الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي.. السيد العماري يؤكد أن التدبير الديموقراطي للتعدد الثقافي تشكل إحدى أولويات المملكة وأحد رهاناتها الكبرى

0 484

قال السيد عبد العزيز العماري النائب الأول لرئيس مجلس النواب ورئيس الوفد البرلماني المغربي في الدورة ال 137 للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي، اليوم الثلاثاء بسان بيطرسبورغ، إن “التدبير الديموقراطي للتعدد الثقافي شكل إحدى أولويات المملكة وأحد الرهانات الكبرى، منذ تولي جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين في يوليوز 1999”.

وأضاف السيد العماري، في كلمة خلال المؤتمر العام للاتحاد البرلماني الدولي ،أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس “بادر إلى وضع أسس جديدة لتدبير الدولة والمجتمع، خصوصا ما يتعلق بمقومات الهوية الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”، مشيرا إلى أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، و ذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح و الاعتدال و التسامح و الحوار و التفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء.

وأبرز أن المغاربة باتوا اليوم أكثر وعيا بتنوع مكونات وروافد الهوية الوطنية وبقيمتها النوعية في حياتهم اليومية وفي شخصيتهم الجماعية ومتخيلهم وتقاليدهم وعاداتهم وطبخهم وموسيقاهم وتعبيراتهم الثقافية واللغوية والروحية والرمزية، وفي اعتدالهم الديني واقتناعهم بإمكانية التعايش المتساكن والقدرة على فهم الآخر والقبول به ومقاومة مختلف أسباب التطرف في الأفكار والممارسات.

ومن هذا المنطلق، أضاف السيد العماري، أن المغرب “بات اليوم يمثل نموذجا محترما يتم الآن تمثله واستحضاره في بلدان صديقة وشقيقة، كما تطلب بعض البلدان الأوروبية الصديقة التعاون معه لمواجهة مختلف الظواهر الراديكالية الدينية المتصاعدة والعنف والإرهاب”.

وأكد أن المغرب ،ومنذ حصوله على الاستقلال “تبنى التعددية السياسية والديموقراطية التمثيلية ،مما سهل احتواء كل أنواع المنافسات داخل قواعد العمل السياسي الديموقراطي، وداخل المؤسسات، كما أصبحت التعددية السياسية وضمنها التعددية الحزبية آلية من آليات الحياة الديموقراطية”.

وقال إننا نجحنا “رغم المصاعب والشروط التاريخية القاسية أحيانا” في “بلورة وانبثاق ثقافة وطنية متعددة المكونات والعناصر ينتمي إليها الجميع ويتملكها دون أن يتم تغليب مكون على حساب مكون آخر”.

من جهة أخرى، أكد السيد العماري أن البرلماني المغربي، كفاعل سياسي وثقافي واجتماعي لعب دورا حيويا في إرساء وتقوية هذا النهج الديموقراطي وترجمته إلى قوانين تنظيمية وتشريعات موحدة، مضيفا أن “ما نعيشه اليوم في المغرب هو إطار من التفاعل بين الأفراد والجماعات ضمن بنية اجتماعية راسخة”.

وفي نفس السياق ،أبرز السيد العماري، أن “ليس في المغرب صراع ثقافات أو إثنيات أو لغات بل لديه تنوع ثقافي بين أبعاد متعددة، أي بين أنواع من النظر والتفكير حول نسقنا المجتمعي والثقافي”، مسجلا أن “الدستور الحالي جاء ليؤكد على ما سبق أن تبلور من إرادة ملكية وإرادة وطنية على ضرورة التدبير الديموقراطي لتعددنا السوسيو- ثقافي مع الحرص على مركزية الإسلام ببعده الديني والروحي والحضاري والرمزي، واعتداله ووسطيته. وذلك ما أصبح خيارا لدولتنا وتمثلا لمجتمعنا المغربي”.

ومن جهة أخرى، نوه رئيس الوفد المغربي بالدور الحيوي الكبير الذي يضطلع به الاتحاد البرلماني الدولي منذ إنشائه قبل 128 سنة خلت ،وبالخصوص في العقود القليلة الماضية ،التي كان للمغرب الشرف بأن يترأس أحد برلمانييه هذه المؤسسة الدولية الهامة التي عملت على “رفع أصوات البرلمانيين في العالم ودعم الديموقراطيات الناشئة وح فز على زرع الثقافة الديموقراطية في تربة عدد من المجتمعات ،التي تأخرت في ممارستها الديموقراطية”.

كما نوه بأهمية الموضوع العام للدورة الحالية للجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي ،الذي يتمحور حول مختلف الأ سباب والمبادئ والتصورات والأقوال والأ فعال والمكاسب التي من شأنها أ ن تغذي أ فق التعدد الثقافي والسلام، وذلك عبر الحوار بين مختلف المكونات الدينية والإثنية ،الذي يتميز بالتحضر والتسامح والانفتاح داخل المجتمع الواحد وبين مجتمع وآخر.

واعتبر في هذا الصدد أ ن العالم المعاصر نجح حتى الآن في بناء ترسانة من الأ فكار والمفاهيم وآفاق التفكير الفلسفي والاجتماعي والديني والأ خلاقي، وإرساء أسس منهجية ونظرية قوية ضمن مواثيق وإعلانات دولية صادق عليها المنتظم الدولي، سواء في إطار منظمة التربية والثقافة والعلوم اليونيسكو أو في إطار الاتحاد البرلماني الدولي نفسه وكذا في إطار منظمة الأمم المتحدة.

وشدد في هذا السياق على أن “ما يهمنا منها هو ما بلورناه جميعا كبرلمانيين لتحديد دور البرلمان في هذه المهمة الإنسانية الأساسية”، مؤكدا أنه “بالرغم من اختلاف تجاربنا الحضارية والثقافية ونماذجنا المجتمعية، فإن هذه الاختلافات ،مهما كانت قوية وبارزة، لا ينبغي أ ن تجعل الخصوصيات مبررا للالتفاف على متطلبات الحياة الديموقراطية الشفافة وواجب الانفتاح والتسامح واحترام الاختلاف والتعدد في الممارسات والطقوس ونماذج الحياة المتنوعة”.

وتتواصل أشغال الجمعية العامة للإتحاد البرلماني الدولي ،غدا الأربعاء ،حيث ستعرف انتخاب رئيس جديد للاتحاد خلفا للرئيس الحالي المنتهية ولايته صابر شودري، من بنغلاديش.

قد يعجبك ايضا

اترك رد