ميركل و اردوغان و قضية اللاجئين

0 2٬230

fawzi-naji-

د. فوزي ناجي

ان تفاقم مشكلة اللاجئين في المانيا و انخفاض نسبة التأييد للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل في استطلاعات الراي الأخيرة دفعت بميركل لزيارة تركيا بتاريخ 18 أكتوبر/ تشرين اول 2015 و اجراء محادثات سياسية مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

كانت اعداد اللاجئين الذين وصلوا الى المانيا من 5 سبتمبر/ أيلول 2015 حتى 15أكتوبر/ تشرين اول 2015 بمعدل عشرة آلاف لاجئ يوميا. هذا العدد الضخم اربك السلطات الألمانية في إيجاد الأمكنة اللازمة لاستيعابهم بشكل انساني لائق. كما ان قرب حلول فصل الشتاء ببرده القارص زاد من حدة التوتر للسلطات الألمانية التي ترغب في توفير العيش الكريم للاجئين الجدد و في نفس الوقت توزيعهم على المناطق الألمانية المختلفة بحيث لا يسبب سخط المواطنين الألمان. إذ ظهرت بعض الاحتجاجات من المواطنين عندما تقرر ارسال الف لاجئ الى قرية المانية يقطنها مائة مواطن الماني فقط. كما ظهرت في المظاهرات الاحتجاجية للمنظمة العنصرية الألمانية بيجيدا في مدينة دريسدن رسوما تظهر حبل المشنقة مع كتابة اسم ميركل و نائبهاسيجمارجابرئيل زعيم الحزب الاشتراكي الاجتماعي الألماني عليها. لا تقتصر الانتقادات لسياسة ميركل تجاه اللاجئين على المنظمات العنصرية المتطرفة و انما وصلت الى الحزب التوأم لحزب ميركل و هو الاتحاد المسيحي الاجتماعي، إذ وصفها في التسرع في تصريحاتها و عدم التشاور مع الولايات الألمانية في إيجاد السبل المناسبة لحل مشكلة تدفق اللاجئين الى المانيا.

حسب تقدير المؤسسات و الأحزاب الألمانية المختلفة فان عدد اللاجئين الى المانيا في عام 2015 سوف يتراوح ما بين ثمانمائة الف الى مليون و نصف المليون شخص. تحصل سورية على المرتبة الأولى في اعداد اللاجئين يليها البانيا ثم كوسوفو و صربيا و أفغانستان. و تأتي العراق في المرتبة السادسة.

سيحتاج هؤلاء اللاجئون الى أماكن للسكن و دورات لتعليم اللغة الألمانية ليتم بعدها تدريبهم على الحرف و المهن المختلفة من اجل محاولة استيعابهم في سوق العمل الألماني.

للحد من تدفق اللاجئين الى الأراضي الألمانية طالب راينزفيندت رئيس نقابة الشرطة في المانيا بإقامة سياج عازل على الحدود الألمانية النمساوية. و قد قوبل هذا الاقتراح بالرفض من الحكومة الألمانية حسب ما صرح به وزير الداخلية الألماني دي ميزيير. لكن إقامة منطقة ترانزيت على الحدود لتنظيم دخول اللاجئين تبحث حاليا في الوسط السياسي الألماني و هذا يواجه بدوره معارضة شديدة من قبل المعارضة في البوندستاج.

ان أهمية تركيا في الحد من تدفق اللاجئين الى أوروبا واضحة للألمان و لكافة الأوروبيين الآخرين، لكن ما تطلبه تركيا مقابل ذلك يعتبره الأوروبيين مبالغا فيه.

يطالب الأوروبيين تركيا بالعمل على تحسين أحوال اللاجئين و السماح لهم بالاقامة و العمل على أراضيها و مراقبة حدودها بشكل فعال يمنع من تدفق اللاجئين عبرها الى أوروبا.

مقابل ذلك تطالب تركيا بثمن باهظ يتضمن ما يلي:

أولا: مبلغ ثلاثة مليارات يورو من اجل نفقات اللاجئين على أراضيها.

ثانيا: اعتبار تركيا دولة آمنة و عدم وجود ملاحقات سياسية بها.

ثالثا: عضوية تركيا بالاتحاد الأوروبي.

تتعارض المطالب التركية مع الأوروبية في كون الأوروبيون يطالبون بحرية الصحافة في تركيا وعدم التعامل التركي العسكري مع القضية الكردية. لم تكن ميركل في يوم من الأيام مناصرة لدخول تركيا كعضو فعال في الاتحاد الأوروبي.

تحتاج أوروبا و الغرب عموما لتركيا كعضو في حلف شمال الأطلسي لتمرير سياساتها في منطقة الشرق الأوسط اما عضوية الاتحاد الأوروبي فسيبقى بالنسبة لتركيا بعيد المنال على المدى المنظور.

في بداية شهر نوفمبر/ تشرين ثاني القادم سيتم إجراء الانتخابات البرلمانية التركية المبكرة و التي يأمل حزب العدالة و التنمية من إحراز انتصارا كبيرا فيها يؤهله من تشكيل حكومة قوية لتنفيذ سياساته المستقبلية. ولهذا السبب يسعى اردوغان الى تحقيق مكاسب سياسية باستخدام اللاجئين كورقة ضغط سياسية على أوروبا.و لكن في ظل الحكومة الانتقالية التركية الحالية لا تسعى أوروبا الى وضع استراتيجية أوروبية تركية مشتركة و تنتظر لما ستسفر عليه الانتخابات التركية القادمة.

*أكاديمي فلسطيني مقيم في المانيا

قد يعجبك ايضا

اترك رد