الداخلة.. عادات وأكلات محلية أصيلة تثري موائد الإفطار في شهر رمضان

0 962

تستقبل ساكنة الداخلة والأقاليم الجنوبية عموما، حلول شهر رمضان المبارك، على غرار باقي مناطق المغرب، بتحضير أطباق محلية أصيلة تثري موائد الإفطار خلال هذا الشهر الفضيل.

وإذا كانت الأجواء الروحانية والدينية خلال رمضان تتشابه بشكل كبير بين مختلف جهات المملكة، إلا أن العادات الغذائية المصاحبة لهذا الشهر الفضيل تختلف من منطقة إلى أخرى باختلاف الخصوصيات الثقافية والحضارية والتراثية والجغرافية المحلية.

وتبعا لذلك، تتميز مدينة الداخلة، حاضرة إقليم وادي الذهب، بعادات غذائية فريدة وأطباق متنوعة تجسد ثراء وتنوع الموروث الحضاري والاجتماعي للمنطقة، الذي تحرص الأجيال المتعاقبة على الحفاظ عليه وتثمينه على نحو أفضل.

وقالت الفاعلة الجمعوية، السيدة مريم أبيبك، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “يظل الشاي واللبن والتمر واللحم من بين المكونات الضرورية التي تؤثث مائدة الإفطار الرمضانية في إقليم وادي الذهب، والتي تحرص الأسر الصحراوية على تحضيرها أو اقتنائها لتكون المائدة مكتملة”.

وأوضحت السيدة أبيبك أن المائدة الرمضانية المحلية ترتكز أساسا على ما يسمى “مواعين أتاي”، حيث يتم إعداد الشاي الصحراوي قبل أذان المغرب ليكون جاهزا عند الإفطار، ليتم تناوله مع حبات من التمر و”زريك اللبن”، وهو مشروب يحضر بالحليب واللبن (الإبل و الماعز خصوصا) والماء، ويضاف إليه السكر حسب الحاجة، حيث يتم خلط مكوناته ووضعها في إناء يسمى “الكدحة”.

بعد ذلك، يتم تقديم “الطاجين” الذي يختلف عن ما هو موجود في باقي جهات المملكة، إذ يتكون من “لحم الفلك ة” (الإبل) أو “لحم أفشاي” (الغنم)، مع الإشارة إلى أن هذه الأكلة، المكونة من “الكناديز” والكبد والقلب، يتم تحضيرها كذلك احتفاء بليلة القدر المباركة.

ويحرص سكان المنطقة على تناول طبق “النشا”، الذي يتم إعداده بالماء المغلي والشعير وقليل من الملح ليتم تقديمه في آنية من الخشب، كما يتم تناول الزبدة أو السمن الذي يختلف عن غيره بباقي مناطق المملكة.

وأضافت أن مائدة الإفطار تتضمن كذلك طبق “لكلو”، وهو شعير يتم إعداده من خلال مزجه مع حفنة من الرمل لإنضاجه فوق الجمر باستعمال إناء من الطين مخصص لهذا الغرض. وبعد الحصول على حبات الشعير، يتم نزع الرمل بواسطة الغربال، ثم يقدم مع السمن أو الزبدة.

كما تشتهر مائدة الإفطار بالمناطق الجنوبية بطبق “مارو باللحم”، الذي يتم إعداده من خلال وضع لحم الإبل داخل قدر خاص مع قليل من الزيت والملح والماء، وإضافة الأرز ليطبخ في مرق اللحم، ليتم تقديمه في صحن كبير.

من جهة أخرى، لفتت السيدة أبيبك الانتباه إلى أن ساكنة إقليم وادي الذهب والأقاليم الجنوبية عموما، كانت تتناول في الماضي أطباقا وأطعمة بسيطة تعكس نمط عيشها الطبيعي وعاداتها وخصوصياتها السوسيو ثقافية التي تلائم قساوة المناخ الصحراوي.

غير أن المجتمع المحلي، تضيف الفاعلة الجمعوية، شهد تحولات سوسيو اقتصادية متسارعة بشكل أدى إلى تغير نمط عيش ساكنة المناطق الجنوبية، التي انتقلت في معظمها من نمط الترحال والخيمة إلى الاستقرار في المدن.

وفي هذا الصدد، أعربت السيدة أبيبك عن أسفها لكون بعض هذه العادات والتقاليد أضحت شبه غائبة عن موائد الإفطار في وقتنا الحاضر، كما لم تعد للأكلات الشعبية المحلية تلك المكانة التي كانت تحتلها بالأمس ضمن مائدة الإفطار عند أهل الصحراء.

وأكدت أن بعض ركائز الفطور في المنطقة اختفت تقريبا مثل خبز “الفطير”، الذي يتم تحضيره من دقيق الشعير والماء فقط، دون إضافة ملح أو خميرة، ويتم إنضاجه على الطريقة التقليدية وذلك من خلال وضعه في حفرة رملية تغطى بالجمر. وبعد إخراج الفطير من تحت الرمل، يتم تقطيعه ووضعه في صحن يرفق بالمرق المكون من لحم الإبل.

وأوضحت أنه في الوقت الراهن، أصبحت معظم الأسر المحلية تمزج عاداتها وأطباقها الرمضانية الأصيلة، التي مازالت تقاوم هذا التغير في الأذواق، مع أطباق وأكلات أخرى أخذت مكانا لها فوق المائدة الصحراوية، في مقدمتها حلوى “الشباكية” و”سليلو” وغيرها.

وخلصت السيدة أبيبك إلى أن هذه العادات والأكلات الأصيلة تشكل زادا للصائمين بالأقاليم الجنوبية للمملكة، لأداء عباداتهم وفرائضهم الدينية على أكمل وجه طيلة أيام شهر رمضان المبارك.

وتظل العادات الغذائية لساكنة الداخلة وباقي الأقاليم الجنوبية، علامة مميزة لتاريخ وحضارة المنطقة، كما تجسد أهمية شهر رمضان المبارك لدى الساكنة المحلية باعتباره شهرا فضيلا تتخلله أجواء روحانية ودينية، وتسوده ثقافة التسامح والتراحم وقيم التضامن والتكافل.

قد يعجبك ايضا

اترك رد