ديرية التعليم بمراكش مصلحة التخطيط بلا تخطيط ؟!

0 618

أحمد المنصوري
تتوفر مديرية التعليم بمراكش على مصلحة للتخطيط، تكلف ميزانية الدولة الكثير في مجال التسيير والتجهيز، لكن، في المقابل، لا تقوم بالدور المنوط بها على أحسن وجه، والمتمثل في حل المشاكل البنيوية للمنظومة، من خلال التخطيط التوقعي والاستباقي الذي يروم تجاوز الإكراهات والاستجابة لمتطلبات وانتظارات التلاميذ وأسرهم في تعليم جيد يضمن لهم فرص النجاح وسبل الرقي الاجتماعي، ومؤسسات تعليمية مؤهلة وموارد بشرية كفأة، وفصول دراسية غير مكتظة وحياة مدرسية يسودها الوئام والاجتهاد وليس فيها أي مجال للفشل والهدر المدرسي.
إن آفة منظومة التربية والتكوين بمراكش هو التخطيط. لقد أبانت هذه البنية بالملموس عن فشلها الذريع، بحيث لم تستطع تمثل التوجيهات الوزارية الرامية للنهوض بأوضاع التربية والتكوين وترجمتها على أرض الواقع، إضافة إلى فشلها في مواكبة مختلف الإصلاحات التي تعرفها المنظومة، مما جعلها تزج بالقطاع، على الصعيد الإقليمي، في مسلسل من الإخفاقات الذي تتخلله، من حين لآخر، بعض المحاولات البئيسة واليتيمة لاحتواء الأزمة وإنقاذ ماء الوجه. فمع كل دخول مدرسي، تعيش مدينة مراكش على صفيح ساخن، بحيث تصدح الحناجر وتتعالى الاحتجاجات، هنا وهناك، مطالبة بإيجاد حل لمشكل الاكتظاظ في الأقسام والخصاص في الأساتذة بالأسلاك التعليمية الثلاث، وتوفير بنيات تعليمية للقرب، وتأهيل مؤسسات تعليمية وفك العزلة عن أخرى، والحد من ظاهرة الهدر المدرسي، وضمان الإيواء والإطعام المدرسي، وحماية حرمة المؤسسات التعليمية…
فلو كنا نتوفر بالفعل على تخطيط جيد بمديرية التعليم بمراكش، لما كنا نعيش هذا السيناريو من الأحداث المؤسفة المتوالية والمتلازمة، مع مطلع كل دخول مدرسي، ولكانت مدينة مراكش رائدة ومتميزة في مجال التخطيط التربوي، كما هي عليه دائما في مجالات متعددة ومتنوعة، منها: التعليم العالي والسياحة والتاريخ، إضافة إلى الجغرافيا.
ورغم ذلك، لا زالت الوزارة الوصية تراهن على هذا الإطار وهذه الآلية رغم قصورهما ومحدوديتهما، معتبرة إياهما عصا سحرية لحل مشاكل القطاع، وبلسما لمداواة مختلف جراحاته وتجاوز جميع إخفاقاته. فعلى صعيد مديرية مراكش، نجد أن المدير الإقليمي من هيئة التخطيط، ظفر بهذا المنصب وسمعة الغش والسطو على المشاريع تلاحقه منذ أن كان يعمل بجهة سوس ماسة.
كما تفتقت عبقرية أصحاب القرار عن تكليف إطار للتخطيط بمصلحة الموارد البشرية، حيث تم تعيينه خلفا للمسؤول السابق غير المأسوف عليه، الذي جعل من هذه المصلحة بؤرة للفساد والإفساد، والذي خلف قرار إعفائه ارتياحا وانفراجا كبيرين في الوسط التعليمي، على صعيد الإقليم. وبدوره وكما كان متوقعا، لم يلبث المسؤول الجديد عن المصلحة أن تقدم، مؤخرا، بطلب إعفائه لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فليس بينه وبين تدبير الموارد البشرية إلا الخير والإحسان، وكذا بالنسبة لمهمة تنسيق المكتبات المدرسية بالإقليم التي اضطلع بها فيما سبق، مما يدل على أن هناك عشوائية واستخفافا في تقلد وإسناد مناصب المسؤولية، وعدم احترام للمساطر القانونية في تأطير وتدبير شؤون نساء ورجال التعليم بالإقليم.
أما رئيس مصلحة التخطيط، فهو طبعا يتحدر من هذه الهيئة، ويعتبر من أبرز وجوه وحلقات الفساد بمديرية التعليم بمراكش، معروف بتعصبه الحزبي ونزعته النقابية المعلنة، وفقدانه للموضوعية والنزاهة، حيث يدبر هذه المصلحة بمزاجية وعدم اكتراث بالصالح العام، تاركا المشاكل التعليمية تتناسل وتتفاقم مع كل دخول مدرسي، علاوة على ذلك، إن الوضع الصحي لهذا المسؤول لا يسعفه للاستمرار في تقلد المسؤولية وتدبير هذه المصلحة، التي عمر على رأسها لما يقارب عقد من الزمن، مما يستدعي التعجيل بإعفائه احتراما لمقتضيات الحكامة الجيدة، وصونا لمبدأ تداول السلط وعدم تقلد مناصب المسؤولية لمدة تتجاوز أكثر من أربع سنوات.
فكفى من المراهنة على أطر التخطيط كلما دعت الضرورة لتقلد مناصب المسؤولية، لأن قطاع التربية والتكوين، على صعيد الوطن، يزخر بالكفاءات التي تضاهي قدراتها، إن لم نقل تفوق قدرات هذه الفئة من موظفي القطاع.

قد يعجبك ايضا

اترك رد