بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 ماي 2022

يخلّد العالم اليوم العالمي للصحافة في الثالث من ماي من كلّ سنة منذ عام 1993، وقد تمحور موضوع احتفال هذه السنة وفق ما أقرّته منظمة اليونيسكو حول: “الصحافة تحت الحصار الرقمي” لتسليط الضوء على الجوانب المتعددة لتأثير ما استجد من تطورات في وسائل الرقابة الحكومية وغير الحكومية، وجمع البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي على الصحافة وحرية التعبير والخصوصية. وكذلك على التحديات المتصلة ببقاء وسائل الإعلام في العصر الرقمي ونجاحها، والتهديدات التي تقوض ثقة الجمهور نتيجة الرقابة والهجمات الرقمية على الصحافيين، وعواقب ذلك كله على ثقة الجمهور.

كما تزامن اختيار هذا الموضوع مع الذكرى الـ 31 لإعلان ويندهوك للتأكيد على استمرار الارتباط الوثيق بين حرية البحث عن المعلومة ونقلها وتلقيها من جهة والمنفعة العامة من جهة أخرى، والدعوة إلى تجديد الالتزام العالمي اتجاه حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الحصول على المعلومات أمام التحديات الجديدة فهي التي يواجهها قطاع وسائل الإعلام ودور شركات الأنترنيت وحاجتها إلى مزيد من الشفافية مع ضرورة دمقرطة الوصول إليها في جميع أنحاء العالم.

  وبهذه المناسبة تخلّد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى جانب كل الصحفيين والصحفيات واطاراتهم، ومعهم كل المناصرين لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والأنترنيت عبر العالم اليوم العالمي لحرية الصحافة هذه السنة في ظلّ سياق دولي وإقليمي يتميز بـ:

•     تزايد استهداف حياة وسلامة العديد من الصحفيات والصحفيين، وتصاعد جرائم قتلهم/ن في مختلف بقاع العالم، حيث قُتل 24 صحفيًا وصحفية أثناء القيام بعملهم/ن سنة 2021، وفق منظمة مراسلون بلا حدود، كما أعلن اليونسكو قبل أيّام (28 أبريل 2022) عن مقتل الصحفيين رومان نيزيبوريتس وزوريسلاف زاموسكي، اللذين عُثر على جثتيهما من لدن سكان منطقتي ياهدن وبوتشا الأوكرانيتين؛

•     استمرار التضييق على حرية الصحافة، ومضايقة العديد من الصحفيين والصحفيات وتعريضهم للعنف ولتهديدات والتحرش، أثناء تغطية المظاهرات والاحتجاجات الاجتماعية أو أثناء القيام بتحقيقات حول قضايا الفساد، وللاختفاء القسري، والاعتقال والاحتجاز التعسفي على إثر محاكمات جائرة. فيما آخرون يظلون خلف القضبان بدون محاكمات، رغم النداءات المتكررة للمندوبية السامية لحقوق الإنسان والحركة الحقوقية العالمية للإفراج عن المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، من بينهم الصحفيين/ت. فوفق إحصائيات منظمة مراسلون بلا حدود فإنّ هناك 478 صحفيًا وصحفية رهن في الاعتقال (إلى حدود 2 ماي 2022)؛

•     تكثيف الرقابة على وسائل الإعلام وعلى شبكة الإنترنيت وحجب المواقع الإلكترونية واستخدام برمجيات خبيثة للتجسس على الصحفيين والنشطاء الحقوقيين والمعارضين وإخضاعها لسيطرة الحكومات (أنموذج برمجية “بيغاسوس” التي تنتجها شركة “إن إس أو” الإسرائيلية)؛

•      استمرار ملاحقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي للصحافيين الفلسطينيين والتضييق عليهم، بشكل ممنهج، ما تسبب في إصابات في صفوفهم، حيث يوجد حاليا حوالي 15 صحافيا رهن الاعتقال، من بينهم، الصحافية بشرى الطويل المعتقلة إداريا في ظروف قاسية؛ كما سائر الأسرى و الأسيرات، في محاولة للتغطية على جرائم الاحتلال اليومية في حق الشعب الفلسطيني.

وعلى المستوى الوطني، يتميّز الوضع باستمرار انتهاكات حرية الصحافة تشريعًا وممارسة، حيث صنفت منظمة مراسلون بلا حدود المغرب ضمن البلدان التي تعاني من وضعية صعبة، حيث احتل المرتبة 135 ضمن 180 بلدا في مؤشر حرية الصحافة في العالم لعام 2022، وهو ترتيب تؤكده الأوضاع المتردية لحرية الصحافة المتجلية في حصار الصحافة المستقلة والقمع الممنهج للصحفيين المستقلين والمدونين ومستعملي وسائط التواصل الاجتماعي للتعبير وتبادل الأخبار وتلقيها، تزامنًا مع تنامي “إعلام” التشهير الموالي للأجهزة الأمنية والمخابراتية المغربية التي أصبحت تقوم بأدوار قمعية.

ولازالت العديد من الاختلالات تشوب سياسة الدولة اتجاه الصحافة والصحافيات والصحافيين قائمة من خلال:

•     غياب الضمانات الدستورية والقانونية الكافية لحماية الحق الأساسي في حرية الصحافة؛

 •استمرار اللجوء إلى القانون الجنائي، عوض قانون الصحافة والنشر لمتابعة الصحفيين لتجريم التعبير المشروع عن الرأي بما في ذلك عبر الانترنيت ومواصلة حملات المتابعات والاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير العادلة ضد الصحفيين/آت والمدونين/آت؛

•     غياب أي تحقيق فيما نشرته المنظمات الحقوقية الدولية وبيانات المعنيين في ما أقدمت عليه السلطات الأمنية المغربية من مراقبة لمحتويات شبكة الانترنيت واستهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ببرنامج التجسس “بيغاسوس Pegasus ” التابع لشركة NSO الإسرائيلية، واعتراض الاتصالات وانتهاك الحق في الخصوصية دون اعتبار للمعايير الدولية ذات الصلة و مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب؛

•     استمرار الاعتقال التعسفي والتحكمي للصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني بتهم لا علاقة لها بعملهما الصحفي، بهدف النيل من سمعتهما ووضعهما في زنازين انفرادية بشكل يتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والمقتضيات الدستورية والقانونية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرينة البراءة.

•     تواتر الاعتقالات بسبب التعبير عن الرأي وتعريض المعتقلين لمحاكمات جائرة والزج بهم في السجون ظلما، وآخرهم ربيع الأبلق (يُحاكم في حالة سراح) الذي أدين بـأربع سنوات حبسًا بسبب تدوينات انتقد فيها سياسة الدولة على فيسبوك، وسعيدة العلمي التي حُكم عليها بالحبس النافذ لمدة سنتين بفعل تدوينات انتقدت فيها أدوار بعض مؤسسات الدولة خاصة الأمنية؛

•     استمرار استدعاءات السلطات للمدونين بسبب التعبير عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي وإصدار أحكام جائرة ضدهم؛

•     استمرار الاعتقال التعسفي للصحفي توفيق بوعشرين بالرغم من وجود رأي لفريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي الذي اعتبر اعتقاله تعسفيا ومرتبطا بعمله كصحفي، وطالب الدولة المغربية بالإفراج عنه وتعويضه؛

•     استمرار أطوار محاكمة المؤرخ والصحفي معطي منجب، الناشط في الجمعية المغربية لصحافة التحقيق ورفاقه بتهم خطيرة، تتعلق بالمس بسلامة أمن الدولة الداخلي، وزعزعة النظام العام، والتضييق عليه بمتابعة أخرى ومنعه تعسفيا من السفر؛

•     استمرار الدولة ومؤسساتها في فرض احتكارها، ووصايتها على جل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وعدم انفتاح الإعلام العمومي على مختلف الآراء والمواقف بما في ذلك المعارضة للسياسات الرسمية، وممارسة الضغوطات القضائية على بعض المؤسسات الإعلامية لدفعها إلى الإفلاس، والتمييز في صرف الدعم للصحف الورقية وللعاملين فيها خلال جائحة كوفيد19، بناء على توجهها التحريري ومن ضمنها حرمان جريدة أخبار اليوم المتوقفة عن الصدور ؛

إن المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهو يحتفي باليوم العالمي لحرية الصحافة، في ظل استمرار تطبيق حالة الطوارئ الصحية، إذ يحيي كافة الصحافيات والصحافيين المدافعين عن القيم الحقوقية، في المغرب وعبر العالم، ويثمن جهودهم في تغطية ونقل أخبار الحركة الحقوقية وباقي الحركات الاحتجاجية تنويرا للرأي العام فإنه:

1-             يعبر عن تضامنه مع كل الصحفيين/ت والمدونين/آت، الذين مستهم الاعتقالات التعسفية والمتابعات والاستنطاقات والتضييقات والتهديدات (كما في حالة الصحفية عايدة علمي، مراسلة النيويورك تايمز بالمغرب أو في حالة الصحفي عبد اللطيف الحماموشي) والمحاكمات الجائرة على خلفية التعبير عن آراءهم ويطالب بالاستجابة لنداءات الحركة الحقوقية الوطنية والدولية، بالإفراج عنهم بدون شروط، ووقف المتابعات الجارية ضدهم، ووضع حد للاعتداء على حقوق الصحافيات والصحافيين، ولإفلات المعتدين على نساء ورجال الإعلام من العقاب؛

2-             يطالب بوضع حد لإعلام التشهير الموجه من لدن الأجهزة الأمنية والمخابراتية الذي يعمل على استهداف الصحفيين المستقلين والسياسيين المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان؛

3-             يطالب بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين، وفي مقدمتهم عمر الراضي وسليمان الريسوني، إعمالا لقرار الفريق الأممي المعني بالاعتقال التعسفي بشأن توفيق بوعشرين. وإسقاط التهم المتعلقة بمحاكمة معطي منجب ورفاقه؛

4-             يطالب بالإفراج عن كل المدونين المعتقلين تعسفيا من ضمنهم سعيدة العلمي ونور الدين العواج ويونس البركاوي، إلخ… وإسقاط التهم المتعلقة بربيع الأبلق.

كما يطالب المكتب المركزي بـ:

 –       مراجعة القوانين المتعلقة بالصحافة والنشر قصد ملاءمتها مع التزامات وتعهدات المغرب بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية المُتعلقة بحرية الرأي والتعبير، وإلغاء كل مقتضيات القانون الجنائي السالبة للحرية وكل المقتضيات التي تمنع الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام من أداء مهامهم باستقلالية وبدون ضغوط؛

  •       التخلي عن الانتهاك غير المشروع للحق في الخصوصية المنصوص عليه في المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أثناء أنشطة الرقابة واعتراض الاتصالات التي تقوم بها قوات الأمن والمخابرات، خاصة في حق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والعمل على فتح تحقيق مستقل ونزيه وشفّاف بشأن استعمال برنامج التجسس Pegasus ” التابع لشركة NSO الإسرائيلية؛
  •         يلح على وجوب جعل الصحافة، وعلى رأسها وسائل الإعلام العمومية، في خدمة قيم حقوق الإنسان، وفتح المجال أمام كل الهيئات والمشارب الفكرية والسياسية والثقافية للتعبير عن آرائها والاستفادة من خدمات الإعلام العمومي.
  •    يطالب بوضع حد للاعتداء على حرية الصحافة، والتحريض على الكراهية والعنف والوصم ضد الصحافيات والصحافيين ويدعو إلى النهوض بأوضاع الصحفيين/ت المهنية، والاجتماعية؛

المكتب المركزي

الرباط، في 03 ماي 2022

Comments (0)
Add Comment