تخليد الذكرى 30 لإعلان مدينة مراكش تراثا عالميا للإنسانية يعكس روح التسامح والحوار بين الثقافات الذي يميز المغرب (وزير الثقافة)

أكد وزير الثقافة السيد محمد الامين الصبيحي، مساء أمس الجمعة بالمدرسة العتيقة ابن يوسف بمراكش، أن الاحتفاء بالذكرى الثلاثين لإعلان مدينة مراكش تراثا عالميا للإنسانية من طرف منظمة اليونسكو، يعكس بحق روح التسامح والتبادل والحوار بين مختلف الثقافات، الذي يميز مراكش والمغرب بصفة عامة.

وأضاف في كلمة بمناسبة الاحتفال بهذه الذكرى تحت شعار “مراكش ..وكل الناس لهم إليها محبة واشتياق”، أن هذه الفعالية تعد بمثابة رسالة واضحة وبليغة تبثها مدينة مراكش إلى العالم بأسره في زمن تنامت فيه وتائر التهديد والأخطار وتدمير المعالم التراثية التي أبدعتها البشرية في العديد من البلدان، معتبرا تسجيل مدينة مراكش ضمن التراث العالمي المادي إلى جانب العديد من المدن المغربية يشكل لحظة فخر واعتزاز للمغاربة بالموروث الثقافي الأصيل وفرصة لاسترجاع بعض من لمحات تاريخ المدينة المشرق في شتى مناحي الحياة.

وأوضح السيد الصبيحي، أن البعد التاريخي والفني للمدينة يشكل نموذجا للتعايش المتجانس بين المعالم التاريخية والعمارة التقليدية والعمارة الحديثة المعاصرة، مؤكدا أن الوزارة المعنية وضعت حماية التراث وصيانة وتثمين التراث المادي واللامادي ضمن المحاور الخمس الكبرى لبرنامجها القطاعي.

من جانبه، أوضح وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد مصطفى الخلفي، أنه إذا كانت مدينة مراكش قد شكلت على مر العصور محطة لمقاومة المستعمر وأرض العلم والتعايش والتسامح فهي تعتبر حاضرة المستقبل بالنسبة للمغرب، مبرزا غنى وتنوع الموروث الحضاري والثقافي الذي تختزله عدد من مدن المملكة.

وأضاف السيد الخلفي أن المجتمعات لن يكون لديها مستقبل بدون ذاكرة جماعية، وهذه الذاكرة تتجلى في مدنها، داعيا الجميع من سلطات محلية ومنتخبين ومجتمع مدني إلى تكثيف الجهود المشتركة للحفاظ على هذا الموروث الحضاري لكي يشكل موطنا للتسامح والتعايش والسلام بين الشعوب.

من جهته، شدد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة السيد محمد الوفا، على أهمية الحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي الذي يميز المدينة الحمراء وباقي المدن التاريخية الأخرى لكي تستمر في المزيد من الإشعاع الوطني والدولي ولكي تكون حاضرة لتلاقح الحضارات وموطنا للسلام والحوار بين الشعوب.

أما وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ،السيد أحمد التوفيق، فأوضح، في كلمة ألقيت بالنيابة عنه، أن لمراكش أوراق اعتماد نبيلة في الحضارة وفي التراث المادي واللامادي، وأن لإسمها علاقة بالسلم والسلام وفضاء متميز للتعايش والامتزاج الخصب للعناصر والألوان الثقافية المشكلة للهوية المغربية.

كما تحضن مدينة مراكش، يضيف الوزير، قيم التضامن النبيلة وتشكل منبت نمط معماري يمثل مرحلة هامة في تطور المعمار المميز للغرب الإسلامي في عهد المرابطين والموحدين والسعدين وفي عهد الدولة العلوية، مذكرا بالمتحف الثقافي الذي تنجزه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي سيفتتح أبوابه سنة 2016 ومتحفي الحياة الدينية والحضارة المغربية للماء اللذان سيفتتحان أبوابهما في غضون سنة.

وشدد ممثل منظمة اليونيسكو، السيد ميكايل ملوارد، من جهته، على أهمية تثمين الموروث الحضاري والثقافي ليشكل فضاء للحوار بين مختلف الثقافات، مبرزا أن ذلك لن يتأتى الا من خلال تضافر جهود مختلف المتدخلين.

وعبر عن استعداد المنظمة لتقديم كل الدعم الضروري للجهات المعنية من أجل تثمين الموروث الحضاري بمختلف المدن التاريخية المغربية، في حين أشار ممثل منظمة الإسيسكو، السيد محمد يونس، الى أن الحفاظ على التراث المادي واللامادي للمجتمعات من شأنه المساهمة في خلق فضاء للحوار ونشر قيم التسامح بين الشعوب، مبرزا الجهود التي تبذلها المنظمة للحفاظ على التراث والهوية الإسلامية بعدد من البلدان.

وبعد أن نوه بالجهود التي تبذلها المملكة المغربية للحفاظ على هذا الموروث، دعا ممثل منظمة الإيسيسكو، الدول التي تشهد منازعات سياسية إلى ضرورة تشكيل فريق مختص لحماية هذا التراث من الضياع والرفع من وعي الساكنة المحلية بهذا الخصوص.

أما رئيس المجلس الجماعي للمدينة، محمد العربي بلقايد، فأوضح من جانبه، أن هذه الاحتفالية تهدف إلى تقييم المنجزات التي حققها مختلف المتدخلين خلال العقود الأخيرة في مجال صيانة التراث الذي تزخر به المدينة الحمراء الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وهي فرصة ايضا لتكريم هذه المدينة العريقة والغنية بتاريخها وبمعالمها وبحدائقها وبهويتها المعمارية وساحتها الفريدة جامع الفنا.

وأضاف رئيس المجلس الجماعي لمراكش أن هذه المناسبة تشكل محطة لإرساء أسس وقواعد مخطط تأهيل شامل وبعيد المدى لإدماج وتجميع جل التدخلات من أجل إحياء وترميم النسيج العمراني للمدينة العتيقة وصيانته من الأضرار التي تتسبب فيها عوامل بشرية وبيئية.

ويتضمن برنامج هذه التظاهرة عقد ورشات ومحاضرات تتناول مواضيع تتعلق بالخصوص، ب “ساحة جامع الفنا : الحصيلة وإعادة الاعتبار” و”التراث الشفوي اللامادي وثائق الذاكرة” و”تأملات في مآل التراث الشفوي” و”حصيلة أعمال المحافظة على التراث بمراكش” و”اعمال الترميم للمعالم الدينية بمراكش” و”حصيلة تدخلات وزارة الثقافة في مجال المحافظة على التراث بمراكش” و”رهانات المحافظة على التراث” و”دور الكتاب والمخطوط في المحافظة على التراث”.

كما ستعرف هذه الاحتفالية فتح نقاش حول إحداث شبكة المدن المغربية المصنفة تراثا عالميا وانتخاب منسق الشبكة واختيار المدينة التي ستحتضن الملتقى الأول للشبكة، فضلا عن إقامة معرض لتقديم حصيلة مختلف التدخلات لترميم وتأهيل النسيج العمراني للمدينة العتيقة واطلاع الجمهور على نماذج من أعمال الترميم المنجزة.

وتتوزع الفضاءات التي ستحتضن فعاليات هذه الاحتفالية ما بين مدرسة بن يوسف والقصر البلدي بشارع محمد السادس، ومقر المجلس الجماعي بشارع محمد السادس ومقر بنك المغرب سابقا بساحة جامع الفنا وساحة حي السلام وساحة مسجد الكتبية.

وتنظم هذه التظاهرة بشراكة مع وزارات الثقافة والسياحة والأوقاف والشؤون الإسلامية والسكنى وسياسة المدينة، وجهة مراكش آسفي، وولاية الجهة، ومجلس العمالة وجمعية منية مراكش ومنسقية الجمعيات التي تعنى بالحفاظ على التراث الثقافي لمدينة مراكش.

Comments (0)
Add Comment