المغرب يلعب لعبة الكبار في التصعيد ضد الديبلوماسية الايبيرية

بونتصر المصطفى: مراسل بيان مراكش

عرفت الازمة الديبلوماسية بين مدريد والرباط تصعيدا خطيرا لم تنفع معها اية وساطة لحد الان، نظرا لتشبت مدريد بموقفها المتعالي وبمحاولة اقحام الاتحاد الاوروبي في النزاع ، بحيث حاولت ان تستقوي بالاتحاد الاوربي باختلاق ملفات استغلال الاطفال القاصرين في الهجرة الغير الشرعية نحو سبتة وامليلية المحتلتين ، لتوريط المغرب سياسيا ، لكن ورقة التوت هده ما لبثت ان سقطت نظرا للدور الدي لعبه المغرب في حماية حدود الاتحاد الجنوبية من الهجرة الشرعية ،مما زاد من تعميق الأزمة بين الرباط ومدريد ،واججت الوضع الى ما تحمد عقباه ، بحيث اصبح كل طرف يبحث عن مكامن الضعف للهجوم على الاخر.
في الحقيقة لم تكن مدريد دكية في التعامل مع ملف استضافة ابراهيم غالي زعيم البوليزاريو ،كرجل مطلوب دوليا في جرائم ضد الانسانية، فقد تعمدت الجارة الاوربية في تدليس وتزوير وثائقه التعريفية تحت اسم مستعار، مما وضعها في موقف حرج ؟ لان أي تبرير كيف ما كانت دوافعه ،لم يكن يتقنع أيا كان بخرق القانون الدولي.
فبمجرد السماح بعودة المبحوث عنه الى الجزائر بتحريض من المخابرات الجزائرية ، ثارت ثائرة الرباط وشرعت في نهج اساليب لم تكن مدريد تنتظر هدا الاسلوب وهده الندية في الديبلوماسية المغربية ، وهي خطوة تعتبر اكثر جرأة وفعالية ؟ وهدا ما جعل الرباط ، تعيد النظر في معيار الحلف الحقيقي انطلاقا طبعا من موقفه الواضح من الصحراء المغربية
بما ان الموقف الاسباني لم يعترف بخطائه بالاستمرار في تعنته، وتكثيف اتصالاته مع حلفاءه الغربيين سواء بمحاولة يائسة لإحراج المغرب في الاتحاد الاوربي، ما اضطر هدا الاخير لتبني قرار يتهم المملكة باستخدام المهاجرين القصّر “أداة للضغط السياسي”، وهو ما نفته المملكة ،او بدعوة الادارة الامريكية بالعدول عن الاعتراف بأحقية المغرب على صحراءه ، اد واصلت الرباط اسلوب التصعيد الديبلوماسي ، فبعد إلغاء عملية “مرحبا” المتمثلة في عودة المهاجرين المغاربة القاطنين في أوربا عبر الموانئ الإسبانية، وتعويضها هذه السنة بموانئ فرنسا وإيطاليا، وهو قرار سوف يحرم الموانئ الاسبانية من مداخيل قدرتها بعض المصادر بأكثر من مليار يورو، وهدا سوف تكون له تداعيات على الاقتصاد الاسباني بدون شك خصوصا بعد مخلفات الجائحة الكوفيدية.
لم تقف الرباط عند هدا الحد اد تردد بعض المصادر، أن هناك قراراً جديدا مغربياً بإنهاء المفاوضات بشأن تجديد الاتفاق حول خط أنابيب الغاز بين الجزائر وأوروبا عبر المغرب ، وقد اعتبرت الرباط ان هدا القرار، هو صفعة جديدة كي تعرف مدريد حجمها امام قوة جديدة اقليمية ، نظرا لأهمية خط الغاز هدا ، والدي يزود القارة الايييرية بثلث استهلاكها من هده المادة الحيوية .
حاولت الجزائر في كل مرة التخفيف من الاضرار، بفتح خط ثاني لتصدير الغاز الى اوروبا دون المرور بالمغرب ،لكن تأكد انها ضربة قوية تنتظر الاقتصاد الجزائري كون اسبانيا سوف تخفض حاجياتها من الغاز الجزائري في ظل المنافسة الشرسة التي يعرفها سوق الطاقة.
كما أن المغرب يستخدم أوراق ضغط اخرى للرد على التطورات الأخيرة ، وموقف مدريد منها، حيث أفادت صحيفة “إل موندو” الإسبانية، بأن المغرب أوقف مفاوضاته لتجديد امتياز خط أنابيب الغاز بين المغرب الكبير وأوروبا..
لقد اتفق المراقبون بأن الخاسر الأكبر في العلاقات الاقتصادية بين أوروبا والمغرب من جهة، وبين أوروبا والجزائر من جهة أخرى، هو الجزائر والمغرب على حد سواء، نظرا لكون اوروبا تتفاوض ككتلة واحدة، بينما الجارة الديمقراطية الجزائرية تساعد العدو على ابن عمها.
مهما يكن للمغرب من مكتسبات ديبلوماسية ، فقد كان متزنا في قراراته خصوصا استغلال اوراق الضغط وتغيير جدري في لغته الديبلوماسية ، اما الازمة مع الجارة الايبيرية ،فبدون شك سوف يكون لفرنسا دور مهم في كبح أي تطورات تهدد امن المنطقة المتوسطية ؟ خصوصا بعد ان اصبح الشارع المغربي يطالب بفتح ملف سبتة ومليلية وعودتهما للسيادة المغربية ، ربما تكون الولايات المتحدة في البداية قد ارسلت رسائل مشفرة بدعمها اللا مشروط للمغرب لكن تبقى الايام القدمة كفيلة بكشف اهمية المغرب بالنسبة للعم سام .
فهل سينجح المغرب في اعادة ترتيب اوراقه مع حلفاءه في المنطقة ؟
وهل طموحات الولايات المتحدة في دخول القارة الافريقية عبر بوابة المغرب كفيل بقلب الموازين لصالحه ؟
د . بوناصر المصطفى

Comments (0)
Add Comment