امرؤ القيس وتفاهة “الكموج”

امرؤ القيس وتفاهة “الكموج
“أبو أمين” بيان مراكش .

حلقات من أخبار الحمقى والمغفلين

بين عيون الأدب والشعر العربي القديم الجميل، مرورا بإنجازات الأمة التاريخية عبر الزمن ، ومحطات التفاهة والإبتذال في وسائل التواصل الإجتماعي تستوقفك بين الفينة والأخرى مأثرة أو تحفة من تحف التاريخ الخالدة :
معلقة امرئ القيس بن حجر الكندي والتي كنا نحفظها عن ظهر قلب منذ نعومة أظافرنا في المدارس الثانوية في زمن كنا ننام فيه مع انقطاع بث تلفاز اللون الأبيض والأسود .حيث لم نكن نتوفر آنذاك لا على جهاز الأيباد ولا على حاسوب إلكتروني،ولم تكن التفاهة مسيطرة كما هي مسيطرة الآن.
بالله علينا ألا يجب أن نتألم على ما وصل إليه حالنا من تردي واقعنا الثقافي ونحن نقرأ هذه المفخرة الشعرية التي نظمت منذ ما يناهز 1500 سنة!:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ * بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوضِحَ فَالـمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها * لِـمَا نَسَجَتْها مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ

كَأَنِّيِ غَداةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـــــوا * لَدَى سَمُراتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوفًا بِها صَحْبيِ عَلَيَّ مَطِيَّهُـمْ * يَقُولُونَ لا تَهلِكْ أَسًى وتَجَمَّــــلِ

وَلَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ * عَلَيَّ بِأنْواعِ الهُمُومِ لِيَبْتَلِــــــي

فَقُلْتُ لَهُ لَـمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــــــهِ * وأَرْدَفَ أَعْجازًا ونَاءَ بِكَلْكَــــلِ

أَلا أَيُّها اللَّيْلُ الطَّويلُ أَلَا انْجَلِ  *  بِصُبْحٍ وما الإِصْباحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ

وقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُناتِها * بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَــ؟ـــلِ

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا * كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَــلِ

لهُ أَيْطَلَا ظَبْيٍ وسَاقَا نَعَامَةٍ * وإِرخَاءُ سِرْحَانٍ وتَقْريِبُ تَتْفُــــلِ

من معلقة امرئ القيس بن حجر الكندي

إضافة إلى مّا يحكى من سلسلة طرائف تاريخ الحمقى والمغفلين الذين ذكرهم ولم يذكرهم الإمام عبد الرحمن بن الجوزي : أنَّ رجلاً من هؤلاء سأل فقيها وعالما أندلسيا : عن معنى الكموج؟، فسأله العالم أين وجدت الكموج ؟.. فأجاب الرجل: في معلقة إمرئ القيس الشهيرة :

” وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدولَه..”،

فتفاجأ العالم من بلادة السائل فأجابه بنبرة تهكمية : الكموج دابّة تقرأ ولا تفهم..!

وَلَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ * عَلَيَّ بِأنْواعِ الهُمُومِ لِيَبْتَلِــــــي

شبَّه الشاعر الليل بموج البحر في كثافة الظلمة والوحشة والسدول و الستائر أرخت لتزيد من عتمة ورهبة المكان بأنواع الحزن والغم لإمتحان وإختبار درجة صبر وتحمل الشاعر الفارس.

وهناك قصة تقول إن الإمبراطور جستنيان هو من قتل امرؤ القيس بعد مغادرته القسطنطينية،بعد أن أهدى له سترة مسمومة ، وأن امرأ القيس مات من شدة المرض من جراء السم.

فعلا مات الشعر والأدب و الرقي بسم التفاهة المنتشرة في كل حدب وصوب و أصبح التافه ملكا على عرش السخافة والإبتذال وأخذ اهتمام الوسائط والصحف التي لا يهمها إلا الربح السريع والبوز مع أن دورها الرئيسي هو تثقيف الناس وليس استحمارهم واستبلادهم.

من مظاهر الكموج أن رجلا قرأ قوله تعالى في سورة يوسف :
“فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون”.
فلما أنجبت زوجته ولدا سماه “نكتل”ولما سئل لماذا هذا الإسم أجابهم لأن هذا أخو يوسف {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ}

رحم الله امرأ القيس و من ماثله وقصم ظهر الكموج ومن شابهه.

توقفوا عن جعل الكمامجة مشاهير.”

Comments (0)
Add Comment