلاح أنظمة التقاعد في الحالة المغربية ، ليست مقياسية ، بل سياسية . ليست ديمغرافية بل تشغيلية . و بمنظورية تأخذ بعين الاعتبار البنية الشابة للمجتمع المغربي ، و تحديات التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بعبارة أوضح ان إصلاح أنظمة التقاعد بمنظورية استراتيجية  visibilité stratégique ، لا توجد في زيادة مدة العمل ، augmentation de temps de travail وتأخير السن القانوني للإحالة على التقاعد ( من 60 سنة الى 65 سنة ) . لانه افتراض حتى بمنطق الحساب المالي أو الاكتواري خاطئ ، حتى على المدى القريب جدا. بل توجد في إعادة توزيع العمل بين الأجيال . répartition intergénérationnelle de temps du travail   والتي تنطلق من معادلة استراتيجية تقوم ، أولا على العمل اللائق .و ثانيا على مدة عمل اقل . وثالثا على العمل للجميع ( travailler mieux – travailler moins – travailler tous )
بعبارة أخرى ، فالخصوصية الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية ، تتطلب إعادة وضع منظورية استراتيجية للتشغيل في القطاع العام والقطاع الخاص ، في قلب عملية إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب، مصحوبة من جهة ، ببرنامج عمل تكويني وادماجي قوى. ومن جهة ثانية ، ببرنامج وطني استهدافي ، لضمان الانخراط الواسع لمختلف الفئات المهنية الحرة في أنظمة التقاعد . ومن جهة ثالثة ، ببرنامج اجراءات ،يقوم على مبادئ التسهيل الاجرائي، وحكامة المراقبة والوقاية، والمعاقبة الفعالة لعدم التصريح ،او التصريح الجزئي للعمالة، وخصوصا الاقل دخلا… ومن جهة رابعة، اعادة هيكل جذرية للاقتصاد غير المهيكل، ومن جهة اخيرة ، اعادة هيكلة جذرية تنظيمية وخدماتية تقوم على مفهوم المسؤولية والمحاسبة ، و حكامة التدبير المتساوي الاعضاء la gouvernance paritaire لمنظومة التقاعد الوطني في قطب عام وقطب خاص….
4 . حالة الصندوق المغربي للتقاعد
وللتدليل على هذا الخيار الاستراتيجي القائم على التشغيل في إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب ، سنقف بالتدقيق على وضعية الصندوق المغربي للتقاعد ، بحكم انه الأكثر تأزما من بين مختلف الأنظمة الأخرى التي تعرف بدورها صعوبات في اختلالاتها المالية . وهنا لا بد من التساؤل عن الأسباب الهيكلة التي جعلت الصندوق المغربي للتقاعد ، يعرف اختلالات مالية هيكلية في النتائج التقنية للنظام ، (الفرق بين الموارد والتكاليف ) . بعبارة اخرى الفرق بين الموظفين المنخرطين و النشطين والمنخرطين المتقاعدين، والتي ستشاهد منحى تراجعيا مع سنة 2014 ، وستعرف الاحتياطات المالية انخفاضا لتصبح سلبية مع سنة 2021 . وهل فعلا ان الأسباب المباشرة لهذه الاختلالات ، تعود الى ما تسميه التقارير بالطابع السخي والمفرط في خدماته بالمقارنة مع المساهمات، ( والإشارة هنا الى ضرورة مراجعة نسبة 2.5 %  عن اخر احر لكل سنة من الاشتراكات)، وهل فعلا تعود الى العامل الديموغرافي، وخصوصا الجانب المتعلق بارتفاع معدل امل الحياة ، ام باختلال التوازن الديموغرافي المتعلق بعدد النشطاء وعدد المتقاعدين . وللاجابة عن هذه التساؤلات ، لا بد من تقديم بعض المعطيات التي تؤكد عند تحريكها في الماضي والحاضر والمستقبل، الى ان مسالة اصلاح التقاعد في الحالة المغربية ،ليست مقياسية بمؤشرات ديمغرافية ، بل مقياسية بمؤشرات سياسية….
1 . مؤشرات الإحالة على التقاعد تكشف التقارير، ان مجموع الموظفين العاملين بمختلف أسلاك الدولة بلغ سنة 2013 ما مجموعه 883.916 موظفا ، دون احتساب موظفي الإدارات الترابية ، ومستخدمي المؤسسات العمومية ، وتتوقع الإحصائيات إحالة ما يزيد عن 204.000 موظفا في أفق سنة 2021 . ( 35% من مجموع الموظفين ) وما يقارب 360.000 مع حلول سنة 2031 ( 62% من مجموع الموظفين ) . و505.000 موظف في أفق سنة 2041 (88% من مجموع الموظفين ).
2 . مؤشرات التوظيف  ما بين سنة 2003 و2012 ، سجل مؤشر نمو أعداد الموظفين النشطين زيادة متوسطة ، لم تصل الى 0,62 % . وزيادة عامة استقرت في 5,68 % ، مع اختلافات بارزة سنويا … مثلا سجلت سنوات 2003 و 2005 ارتفاع في عدد الموظفين ب 0,7 و 0,5 % . فانه سجل انخفاضا مع سنة 2006 بأكثر من 3,2 % بسبب المغادرة الطوعية لأزيد من 40 ألف موظف. وخلال الفترة الممتدة 2003 الى حدود سنة 2007 استقر حجم التوظيف بالإدارة العمومية في حدود 7000 موظف سنويا. فإنه في نفس الفترة فمعدل الإحالة على التقاعد بحد السن تجاوز 5000 متقاعد سنويا . وللتذكير فضمن هذا السياق بدأ يطرح ملف التقاعد في الساحة السياسية والاعلامية وتشكيل اللجنة الوطنية والتقنية…
ومع سنوات 2008 – 2012 ، تم تسجيل زيادة في أعداد المناصب المالية المفتوحة ( 2008/ 16000 منصب – 2009 / تقريبا 13000 منصب – 2010 / تقريبا 24000 منصب – 2011 / 18800 منصب / 2012 – 26204 منصب ) . فالمعدل السنوي للتوظيف خلال نفس الفترة لم يتجاوز 15000 سنويا . فإن عدد المحالين على التقاعد وصل سنة 2012 الى ما يقارب 12000 الف متقاعد. دون احتساب المتقاعدين بإدارة البلاط الملكي والدفاع الوطني والقوات المساعدة والعدل وإدارة السجون)
3 . البنية العمرية والإدارية والنوعية   تشير المعطيات بخصوص إعمار الموظفين ان فقط 13 % من الموظفين تقل أعمارهم عن 30 سنة و 60 % تتراوح أعمارهم  ما بين 40 و 60 سنة . و 18 % من الموظفين مرتبون في السلم 5 الى 6 ، و 21 % مرتبون في السلم 7 و 9 . ( 40 .. من السلم 5 الى 9 ) و 60 % مرتبون في السلم 10 فما فوق أما التوزيع حسب الجنس (69 % ذكور و 31 % إناث)
4 . بنية التأطير بالإدارة العمومية  تعرف الإدارة العمومية مستوى تأطير ضعيف، بالمقارنة مع عدد السكان، بحيث لا يتعدى 27 موظف لكل 1000 مواطن . وهي نسبة لا ترقى الى مستوى عدد الموظفين مقارنة ببعض دور الجوار. مثلا تونس 44 موظف لكل 1000 مواطن . وفي الجزائر 42 موظف لكل 1000 مواطن . وتصل في الدول المتقدمة مثل فرنسا الى 75 موظف لكل 1000 مواطن.
5 . من المقياسية الديمغرافية الى المقياسية السياسية
بالنظر الى هذه المعطيات ، تتضح حقيقة واضحة هو ان تحريك المؤشرات الديمغرافية للمقاربة المقياسية، لا يمكن ان تحل سواء على المدى القريب او المتوسط وحتى البعيد الاختلالات المالية ولا تؤمن ديمومة النظام التقاعدي بالقطب العمومي ، faire bouger les bornes paramétriques ne pourrait pas) ) résoudre ni la viabilité des équilibres ni la pérennité de système بدون ان تكون هناك سياسية وطنية وإرادية  للتوظيف بالإدارة العمومية . وحتى إذا ما افترضنا  ضرورة إصلاح المنظومة التقاعد ، فلا يمكن ان يتحمل الموظفون والمتقاعدون عبئ الإصلاح لوحدهم . فمجهود الإصلاح يجب ان يكون متوازنا ومشتركا وعادلا بين الاطراف . (الدولة كمشغلة و المشغلين في الإدارة العمومية و مؤسسات تدبير خدمات التقاعد العمومي)
فالإصلاح المقياسي بمؤشراته الديمغرافية، تقوم على تشغيل ثلاثة مؤشرات للإصلاح . تستهدف طرف واحد هو الموظف ( مقياس تمديد مدة العمل .ومقياس الزيادة في المساهمات . ومقياس الزيادة في وعاء احتساب التقاعد وتخفيض النسبة السنوية ) اما الاصلاح المقياسي بمؤشراته السياسية ، يقترح تشغيل ثلاثة مؤشرات للإصلاح ، تستهدف توزيع عادل ومتوازن لعبء الاصلاح على الاطراف الثلاثة المتصلة بنظام التقاعد في القطب العمومي . بعبارة اخرى الانتقال من مقياسية ديمغرافية تحمل الموظف عبء مسؤولية اصلاح النظام التقاعدي . الى مقياسية سياسية تعمل على ادماج الاطراف الثلاثة لبناء صياغة اصلاحية عادلة ، بين الدولة كمشغلة ، و المؤسسات المسيرة للتقاعد ، والموظف النشيط والمنخرط ويمكن تركيبها على الشكل التالي
1 . مقياس التشغيل بالإدارة العمومية 2 . مقياس هيكلة القطب العمومي للتقاعد 3 . مقياس السن القانوني للإحالة على التقاعد
5 . 1 . مقياس التشغيل بالإدارة العمومية
فبالنظر الى حجم المحالين على التقاعد خلال العشر سنوات المقبلة . والتقشف المنهجي في عمليات التوظيف السنوية . والتراجع الكبير في مؤشرات التشبيب . وضعف مستوى التأطير بالعلاقة مع عدد السكان … كلها مؤشرات تؤكد اختصارية واختزالية ووهمية المنهجية المقياسية ، التي لن تحل اشكالية التوازن المالي للصندوق المغربي للتقاعد ،إذا لم يتم اعتماد سياسة إرادية للتشغيل بالإدارة العمومية في قلب عملية الاصلاح . وللتدليل على ذلك ، نشير الى ان المعدل الاجمالي لعدد المحالين على التقاعد خلال العشر سنوات المقبلة سيصل الى 25000 الف سنويا . وخلال العشرين سنة المقبلة 18000 الف متقاعد سنويا . وعلى مدى 30 سنة المقبلة 17000 الف متقاعد سنويا . بعبارة اخرى ان اختلال العوامل الديمغرافية وبالتالي المالية (بالانتقال من 12 موظف نشيط الى 3 نشطاء مقابل متقاعد واحد خلال الثلاثين سنة الماضية ( 1980 ? 2012 ( وفي افق العشر سنوات المقبلة الى موظف نشيط واحد مقابل متقاعد واحد ) يعود سببه الاصلي للتقشف الشديد والمنهجي لسياسية التشغيل بالإدارة العمومية، المعتمدة من طرف الدولة في المرحلة الاولى، بسبب تطبيق برنامج التقويم الهيكلي . وفي المرحلة بسبب تطبيق برنامج السوق المفتوحة والخوصصة الشاملة للمرافق العمومية
وهذا يعني على المدى القريب والمتوسط والبعيد ، انه لا يمكن للموظف ان يتحمل مسؤولية معالجة الاختلالات المالية للصندوق من خلال اعتماد المقاربة المقياسية . فالدولة كمشغلة تتحمل المسؤولية المباشرة ، بوضع مسالة التشغيل العمومي في قلب اصلاح التقاعد بالقطب العمومي ، وفق برنامج استراتيجي يقوم على …..
1 . الرفع من نسبة التأطير بإدارات الدولة ونقلها من 27 الى 40 موظف لكل 1000 نسمة.
2 . تشبيب الادارة العمومية بالانتقال من 13 الى 40 في المائة الاقل من 30 سنة.
3 . تركيز عمليات التوظيف على القطاعات والسياسات العمومية ذات الاولوية القصوى كالتعليم والصحة والقضاء والخدمات المرفقية.
4 . فتح ورش المراجعة الجدرية للنظام الاساسي العام للوظيفة العمومية.
5 . مصاحبة عمليات التوظيف بإدارات الدولة ببرنامج وطني للتكوين المستمر الادماجي وملائم للحاجيات الجديدة
6 . تأمين التوازنات المالية للصندوق والتضامن التوزيعي بين الاجيال وحقوق المتقاعدين وخلق القطب العمومي للتقاعد عبر اعادة التوازن للمؤشر الديمغرافي بين النشطاء والمتقاعدين.
ان الاختيارات المطروحة في المقاربة المقياسية تعمل فقط على تاجيل الانهيار، عبر تحميل الموظف العبء المالي. اما خيار الاستراتيجي لانقاد الصندوق يتجسد في الزيادة الممنهجة والمتراكمة سنويا في عدد المنخرطين . وهذا يعني في المعادلة الحسابية توظيف سنويا معدل 50000 الف موظف سنويا خلال العشر سنوات المقبلة (ما مجموعه 500000 الف موظف نشيط مقابل 204000 سيحالون على التقاعد خلال 10 سنوات المقبلة ). او توظيف 40000 سنويا خلال 20 سنة المقبلة ( ما مجموعه 800000 الف موظف نشيط مقابل 360000 الف سيحالون على التقاعد خلال 20 سنة المقبلة) . او توظيف 35000 الف سنويا خلال 30 سنة المقبلة (ما مجموعه 900000 الف مقابل 505000 الف ستحال على التقاعد خلال نفس الفترة)
5 . 2 . مقياس هيكلة مؤسسة القطب العمومي للتقاعد (حالة الصندوق المغربي للتقاعد)
مقياس التشغيل بمنظورية استراتيجية في ادارات الدولة يشكل العمود السياسي لانقاد وديمومة النظام التقاعدي بالقطب العمومي القائم على النظام التوزيعي والتضامن بين الاجيال. لكن في نفس الوقت، اذا كانت الدولة كمشغلة، مسؤولة عن الاختلالات المالية للصندوق المغربي للتقاعد ، بسبب سياسة التقشف التوظيفي . فان مسؤوليتها موثقة ايضا على مستوى الاختلالات الهيكلية والتنظيمية و التدبيرية للصندوق. وهنا لا بد من الاشارة الى تخلف الدولة عن اداء مستحقاتها ومساهماتها كمشغلة للموظفين، والتي ترافقت مع فترة تدبيرها المباشر للصندوق ((1956 ? 1996 ، والتي قدرت حكوميا بازيد من 11 مليار درهم. بالرغم من ان التقديرات الحقيقية تفوق هذا المبلغ بكثير .خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار ،ان تصفية حقوق معاشات المتقاعدين في هذه الفترة كانت في مستوياتها الدنيا بالمقارنة مع مداخيل النشطاء ، الدين يساهمون بالتساوي مع مساهمة الدولة .(50 في المائة مساهمة الموظف و 50 في المائة مساهمة الدولة ).
كما تجب الاشارة هنا ايضا ،الى الطريقة والاسلوب الذي تم به تدبير الازمة المالية للمعاشات العسكرية، وتمويل جزء منها مباشرة من مالية نظام المعاشات المدنية في خرق للاطار القانوني ، وخصوصا الفصل 12 من ظهير 1996 ، وفي تعارض كامل مع المقتضيات المتعلقة بمراقبة التوازن المالي للنظامين وتدبيرهما المنفصل .مع العلم ان نسبة المساهمات في نظام المعاشات العسكرية ، يقوم على 13 بالنسبة للموظف العسكري ، و 23 بالنسبة للدولة . بالإضافة الى استثناء هذا النظام من الدراسات البحثية والتشخيصية ، وقياس اختلالاته ، وتقدير تأثيره على نظام المعاشات المدنية .
كما ان ازمة الصندوق تعود ايضا الى الى الغموض الكبير وغياب الافتحاص الدقيق والمحاسبة والشفافية في كل ما هو متصل بالنفقات التدبيرية والقرارات الاستثمارية ، التي اتخذت خلال 30 سنة الماضية، وعدم التقدير الدقيق للأثار السلبية للمغادرة الطوعية لأزيد من 40 الف موظف على ديمغرافية النشطاء المساهمين ، و اضعاف منهجي للحكامة التدبيرية، تقوم على حق المشاركة في تسيير الصندوق. كما تؤكد المعطيات الى ان احتياطات الصندوق والتي تقدر بما يزيد عن 75 مليار درهم ، تخضع لمنطق استعمالي لا تحقق مردودية عالية، بسبب توجيهها في اتجاه واحد …. بالإضافة الى عمليات توزيع الموظفين والمستخدمين بإدارات الدولة ومؤسساتها ، على مؤسستين … الصندوق المغربي للتقاعد ، ومؤسسة النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد . وفي هذا الاطار نعتقد بأهمية اعادة هيكلة كاملة لمؤسسات تدبير التقاعد ، كمؤشر اساسي في معادلة المقياسية السياسية، لإصلاح نظام التقاعد العمومي ، من خلال تحريك مركب الاصلاحات التالية …
1 . تصميم وتفعيل نظام القطب العمومي للتقاعد ،في الية مؤسساتية واحدة . تمكن الصندوق المغربي للتقاعد من تدبير جميع الموظفين المدنيين والعسكريين . والغاء النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد . وتصميم برنامج اجباري من داخل المؤسسة للتقاعد التكميلي…
2 . ادماج كامل لنظام المعاشات العسكرية في نظام المعاشات المدنية من خلال الرفع من سن التقاعد ، والرفع من نسبة مساهمات الدولة ،مع تسطير اليات تاخذ بعين الاعتبار الطابع الشاق للمهن العسكرية les facteurs de la pénibilité
3 . تمكين الصندوق من اليات محددة تحرر قرارات استعمال الاحتياطات والتوظيفات المالية المضمونة ، مع تطوير برنامج للمسؤولية الاجتماعية للمؤسسة عبر تدبير برامج الاستثمار الاجتماعي . وبرامج قروض بفوائد تنافسية لفائدة المنخرطين والمتقاعدين مع الاستمرار في توظيف الاموال في سندات الدولة والسندات المضمونة في اطار تعاقدي مع الدولة، ونسبة اقل من 10 في المائة في الاسهم والسندات المتداولة بالبرصة في اطار تعاقدي مع المقاولات لحمايتها من المخاطر المحتملة….
4 . اعادة الاعتبار لمنهجية الحكامة التدبيرية، باعتماد الية التنظيم المتساوي الاعضاء للقطب العمومي للتقاعد، بين ممثلي الادارة وممثلي الموظفين النشطاء وممثلي المتقاعدين الذين يتم تعيينهم من طرف النقابات حسب الاستحقاقات التمثيلية على ان يكون رئيس المجلس الاداري رئيس ادارة القطب العمومي للتقاعد والنائب الاول للرئيس من ممثلي الموظفين النشطاء. والنائب الثاني من ممثلي المتقاعدين….
3 . مقياس السن القانوني للإحالة على التقاعد
ان عملية الانتقال من المقياسية الديمغرافية ، الى المقياسية السياسية لإصلاح نظام التقاعد بالقطب العمومي، تتطلب تحويل مقياس تمديد سن الاحالة على التقاعد (من 60 الى 62 سنة) ، من مقياس ديموغرافي ،الى مقياس التضامن ما بين الاجيال de paramètre démographique vers un paramètre de solidarité inter- générationnelle بعبارة اخرى الانتقال من التطبيق الشامل والميكانيكي والاحادي على البنية الديمغرافية لمجموع الموظفين، الى التطبيق القائم على المؤشرات الجيلية لولوج الوظيفة العمومية، لكن قبل الدخول في التفاصيل التوجيهية لعملية التحويل بخصوص هذا المقياس . يجب ان نأخذ بعين الاعتبار من جهة ، ان تطبيقه الميكانيكي او الاوتوماتيكي يتضمن تأثيرات سلبية على سوق التشغيل بالإدارة العمومية . ومن جهة ثانية تمديد مدة المساهمات ، وتقليص مدة صرف المعاشات لمدة سنتين او اكثر ، بالعلاقة مع مؤشر امل الحياة . ومن جهة ثالثة فإن ارتفاع سن ولوج الوظيفة العمومية ( ما بين 23 و 25 سنة)، خصوصا وان الاتجاه العام للتوظيف خلال 10 سنوات المقبلة سيوسع من نسبة الاطر العليا ليصل الى ما يقارب 75 في المائة (60 في المائة حاليا من الموظفين مرتبون في السلم 10 فما فوق )، وبالتالي فلن تتعدى سنوات العمل الفعلية سقف (39 سنة عمل فعلية + 23 كسنة محتملة للتوظيف = 62) سنة كحد اقصى لاحتساب المعاش، الذي لن يصل بأي حال من الاحوال الى المعاش الكامل ، بحيث لن يتعدى في الحد الاقصى 39 سنة عمل فعلية لأقفال السن القانوني الجديد للتقاعد في 62 سنة ، بسبب التراجع الكبير في عمليات التوظيف في سن مبكرة ما بين 16 و اقل من 23 سنة les longues carrières
و في اطار نموذج المقياسية السياسية لإصلاح التقاعد، يمكن تحريك المقياس الثالث . والمتمثل في تمديد السن القانوني للإحالة على التقاعد من 60 الى 62 سنة بهدف بناء التحمل المشترك والمتوازن بين الاطراف المتصلة بالإصلاح .(الدولة كمشغلة وهيكلة المؤسسات المسيرة والموظفين النشطاء ) بشرط اول، يتمثل في تحويله من الية التطبيق الميكانيكي الى الية التطبيق الجيلي . والشرط الثاني يتمثل في عدم المساس بالية حساب معاش التقاعد ، بعبارة اوضح رفض اية معادلة تؤدي الى تخفيض القيمة المادية للمعاش، ( الاحتفاظ باجر الشهر الاخير قبل الاحالة على التقاعد ونسبة 2,5 عن كل سنة عمل فعلية ). والشرط الثالث ، يتعلق برفض الزيادة في نسبة الاشتراكات والمساهمات … ضمن هده الشروط المبدئية غير القابلة للتفاوض يمكن تمديد السن القانوني للإحالة على التقاعد انطلاقا من مبدا التوزيع ما بين اجيال الموظفين النشطاء، بناء على مقياس سن الازدياد ، وسن التوظيف وفق التوجهات التركيبية التالية
1 . بالنسبة للموظفين النشطاء المزادين قبل او خلال سنة 1955 ، والمستوفين لشرط 40 سنة عمل فعلية فما فوق . تتم احالتهم على التقاعد على 60 سنة بحقوقهم الحسابية الكاملة، ( مثلا موظف ازداد سنة 1955 وتم توظيفه عل بين سن 16 و 20 سنة تعني 44 و 40 سنة عمل فعلية بالاحالة على التقاعد على 60 سنة)….
2 . بالنسبة للموظفين النشطاء المزدادين بين سنة 1956 و 1965والمستوفين لشرط 40 سنة عمل فعلية ، يحالون على التقاعد على سن 60 بحقوقهم الحسابية الكاملة، (مثلا موظف ازداد سنة 1956 وتم توظيفه بالإدارة على بين سن 16 و 20 سنة تعني 44 و 40 سنة كمدة عمل فعلية بحد 60 سنة للإحالة على التقاعد ) ولغيرهم من الموظفين النشطاء يمكن احالتهم على التقاعد اختياريا على سن 62 ، على قاعدة احتساب عدد سنوات العمل الفعلية، (مثلا موظف ازداد سنة 1960 وتم توظيفه بالإدارة على سن 22 سنة فله الاختيار الاحالة على التقاعد بسن 60 سنة بعد 38 سنة عمل فعلية او سن 62 سنة بعد 40 سنة عمل فعلية بمعنى سنة الاحالة على التقاعد اما سنة 2020 او سنة 2022 )
3 . بالنسبة لجيل الموظفين النشطين المزدادين بين سنة 1967 و 1977 ، والذين تم توظيفهم عن سن 22 فما فوق . يحالون للتقاعد بحد سن 62 سنة على قاعدة احتساب سنوات العمل الفعلية، (مثلا موظف ازداد سنة 1967 وتم توظيفه بسن 22 ( سنة 1989 ) فسنة الاحالة على التقاعد بحد السن 62 سنة سيكون سنة 2029 بعد 40 سنة عمل فعلية ? اما حالة الموظف الذي ازداد سنة 1967 وتم توظيفه في 25 سنة من عمره ( سنة 1992 ) فسنة الاحالة على التقاعد بحد السن 62 سيكون سنة 2029 بعد 37 سنة عمل فعلية )
4 . بالنسبة لجيل الموظفين النشطين المزدادين بعد سنة 1978، والذين تم توظيفهم بالإدارة العمومية عن سن 25 سنة فما فوق ، يحالون على التقاعد بحد سن 65 سنة بمعنى ان سنة التقاعد بعد 40 سنة كمدة عمل فعلية في الحد الاقصى ستكون سنة 2043
ان منطق معادلة التوزيع ما بين الاجيال répartition intergénérationnelle لتطبيق الية تمديد حد سن القانوني للإحالة على التقاعد faire bouger l?Age l?égale de départ à la retraite تنطلق من بعض القواعد الاتية… 1 توظيف يساوي او يقل عن 20 سنة مع 40 سنة فما فوق ،كمدة عمل فعلية يحالون على التقاعد بحد السن القانوني في 60 سنة مع الأخذ بعين الاعتبار سنة التوظيف. 2 توظيف يساوي او يقل عن 24 سنة مع 40 سنة عمل فعلية يحالون اختياريا على التقاعد بحد السن القانوني في 62 سنة ، مع الأخذ بعين الاعتبار سنة التوظيف . 3 توظيف يساوي او اكثر من 25 سنة يحالون على التقاعد بحد السن القانوني في 65 سنة والذين تم توظيفهم مع بداية القرن الحالي….
ان تمديد مدة العمل بتطبيق الية التوزيع التضامني ما بين اجيال الموظفين ، يجب ايضا ان تندرج ضمن مجموعة من القواعد الاساسية لضمان العدالة التوزيعية من بينها…. اولا اجراء دراسات دقيقة حول عوامل المحددة لصعوبة ممارسة المهن les facteurs de la pénibilité وتحديد طابعها الشاق ،واثرها على معدل امل الحياة . والعمل على ادماجها كعنصر قياسي للإحالة المبكرة للتقاعد في القطب العمومي ،مع تامين التمويل المباشر من طرف الدولة . ثانيا تشكيل اللجان التقنية المتساوية الاعضاء، لشروط العمل والصحة والسلامة المهنية، بكل القطاعات ومؤسسات الدولة . واحداث المؤسسة الوطنية لطب الشغل والصحة والسلامة المهنية، يتم تشكيلها وتدبيرها وفق التركيب الثلاثي الاطراف . ثالثا الأخذ بعين الاعتبار الموظفين ذوي الحاجيات الخاصة، والامهات اللواتي انجبن اكثر من 3 اطفال ، او تربية احد الابناء المعاقين ، او الامهات المكلفين لوحدهم بالاسرة ، او الموظفين (ت) الذين يعانون من امراض مزمنة وخصوصا الذين توقفوا عن العمل لمدد معينة ……. رابعا تصميم نظام خاص في اطار القطب العمومي للتقاعد، يواكب المنخرطين المتقاعدين الذين يتحولون الى ممارسة مهن فردية او حرة ، عن طريق الية جديدة للمساهمات المتحصلة عن ممارسة المهنة الجديدة بعد التقاعد ، مع المعاش المحصل عليه عبر الية للمساهمة والحساب الجديد لمعاش التقاعد ……..
اصلاح انظمة التقاعد بالقطب العمومي في حالة المغرب ، لا تستقيم بالمحاولات الجارية، ومن اكثر من جهة، لفرض رأي واحد، خصوصا عندما يكون هذا الرأي مستوردا ،وبعلامة ايديوسياسية واضحة، تجعل من الموظف أو المستخدم المتحمل الوحيد للعبء والمسؤول الوحيد عن الاختلالات، ضمن واقع وسيرورة لا يتحمل فيها لا مسؤولية ولا اسباب الاختلالات القائمة . فالإصلاح في عمقه هو القدرة على تجاوز الواقع نحو المستقبل برؤية المقياسية السياسية وليست برؤية المقياسية الديمغرافية برؤية التحمل المشترك بين الاطراف وليس برؤية تحميل طرف واحد برؤية العدالة الاجتماعية وليس برؤية الاجهاز على المكتسبات برؤية الحقوق وليس فقط برؤية الواجبات …

المصدر

Comments (0)
Add Comment