عن أي تعديل حكومي نتحدث؟

0 7٬420

انشغلت مؤخرا جل وسائل الإعلام الإلكترونية بالمغرب بما سربته مجلة جون أفريك الصادرة من باريس عن تعديل حكومي مرتقب لحكومة الملياردير عزيز أخنوش والذي اتضحت بعض معالمه من خلال طرح أسماء مرشحة لمغادرة الحكومة حسب ما أوردته المجلة الفرونكفونية المهتمة بالقضايا الإفريقية.

وبالنظر لفحوى هذا التسريب الذي تداولته عدة مواقع إخبارية مغربية و ناقشه عدد من متتبعي الشأن السياسي في إجماعها على أن هذه الخطوة تماثل سابقاتها في عدم تماشيها واحتياجات الشارع المغربي بالدرجة الأولى واتساقها. وخصوصيات المرحلة تتطلب حلولا آنية و ملموسة لتجنب تلاقي علاج أزمة بأزمات مماثلة، فقد ترسخ لدى المواطن المغربي من خلال التجارب السابقة للحكومات المتعاقبة على أن تغيير الأشخاص ليس ب ” عصا سحرية “ قادرة على حل الأزمات و المضي قدما بالمشاريع التنموية و تجاوز الهفوات السابقة، فحال هذه التعديلات الجزئية شبيه بدكة إحتياط فارغة من أي تخطيط أو تدبير معقلن للأزمات المتلاحقة، والمعول عليه في هذه المرحلة ليس التعديل الجزئي، بل إن أعمدة التغيير أساسها الوفاء بالتزامات الحكومة التي قطعتها أمام الناخبين، و القدرة على مواكبة كل المشاريع بما يفي هذه التطلعات.

فأمام حكومة متخبطة بين تحديات وعودها الإنتخابية وعالقة وسط تطلعات النموذج التنموي الجديد، يجب أن يتحمل الوزراء مسؤوليتهم كاملة و أن يعملوا بأسرع ما يمكن لإيجاد حلول ملموسة و واقعية تجاه الأزمات التي تتخبط فيها البلاد وأن يباشروا مسلسل الإصلاحات المهمة والجوهرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالمغاربة ضاقوا ذرعا من الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية التي تعيشها البلاد، علما أنهم لم يتنفسوا الصعداء بعد من جراء ما خلفته جائحة كورونا من مشاكل إجتماعية عرت الواقع و أظهرت عمق أزمات المواطنين و خصوصا الفئات الهشة و المستضعفة، فالمغاربة اليوم لا يهمهم تغيير وزارء بوزراء آخرين أو خروج حزب من الحكومة و دخول آخر بقدر ما ينتظرون من الحكومة أن تكون لها الجرأة السياسية للشروع في مباشرة الإصلاحات الضرورية والأساسية للنهوض بالأوضاع في البلاد، كما يترقب المواطنون المغاربة تسليط المواقع الإلكترونية الضوء على الملفات الساخنة التي تملأ رفوف محاكم جرائم الأموال العامة بمراكش و أكادير و الدار البيضاء والمحاكم المغربية الآخرى و التي يتابع فيها عدد كبير من المنتخبين و السياسين الكبار، منهم من تمت إدانتهم إبتدائيا و إستئنافيا منذ سنوات و لايزالون يتمتعون بالحرية و منهم من تم إنتخابهم مرة أخرى في الاستحقاقات الآخيرة و أصبحوا رؤساء جماعات ومقاطعات بدون تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

هذا هو التعديل الذي ينتظره المغاربة و يعقدون عليه الآمال من أجل مغرب الغد، مغرب الديمقراطية و العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص ، فإن أرادت كل مكونات الدولة أن تباشر الإصلاحات العميقة لإرضاء تطلعات الشعب المغربي فعليها تحريك المتابعات و نفض الغبار عن ملفات الفاسدين و محاربة ناهبي المال العام و المضاربين العقاريين الذين اغتنوا في رمشة عين ، أما إستطلاعات المواطنين في تعديل حكومي ستكون له نفس حصيلة التعديلات السابقة فهو أمر متجاوز والمغاربة الآن عاقدون العزم على حكومة تفي بوعود صناديق الاقتراع.

فبدل الإنشغال بأمور عادية لا تأثير لها على واقع المواطنيين المغاربة، وجب على الإعلام الإلكتروني أن يصب أنظاره على قضايا الفساد والملفات الكبرى التي لم تبرح المحاكم المغربية ومنها من عمر طويلا، فبمتابعة هؤلاء المفسدين وناهبي الملايير من الدارهم من أموال الشعب، سيخطو المغرب بهياكله ومؤسساته خطوة هامة في اتجاه الإصلاح الملموس الذي لابد أن تتجدد مداخله لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين.

قد يعجبك ايضا

اترك رد