الإشراف التربوي والتأطير فالمراقبةوليس التفتيش:

0 891

بقلم :الأستاذ الطاهري الشرقي / مدرس، وأخصائي في السيميائيات.
من أبرز صور التسلط الاداري والتربوي بالمغرب هو سيطرة المركزية، والمتمثلة في تمركز السلطة في مؤسسات التعليم في أيادي فئة محدودة جدا من القيادات الادارية، بدءا بما يسمى “بالتفتيش” مع العلم أنه أجدر تسميته “بالاشراف التربوي”، ووصولا الى هرم السلطة أي الوزارة الوصية عن القطاع، وهذا ما ساهم وبشكل وفير في تهميش باقي الفرقاء مثل “المدرسين” على أساس أنهم الحلقة الأضعف في المنظومة، هذا من وجهة نظر باقي المسؤولين التربويين، الشيء الذي يؤدي الى هدر الطاقات وتبديد الجهود لدى المدرسين وإعاقة تحقيق الأهداف التي تنشدها الوزارة.
وهذا يحيلنا حتما الى المظهر العام المتجلي في “البيروقراطية وكذا المشكلات الادارية”. فتولد عندنا ضعف في ما يخص الاهتمام بمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية والذي مرده جزئيا لأسباب سياسية محضة متجلية في :
التمييز التربوي.التسلط التربوي. الاقصاء والتفرقة بين المدرسين. سيطرة العملية النظرية. ضعف العناية بالدروس التطبيقية. التركيز على المعلومة وحشو أذهان النشء بها. ضعف المهارات والتقنية المكتسبة. وجود مقررات دراسية رتيبة ومملة. هذا دون الحديث عن البنى التحتية للمؤسسات التعليمية خصوصا في السلك الابتدائي.
والمشكلة الكبرى هي تسلط أعطاب تربوية مزمنة كارثية على المنظومة والتي تنخر هذا الجسد التربوي كالورم لأنها ببساطة لم تقدر ولن تقدر على تغيير جلدها مع مرور الزمن حتى تساير الركب وكل ما تثقنه هو لغة الاستعلاء والاستقواء والجبروت وجرعات زائدة من النرجسية والبيروقراطية التي لم يعد لها مكان بين ظهرانينا في الزمن الحالي.
فتعاملهم مع القطاع والعاملين به من “مدرسين” باستخفاف مبالغ فيه بحكم أن المشرع الاداري لم يضع اطارا لهذه الفئة من الأطر المفتشين”مع التحفظ على التسمية اللا تربوية والتي لها رمزية “بيروقراطية سلطوية”. فجلهم لا يفقهون شيئا في التكوين الاكاديمي “دراسات جامعية”. بل اكتفوا بتكوين بالمركز +شهادة جامعية يتيمة،الشيء الذي ورثهم ضعف جهاز مناعة فكري.
ولم يضع لهم المشرع اطارا يشتغلون فيه، بل تركهم طلقاء أحرارا مجرد موظفين يتلقون تعويضات سمينة مقابل لا شيء، كل ما يحسنونه هو الجلوس في المقاهي ولقد صاط الوزير السابق محمد الوفاء في قطاع التعليم في أذنهم .
لعلهم يستفيقون .أسندت لهم مهمة التأطير وهم الذين لا علم لهم بما يسمى باللسانيات والتواصل والبنيوية وعلم الدلالة… وووو .
ومن يكون دو سوسيير ولا رولان بارت ولاميشيل فوكو ولا تشومسكي. وغيرهم كثير .فالمتتبع للاشراف التربوي بالمغرب سيلاحظ بانه يتسم بالسلطوية. ومزاجية “المفتشين”. والتي يهدف أصحابها الى ترهيب المدرسين واحراجهم. فنسي “المسمى جزافا مفتش” بأنه مطالب ببدل مجهود أكبر لمساعدة المدرس وتوجيهه كي يتغلب على معيقاته. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه. فمهمة التأطير والاشراف تهدف إلى أجرأة وتطبيق التصورات والاختيارات التربوية من مقاربة ومنهجيات وأساليب وعدة تنظيمية. إلى إجراءات عملية ميدانية بغرض تحقيق الأهداف في حين لا نجد لهذا المفهوم تدقيقا في الوثائق الرسمية وبرنامج هذه الفئة التي أنيطت بها مهمة المراقبة والتأطير .بل يتقنون فن زيارات ناذرة تغلب عليها المزاجية والذاتية ويبدو ذلك جليا من خلال ما ينجزونه من تقارير انطباعية وليست ملائمة من حيث الدقة والشمولية. تفتقر الى الموضوعية حتى تصير هي الأساس لتطوير عملية التعليم.
ولكي يتحقق لنا اشراف تربوي جاد بمفهومه الحديث لا بد من استحضار الديمقراطية التعاون، الشمولية، والموضوعية، وابتعاد أو تجنب هيئة الاشراف التربوي تلك الاجتماعات العقيمة والتي تتميز بالسلبية والسطحية والتنظير …وتغييب مفهوم السلطوية، فالسلطوية التربوية تؤدي الى اعاقة الابداع. وهذا ما يسلكه من أوكلت اليهم الوصاية على القطاع.

قد يعجبك ايضا

اترك رد