” عبودية العهد الحديث “

بقلم : هشام الدكاني

بالرغم من تقدم مستوانا المعرفي في المجتمعات ، حيث يتميز العصر الحالي بالمعرفة التي كانت أساسا سبيلا ليقدر الإنسان على التفكير بطريقة سليمة تنير أمامه مايمكنه من الإختيار بقدراته العقلية ، والعلمية والفكرية ، لكن يأبى العديد إلا أن يستمروا تحت سلطة العبودية في النفس البشرية من عبودية فكرية ، إلى عبودية في التصرفات والأفعال…ماضين بوعي أو بلا وعي في الإستمتاع بتجنب المحاولة في التفكير والإختيار السليم ، في حين أن دوافع العبودية تمنح الفرد المقدرة من عدم تحمل المسؤولية وخلق الحيل والمؤامرات لكي يعيش عيشة ذليلة…! والجبروت والإنتقام عند التملك… والإنحناء من أجل الصعود وتركيز مهاراته فى كل ما يتعلق بتمكينه حتى لو تسبب فى تدمير كل ما هو حوله وكل من هم حوله…!
لقد أولت الفلسفة السياسية وعلوم النفس والإجتماع «العبوديةالمختارة» ٱهتماما كبيرا ، لأنها ٱرتبطت بمنهج الذل الطوعي وسلوكياته ، نتيجة ٱنحرافات الوعي المفاهيمي، وغياب الإدراك الحسي، والضياع الأخلاقي، والسلوكيات السقيمة…
فالذات الإنسانية متباينة في طبيعة علاقتها بالنظام السلطوي ، فمنها ما يعيش الحرية وينعم بقوة الوعي ، وينظر إلى الحياة بِعين مبصرة ، وهي النفس التي لا تتوقف عن السمو وترفض الذل والهوان…
لكننا في المقابل نرى النفس الذليلة التي يهمها علفها مثل الحيوانات المدجنة تصبح وتمسي على هدف واحد ومطلب لا يتغير ، ألا وهو السير والعيش بجانب «الحيط».
إذن العبودية المختارة هي سلوك ٱختياري وممارسة ينتهجها الفرد من تلقاء نفسه ليكون عبدا لعبد آخر ، بغض النظر عن مكانة هذا الأخير…
شخصيا ، لا أظن أن أغلب الشعوب قد تحررت من عبوديتها ، خاصة في العهد الحديث ، حيث ثم إنتاج عبيد من نوع جديد ، أو ما ٱصطلح عل تسميته ب: «المواطن المستقر» ، وهو المواطن الذي يرضى بطمأنينة البؤس ، بدل رفاهية المغامرة…
بعسل العبودية المر ، بدل حنظل الحرية الحلو…وهكذا.
وجب علينا غرس قيم الحرية ومبادئها في الجيل الصاعد والأجيال القادمة ، أملا أن تقوم هي بما عجزنا عنه نحن وآباءنا.

Comments (0)
Add Comment