الشيخ والشيخة في مسلسلات رمضان “بقلم أبو أمين “.

في القناة الثانية عرض على المشاهدين مسلسل “لمكتوب” من سيناريو فاتن يوسفي، وإخراج علاء أكعبون.

ولم تخف صاحبة السيناريو وطاقمه منذ البداية “التطرق لموضوع يحمل في طياته أكثر من صورة نمطية تقترن بشخصية الراقصة “الشيخة” داخل المجتمع، غير أنها تشدد على حرصهم على إقحام هذا الدور انطلاقا من الواقع الذي تعيشه الراقصة والمشاكل التي تواجهها داخل المجتمع، مع إبراز الوجه المظلم إلى جانب الوجه المشرق لهذه المهنة بشفافية تامة.”
وقبل الشروع في الحديث عما أثاره المسلسل من ضجة على وسائل التواصل الإجتماعي وكذا ردود فعل بعض الواعظين و غيرهم من المؤثرين، لا بد من عرض بعض الملاحظات الدلالية والشكلية على المسلسل:
أولا: بنية المسلسل الشكلية والدلالية هي نفسها بنية المسلسلات الميكسيكية والتركية التي تعرض على القناة لا من حيث الأحداث والوقائع ولا من حيث الشخوص والممثلين (وقائع سقوط شابة -متزوجة برجل أكبر منها سنا- في حب شاب أعزب في سنها مثلا) بل يمكن القول إذا لم تخنا ذاكرتنا أن فكرة المسلسل منقولة ومنسوخة من إحدى مسلسلات الخردة التي سبق عرضها !!

ثانيا: النقاش وجب أن يكون مجتمعيا وثقافيا وعلى مستويات سوسيولوجية و علمية عالية بدل تركه محصورا على الدعاة والواعظين ومن يرد عليهم.

ثالثا: لماذا الشيخة بالضبط وليس المعلمة التي تدرس في أعالي الجبال أو المرأة التي تقتني سلع التهريب من سبتة ومليلية وتأخذ العلقات والصفعات من حراس الحدود الإسبان من أجل كسب قوت يومها وتعليم أبنائها ولماذا ولماذا…. ؟

رابعا: لماذا هذه النوعية العجيبة الهجينة من الأفلام والمسلسلات والتي لا يختار عرضها إلا في هذا الشهر الفضيل، شهر العبادة والصيام من دون شهور السنة؟ وماذا كنا ننتظر من ياسين العمري أو غيره من الواعظين و الدعاة أن يحدثونا به عن المسلسل غير ما تحدثوا به، خصوصا وأن المسلسل يروج لسلوكيات تتناقض كليا مع مرجعياتنا في السلوك والأخلاق: كحض أم لإبنها الشاب الأعزب على ربط علاقة بمتزوجة شابة بدعوى تفاوت السن مع زوجها وكذا من أجل الإستيلاء على الثروة.
إن هذا النقاش ليس حصرا على الدعاة والواعظين فقط، بل يجب احتواؤه من طرف المجتمع ككل بتلاوينه المختلفة من أساتذة جامعيين ومحامين وقضاة وبرلمانيين ودعاة ومجالس علمية ومختلف المثقفين، لأن الأمر أصبح يتعلق بكينونة المجتمع واستقرار أسره، وأغلب من يتابع هذه النوعية من المسلسلات هن من النساء والمراهقات.

إذن فالضجة المحدثة حول المسلسل لم يثرها ياسين العمري بل أثارها المسلسل نفسه ولم تثرها شخصية الشيخة في المسلسل فقط، بل أثارتها شخصيات أخرى غير سوية في المسلسل كالأب الثري الذي تزوج بشابة في عمر ابنته بدعوى كونها شبيهة زوجته المتوفية، كما الشأن بالنسبة لزوجة الأب السلبية غير السوية التي تتعايش مع مظاهر العهر والتسيب وخرجان الطريق، وكالزوج الخائن المدمن على الكحول والقمار، وكذا الخادمة الإنتهازية التي لا يهمها إلا الطمع، ونجلة الرجل الثري التي تنفث السيجارة الإلكترونية بشكل مثير ومستفز، مع التباهي والتبرج بملابس مثيرة تبرز مفاتنها الداخلية. وغيرها من الشخصيات غير السوية في المسلسل…. التي يريد المسلسل أن يسوقها في المجتمع ويطبع معها .
والأخطر والأدهى من ذلك هو توجيه الانتباه إلى الشيخة في المسلسل من أجل تمرير ممارسات أخرى شاذة وغير منسجمة مع السلوك السوي العادي من خلال شخصيات أخرى مثلت في المسلسل أتينا على ذكر بعضها .

إن الإدعاء بأن المسلسل ينقل الواقع هو ادعاء باطل ،وعن أي واقع يتحدث هؤلاء وكأن واقعنا كله عهر وطمع وجشع وخيانات وحروب أهلية وليس فيه أخلاق. إوا نقلوا كذلك شهامة المجتمع وكرمه والنقاط الإيجابية المتجذرة فيه .
” مثل الذباب يراعي موضع العلل. ” أحمد شوقي”.
“يتبع”

Comments (0)
Add Comment