“رجاء، بنت الملاح” وثائقي لعبد الإله الجوهري بمرارة مأساة إنسانية

يقدم عبد الإله الجوهري في الفيلم الوثائقي الذي عرض أمس الخميس ضمن المسابقة الرسمية للدورة 17 للمهرجان الوطني للفيلم، سيرة فردية بمرارة المأساة، هي سيرة “رجاء، بنت الملاح”.

يضع عبد الإله الجوهري، الآتي إلى تجربة الإخراج من عالم النقد والأندية السينمائية، الكاميرا في قلب العالم الحميمي لرجاء، تلك الفتاة المراكشية الفقيرة التي قفزت من الهامش الى منصات مهرجانات سينمائية رفيعة إثر مشاركتها في فيلم فرنسي، قبل أن يتبخر وهم المجد سريعا وتعود إلى وضعها المؤلم في ظلام الهامش، أو ظلام ” الملاح” بالمدينة الحمراء.

من غرفة هشة السقف، مفتقرة لخدمتي الماء والكهرباء، عارية من أبسط الأثاث، إلا ما بقي من شظايا الجوائز التي انكسرت إثر تهاوي جزء من سقف الغرفة، تنطلق رحلة الجواهري في عالم ” رجاء” وفي مجرى ألمها الفادح الذي تغالبه بكبرياء خانها غير ما مرة أمام الكاميرا اللصيقة بها، المتعاطفة والمستفزة في نفس الآن.

ها هي “رجاء” التي لعبت بطولة فيلم فرنسي، خولتها الحصول على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان مراكش الدولي خلال دورته الثالثة، وفي مهرجان البندقية، تجوب ساحة جامع الفنا لتبيع سجائر بالتقسيط، تضمن لها دراهم لسد الرمق بالكاد، أو تخوض مباريات الملاكمة ترقبا لكرم جمهور عابر. قصة شابة شارفت على المجد، وانحدرت الى قاع البؤس من جديد.

جمهور قاعة سينما روكسي عاش لحظات مؤثرة رفقة هذه السيرة المغرقة في الانكسار التي تنوء بها رجاء. فبدل أن تأخذها جوائز المشاركة الأولى والأخيرة إلى استوديوهات السينما التي حلمت بنجوميتها، قطعت أواصرها مع أسرتها الغاضبة من دور سينمائي اعتبرته ” لا أخلاقيا”، وبدل أن تنتشلها من وسط البؤس والحاجة، تركتها معلقة في الهواء بلا أي ملاذ.

تحكي رجاء محنتها، وتحكي الكاميرا أيضا، وهي تسلط ضوءها المباشر على وجه الفتاة التي لا تكاد ترفع عينيها، خجلا ربما، وهي ترصد حركة قدمين متثاقلين يأسا ومرارة، في أزقة وفضاءات المدينة العتيقة، ثم وهي تصاحبها في حركتها بحثا عن خيط يعيدها الى استوديوهات السينما التي احتضنتها ولفظتها بذات السرعة.

من مكامن قوة الفيلم،( 70 دقيقة) نفسه الطويل الذي خوله جمع فصول المأساة في سيرة ممتدة لسنوات، كان خلالها الجوهري يتفقد ” تطور” هذه الحالة الإنسانية المحرضة على التأمل في لعبة القدر وقسوة الحياة ووهم الأضواء.

جدير بالاشارة الى أن عبد الاله الجوهري أنجز مجموعة أفلام قصيرة ووثائقية من بينها ” كليك و ديكليك”، “الراقص (ة)”، و ” ماء ودم” الذي توج بجائزة أحسن فيلم قصير في مهرجان واغادوغو للسينما الافريقية.

يذكر أن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة في المهرجان الوطني للفيلم تعرف مشاركة 14 فيلما طويلا تعكس تنوع مرجعيات ورؤى السينمائيين المغاربة بمختلف أجيالهم.

Comments (0)
Add Comment